الخميس، 13 أغسطس 2009

اتفاقيات جنيف الرحمة بقلب المعارك




  • في أحد أيام يونيو/حزيران من عام 1863، استرعى انتباه رجل الأعمال السويسري هنري دونان ترك الجيشين الفرنسي والسويسري وراءهما مئات الجرحى والقتلى دون رعاية صحية في ساحة المعركة بمدينة سولفرينو شمال إيطاليا، فدعا إلى إنشاء جمعية تهتم بجرحى الحروب.
    وكانت تلك بذرة تأسيس الجمعية الدولية للصليب الأحمر، ومقدمة سن ما يعرف اليوم بالقانون الدولي الإنساني، الذي تطور شيئا فشيئا إلى أن تم عام 1949 اعتماد اتفاقيات جنيف الأربع التي تنظم سلوك الجيوش أثناء النزاعات المسلحة.
    حماية المدنيينوقد كانت ثلاث من هذه الاتفاقيات سارية قبل تنقيحها عام 1949، فاتفاقية جنيف الأولى تحمي الجرحى والجنود والمرضى في الحرب البرية، واتفاقية جنيف الثانية تحمي الجرحى والمرضى والجنود الناجين من السفن الغارقة في وقت الحرب، واتفاقية جنيف الثالثة توفر الحماية والرعاية لأسرى الحرب.
    وتتميز هذه الاتفاقيات الثلاث بكونها تحمي العسكريين فقط، غير أن الحرب العالمية الثانية التي وقعت بين سنتي 1939 و1945 وخلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، أوضحت أنه ليس هناك قانون يحمي هذه الفئة فظهرت إلى الوجود اتفاقية جنيف الرابعة آخذة على عاتقها حماية المدنيين.
    وتمت مراجعة الاتفاقية الرابعة في بروتوكولين إضافيين عام 1977، فعزز البروتوكول الأول حماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية في حين عزز الثاني حماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية, بما فيها الحروب الأهلية.

    كما أضيفت إلى هذه الاتفاقيات الأربع مادة أخرى سميت "المادة الثالثة المشتركة" غرضها حماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، وشهدت سنوات الثمانينيات والتسعينيات دخول معاهدات دولية أخرى حيز التنفيذ حرمت أسلحة تقليدية كالألغام الأرضية المضادة للأفراد والأسلحة الكيميائية.
    الانتهاك جريمةويشمل الأشخاص المحميون بموجب القانون الدولي الإنساني في حالة النزاعات المسلحة، الجرحى والمرضى والغرقى وأسرى الحرب والمدنيين وغيرهم ممن لا يشاركون في القتال أو لم يعودوا يشاركون فيه, وأفراد الخدمات الطبية والدينية, والعاملين في عمليات الإغاثة وموظفي منظمات الدفاع المدني ووسطاء العمل الإنساني.
    كما تنص هذه الاتفاقيات على حماية الممتلكات الثقافية، مثل المباني الأثرية والمتاحف، وكذا دور العبادة والمستشفيات، بما في ذلك المستشفيات العسكرية وسيارات الإسعاف، ثم المدارس والجامعات، ومحطات مياه الشرب، ومحطات إنتاج الكهرباء، ومحطات الصرف الصحي، ومخازن الغذاء والتجمعات السكنية للمدنيين.
    ويعتبر انتهاك المتقاتلين لهذه القواعد جريمة يعاقب عليها القانون الدولي، وإن لم تنشأ آليات قضائية خاصة بالقانون الدولي الإنساني الذي يكتفي حتى اليوم بتعيين لجان دولية لتقصي الحقائق ما زالت تواجه صعوبات جمة لتقوم بمهامها في مناطق الصراع رغم إجماع دول العالم على احترام مبادئ ومعايير القانون الدولي الإنساني.
    ورغم مرور ستين عاما على العمل باتفاقيات جنيف، فإنها لا تزال تواجه صعوبات في تطبيقها في عدة مناطق بالعالم، وما زال شعار اللجنة الدولية للصليب الأحمر "الرحمة في قلب المعارك" يواجه عراقيل في "معارك سولفرينو المعاصرة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري