الاثنين، 11 يناير 2010

"دولة عثمان" شاهد تاريخي ببرلين

برلين أدرجت منزل عثمان ضمن معالم الذكرى العشرين لسقوط جدارها الشهير

  • بمكوناته الخشبية المشيدة بشكل بدائي غير منظم، وعلمين صغيرين تركي وألماني معلقين فوق بابه، وشجرة متدلية من أحد جدرانه، يبدو منزل المسن التركي عثمان كالين ملفتا للنظر بجوار قلعة تاريخية قديمة، في أقصي أطراف حي كرويتسبيرغ الشعبي بالعاصمة الألمانية برلين.
    ويعكس البيت القديم معنى رمزيا مزدوجا، فبناؤه قبل ثلاثين عاما بين شرق وغرب برلين في منطقة غير خاضعة لسلطة ألمانيا الغربية أو شقيقتها الشرقية حينذاك يجعله شاهدا على الحقبة الأخيرة لتقسيم برلين وما تلاها من سنوات شهدت سقوط سور برلين وإعادة توحيد المدينة.
    وتسلط نسبة المنزل إلى بانيه عثمان العامل القادم من أعماق ريف الأناضول الضوء على جانب من قصة الأجيال المختلفة للهجرة التركية في برلين العريقة.
    ولفتت التقارير الصحفية المنشورة حول بيت عثمان نظر الحكومة المحلية لولاية برلين إلى القيمة التاريخية للبيت، فأدرجته ضمن المعالم السياحية الخاصة باحتفالاتها العام الماضي بالذكرى العشرين لسقوط جدار برلين.

    جدار برلين
  • وبدأت قصة بيت عثمان كالين مع قدوم الأخير أواخر الستينيات من إسطنبول إلى برلين الغربية، حيث استقر وعاش في حي كرويتسبيرغ الذي عرف لاحقا باسم "إسطنبول الصغرى" بسبب كثافته السكانية التركية المرتفعة.
    عثمان كالين جاء لبرلين أواخر ستينيات القرن الماضي قادما من تركيا
  • وبعد تقاعده أوائل الثمانينيات لاحظ عثمان مساحة شاسعة من الأرض المهملة تمتد بمحاذاة جدار برلين في نهاية حي كرويتسبيرغ، وعلم من بلدية الحي بتبعية هذه الأرض لألمانيا الشرقية التي اختصرت مرور جدار برلين بهذه المساحة بسبب نقص مواد البناء.
    وشرع عثمان كالين مع زوجته وأبنائه في إقامة سور حول جزء من الأراضي الممتدة، ولما تأكد أن حراس الحدود الألمان الشرقيين شاهدوه ولم يبالوا بما فعل، قسّم الأرض المسيجة لجزءين، جعل الأول مزرعة للخضروات والفاكهة، وبنى في الجزء الثاني منزلا صغيرا من الأخشاب والحجارة.
    وأشار محمد كالين بن عثمان إلى أن السنوات التالية مرت دون مشكلات على أبيه الذي اعتبر نفسه مالكا بوضع اليد على الأرض، وأوضح أن قسيس كنيسة كرويتسبيرغ كريستيان موللر تطوع بعد سقوط سور برلين لمساعدة والده في إعداد دفوع تدلل على حقه في البيت والمزرعة.
    وأشار إلى أن مساعي القس لاقت رفضا من حيي كرويتسبيرغ ووسط برلين اللذين تنازعا تبعية بيت عثمان كالين ودخلا في جدل قانوني استمر عشر سنوات وانتهى لصالح الحي الأول الذي قرر منح المنزل وضع الأثر التاريخي.
    ونوه محمد كالين إلى حضور عمدة كرويتسبيرغ كورنيلا راينأور عام 2004 إلى منزلهم، وتسليمها لأسرته عقدا يمنحها الانتفاع بالبيت والمزرعة مدى الحياة.

    "دولة عثمان"وتطلق الصحافة الألمانية اسم "دولة عثمان" على البيت الذي لا يمر عليه يوم دون زيارة من تلاميذ مدارس وسياح قادمين من داخل وخارج البلاد لمشاهدة آثار التقسيم والجدار والوحدة.
    ولا يبدي صاحب البيت العجوز الذي يعاني من أمراض الشيخوخة اهتماما بالدعاية لبيته القديم، تاركا هذه المهمة لابنه محمد الذي يسعى للترويج للبيت في برلين كأثر تاريخي.
    ويمضي عثمان كالين ساعات يومه بين التردد على المسجد المجاور للصلاة وتحية الزوار وتذكر جدارٍ قسم برلين وشغل الدنيا ثم أضحى أثرا بعد عين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري