الخميس، 14 يناير 2010

تسجيلي عن واقع غزة المر

  • المخرج السويسري نيكولا فاديموف أعاد رسم صورة حياة سكان قطاع غزة بعد الحملة الإسرائيلية الدموية عليهم في مثل هذا الوقت من العام الماضي, عبر شريط تسجيلي بديع حمل اسم "عايشين".
    العرض الأول للشريط نظم مساء الأربعاء في مدرج مفتوح في المدينة التعليمية في الدوحة بحضور المدير العام للقناة محمد بوناب ونخبة من الصحفيين والمهتمين.
    وعلى مدى 85 دقيقة عرض الشريط بانوراما الحياة الواقعية لسكان القطاع دون مبالغة, تاركا الكلام للصورة وللناس أنفسهم. ليخرج المشاهد بانطباع مفاده أن واقع غزة بعد الحرب وسنين الحصار الإسرائيلي هو فعلا أغرب من الخيال.
    "عايشين" نقل تفاصيل عادية عن حياة الناس وحواراتهم أو أفعالهم في أكثر من 17 موقعا مختلفا من القطاع. بدأها في مدينة الملاهي المدمرة والخالية وأنهاها هناك بعد أن أجرت الكاميرا جولة على كل ما يمكن أن يأتي بالحدث العفوي والبعيد عن السياسة المباشرة.
    جنون القردة
    في لقطة من حديقة الحيوانات في حي البرازيل تظهر الكاميرا حيوانات نفقت في الحرب فحنط بعضها وعلق على الجدران، وثمة قرود تتصرف كأنها أصيبت بمس من الجنون. أما ابن صاحب الحديقة فيقول إن الناس خائفون ولا يأتون. وعن سلوك الحيوانات في الحرب يقول ببساطة إن "بعضها أكل بعضها الآخر بسبب الجوع".
    بحر غزة المحاصر بدوره بواسطة الزوارق الإسرائيلية يظهر عبر الشبان العاطلين عن العمل الذين يجلسون ليتقاسموا سمكة يتيمة اصطادوها. ويتحدث بعضهم عن مسافة الكيلومترين التي تسمح البحرية الإسرائيلية للصيادين بالتوغل في نطاقها داخل البحر قبل أن تعيدهم إلى الشاطئ بالرصاص والقذائف.
    الأنفاق يراها مشاهد "عايشين" في لقطات توثيقية تظهر قصفا جويا إسرائيليا حيا على ما يعرف بممر فيلادلفيا، يسمعه الكبار والصغار ولا يخافونه رغم وقوعه على بعد مئات الأمتار من مدرستهم أو منزالهم.
    وموسيقى الراب لا تغيب عن حياة القطاع بل تدخل في نسيج الفيلم نفسه حاملة مفارقة التأثر بالغرب وتعريب الكلام ليلائم حياة غزة ومصيرها المعلق على إيقاع الحرب والأزمة الداخلية الفلسطينية.
    الراب
    وقد وظف المخرج موسيقى مجموعة الفتية الغزيين المعروفة باسم "دراغ تيم" وتابعها عبر الحوار الذي أجرته إذاعة محلية مع أعضائها وعبر تدريباتهم على ألبوم جديد في منزل أحدهم بأحد المخيمات وعبر ردود فعل الغزيين على وجود فرقة راب بين ظهرانيهم.
    "عايشين" واكب أيضا التحولات الإنسانية التي طرأت على حياة سكان القطاع من الذين فقدوا أبا أو أما كحال رندة المراهقة المطالبة الآن بأن تصبح الشقيقة الكبرى والأم في وقت واحد.
    "المعاناة" و"الحصار" كلمات فقدت رونقها لشدة تداولها في الإعلام المهتم بغزة. لكنها مع شريط" عايشين" باتت واقعا مرا ينتقل إلى عقل المشاهد ووجدانه. أليست هذه هي وظيفة السينما التسجيلية؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري