الأحد، 7 أكتوبر 2012

لحظة بلحظة.. يوم العبور

في ليلة السادس من أكتوبر عام 1973 ميلادياً.. العاشر من شهر رمضان هجرياً، 
تناول الشعب المصري وجبة السحور كأي ليلة عادية؛ فلم يتخيل أي فرد من أفراد 
الشعب المصري أن يكون نهار هذا اليوم هو نهار الحرية الكاملة لمصر 
والمصريين، وأن يتم في هذا اليوم استرجاع أخر جزء محتل في الأراضي المصرية 
وهو ''أرض سيناء''.
بدء اليـوم كالتالي .. الغالبية العظمي في عملهم، العاطليين على المقاهي، ربات 
البيوت داخل بيوتهم؛ وكـان ''الراديو'' هو وسيلة الترفية الأولى للشعب المصري؛ 
فكان الجميع يقومون بمباشرة ما يقومون به على صوته .. إلى أن سمع المصريون 
جميعاً هذا النبأ.
التوقيت 1:50 ظهراً.. ''أنباء عن ضربة جوية للقوات الجوية المصرية لأهداف 
إسرائيلية في منطقة سيناء .
وهنا بدأ المصريون في مخاطبة بعضهم البعض وتبادل نفحات الأمل بينهم ليثلجوا 
بها قلوبهم على أمل أن يقوم الجيش المصري بهزيمة العدو الإسرائيلي وتحرير 
منطقة سيناء.
وفي تمـام الساعة الثانية ظهراً.. جاء هذا النباً '' عبرت 220 طائرة حربية مصرية 
قناة السويس وقامت باستهداف القواعد الجوية والرادار والصواريخ الدفاع الجوي 
للجيش الإسرائيلي في توقيت واحد''.
ومن هنا تأكد الجميع أن مصر قد أعلنت الحرب على إسرائيل – إلا أن القوت 
المسلحة لم تقوم بإعلان الحرب رسمياً حتى الآن، وظل المصريون يتابعون 
تطورات الأحداث.
2:05 ظهراً: أكثر من 2000 مدفع وحوالي 400 دبابة مقاتلة مصرية، تستهدف 
أهداف العدو المرئية على خط بارليف وقواعد القيادة ومخازن الأسلحة، وفي نفس 
التوقيت كان هناك فرقة من الجيش المصري تعبر قناة السويس بقوارب تم معالجتها 
ضد الحرائق، مما أفقد العدو سيطرته على المنطقة وبدأ في التشتت.
2:10 ظهراً: تم إصدار أول بيان للقوات المسلحة المصرية وجاء فيه '' بسم الله 
الرحمن الرحيم.. قام العدو الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم، بمهاجمه قواتنا 
بمنطقتي الزعفرانة والسخنة بخليج السويس، بواسطة عدة تشكيلات من القوات 
الجوية؛ بينما كانت بعض زوراقة البحرية تقترب من الساحل الغربي للخليج، بينما 
تقوم قواتنا حاليا بالتصدي للقوات المغيرة'' .
2:18 ظهراً: عبور الفرق الرئيسية في الجيش المصري لقناة السويس ومهاجمة 
الخطوط الأمامية للعدو عن طريق فرق الصاعقة المصرية، مع مهاجمة المواقع 
الخلفية للعدو في نفس التوقيت لمنع وصول الامتدادات للخطوط الأمامية.
2:25 ظهراً: تم إذاعة البيان الثاني للقوات المسلحة المصرية والذي جاء فيه '' 
أيها الأخوة المواطنون .. بسم الله الرحمن الرحيم.. رداً على العدوان الغادر الذي قام 
به العدو ضد قواتنا في مصر وسوريا، تقوم حالياً بعض التشكيلات الجوية بقصف 
قواعد العدو وأهدافه العسكرية في الأراضي المحتلة''. ومن هنـا تم إعلان الحرب 
رسمياً من قبل القوات المسلحة المصرية على العدو الإسرائيلي.
2:40 ظهراً: قوات العدو تحاول التصدي للقوات المصرية عن طريق القوات الجوية 
الخاصة بها، إلا أن القوات المصرية قامت بإسقاط أكثر من 27 طائرة حربية للعدو 
لتسقط حينها أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي، مما دفع القادة داخل الجيش 
الإسرائيلي بإصدار تعليمات للطيارين بعدم الاقتراب من مناطق القصف المصري.
2:50 ظهراً: قوات الجيش المصري تتصدى لهجمات العدو المضادة؛ حيث نجحت 
القوات البحرية بتأمين طريق باب المندج البحري مما أدى إلى محاصرة ميناء 
''إيلات'' ومنع العدو من نقل البترول عبر خليج السويس؛ وقامت القوات البحرية 
أيضاً بتأمين عبور الجنود المصريين عن طريق إطلاق النيران على مواقع العدو في 
الضفة الأخرى لقناة السويس.
3:00 ظهراً: القوات المصرية تنجح في تحطيم الخطوط الدفاعية لقوات العدو، عن 
طريق جنود المشاه أو القصف الجوي أو القصف المدفعي.
3:02 ظهراً: جاء البيان الثالث للقوات المسلحة المصرية '' أيها الأخوة المواطنون 
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. إلحاقاً بالبيان رقم ''2'' نجحت قواتنا الجوية في 
مهامها بنجاح، وأصابت مواقع العدو وعادت جميع طائراتنا إلى مواقعها سالمة عدا 
طائرة واحدة''.
3:07 ظهراً: تـم إذاعة البيان الرابع للقوات المسلحة المصرية '' أيها الأخوة 
المواطنون .. بسم الله الرحمن الرحيم.. حاولت قوات معادية الاستيلاء على جزء من 
أراضينا غرب القناة، وقد تصدت لها قواتنا البرية وقامت بهجوماً مضاداً ضدها، بعد 
قصف مركز من مدفعيتنا على النقط القوية المعادية، ثم قامت بعض قواتنا باقتحام 
قناة السويس ومطاردة العدو حتى الضفة الشرقية في بعض مناطقها ومازال 
الاشتباك مستمراً''.
3:25 ظهراً: تم إسقاط بعض النقاط القوية لدي العدو وخاصة من الجيش الثاني 
والثالث للعدو الإسرائيلي لتصل بذلك عدد النقاط القوية التي تم إسقاطها حتى الآن 
هي ''11'' نقطة، وهنا تم رفع العلم المصري على الضفة الشرقية للقناة.
4:00 عصراً: البيان الخامس للقـوات المسلحة المصرية '' أيها الأخوة المواطنون.. 
بسم الله الرحمن الرحيم.. نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة، 
واستولت على نقط العدو القوية بها، ورفع العلم المصري على الضفة الشرقية''.
بعد سماع ذلك البيان .. قام الشعب المصري بالهتاف '' الله اكبر .. الله اكبر .. تحيا 
مصر تحيا مصر'' .
4:40 عصراً: البيان السادس من القوات المسلحة المصرية '' أيها الأخوة 
المواطنون .. بسم الله الرحمن الرحيم.. نتيجة لنجاح قواتنا في عبور قناة السويس، 
قام العدو بدفع قواته الجوية بأعدادٍ كبيرة فتصدت لها مقاتلاتنا واشتبكت معه في 
معارك عنيفة وقد اسفرت الاشتباكات عن إسقاط ''11'' طائرة للعدو، وقد فقدت 
قواتنا 10 طائرات في هذه المعارك.
5:30 مساءاً: نجح المهندسون العسكريون في تنفيذ أول ''فتحة شاطئية'' شمال 
شرق الإسماعيلية ومن بعدها توالت الفتحات الشاطئية على امتداد خط بارليف 
لتصل عددها ''81''، ومن هنا بدأ إنشاء المعابر لقواتنا المصرية.
وفي هذا التوقيت انقطعت الأخبار عن الشعب المصري، ولكن ظلت الاشتباكات مستمرة في المنطقة إلى أن جاءت الساعة السابعة والنصف مساءاً.
7:30 مساءً: البيان السابع للقوات المسلحة المصرية '' أيها الأخوة المواطنون .. 
بسم الله الرحمن الرحيم.. نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس على طول 
المواجهة وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ الشرقي للقناة وتواصل قواتنا حالياً 
قتالها مع العدو بنجاح، كما قامت قواتنا البحرية بحماية الأيسر لقواتنا على ساحل 
البحر الأبيض المتوسط وقد قامت بضرب الأهداف الهامة للعدو على الساحل 
الشمالي لسيناء وإصابتها إصابات مباشرة''.
8:00 مساءاً: استمرار إسقاط النقاط القوية للعدو الإسرائيلي، وسط هتافات الجنود 
المصريين '' الله أكبر .. الله أكبر''.
8:30 مساءاً: تم إنشاء أول كوبري على قناة السويس، في منطقة القرش شمال 
الإسماعيلية؛ وتم دفع بكتيبة دبابات عبر هذا الكوبري وهنا تم الاشتباك مع قوات 
العدو في معارك ليلية شرسة.
12:37 بعد منتصف الليل: تم إذاعة البيان الثامن للقوات المسلحة المصرية '' أيها 
الأخوة المواطنون .. بسم الله الرحمن الرحيم.. قام العدو في أخر ضوء اليوم 
بهجمات مضادة بالدبابات والمشاة الميكانيكية ضد قواتنا التي عبرت قناة السويس 
ومن  جهات مختلفة، وقد تمكنت قواتنا من صد جميع الهجمات وتدمير العدو 
وتكبيده خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات ولازالت قواتنا تقاتل بنجاح من مواقعها 
على الضفة الشرقية''.
وينتهي يـوم العبور ''يوم السادس من أكتوبر'' ولكن الحرب استمرت حتى الحادي 
عشر من شهر أكتوبر لسنة 1973 ما بين لحظات هدوء ولحظات اشتباكات، وسط 
فرحة عارمة للشعب المصري وخيبة أمل لدي الشعب الإسرائيلي، وانضمت قوات 
عربية إلى الجيش المصري مما أضعف قوات العدو أكثر وأكثر إلى أن تم تحرير أخر 
جزء من سيناء يـوم 25 إبريل 1989.
6 / 8
لحظة بلحظة يوم العبور بكل تفاصيله
لحظة بلحظة يوم العبور بكل تفاصيله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري