الأربعاء، 3 يونيو 2015

أرنولد.. من الخطيئة العظمى إلى الإسلام الأعظم


في أيام الحج المباركة قرأنا القصة المثيرة للمنتج السينمائي العالمي أرنولد فاندورن الهولندي الذي سبق أن أنتج فيلماً يسيء إلى سيد الكون نبينا وحبيبنا محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ، لقد انقلب أرنولد على دينه المسيحي وأعلن ـــ قانعاً وطائعاً مختاراً ــــ دخوله في دين الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هذا الانقلاب في حياة أرنولد يعتبر من العلامات المهمة في عصر ما يسمى بـ ''عصر الإرهاب''، الذي خصصه الغرب لشن حرب صليبية ضارية ضد الإسلام والمسلمين في كل أنحاء الدنيا.

طبعاً، يثير إسلام أرنولد فاندورن ضجة كبيرة في جميع الأوساط الفنية والدينية والسياسية في أوروبا وفي غيرها من الدول الإنجيلية الغربية المتزمتة. بعض المواقع الإلكترونية ذكرت أن أرنولد اكتشف بنفسه أنه كان متحاملاً على نبي الإسلام وعلى دين الإسلام، وأن الإسلام هو الدين الأقوم الذي جاء لتصحيح كل ما علق بالأديان التي سبقته من مزاعم وترهات وتقولات، ولهذا أخذ أرنولد يجلد ذاته ويتراجع عن مواقفه السابقة ويسعى إلى تصحيحها، وأهم محطات هذا التصحيح هي إنتاج فيلم يعطي الإسلام حقه ويصحح الأخبار المغلوطة عند الغرب عن نبيه الأعظم محمد ــــ صلى الله عليه وسلم.
إن تجربة أرنولد سبقتها تجارب كثيرة لناشطين غربيين تجنوا على الإسلام وعلى رموز الإسلام، ثم فجأة انقلبوا على أنفسهم وابتعدوا عن طريق الضلال واختاروا طريق الحق والخير والإسلام، لأن الأصل في الإنسان أنه يولد على فطرة الإسلام، إلاّ أن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، ولذلك فإن ما حدث لأرنولد هو أنه عاد إلى دين الفطرة.
وإذا كان أرنولد مثالا مهما في عصر ما يسمى عصر ''الإرهاب''، فإن هناك الكثير ممن تحرروا طواعية من دينهم واعتنقوا الدين الأقوم، ونذكر ــــ على سبيل المثال ـــــ مارك سلجاندر السياسي الأمريكي المخضرم وعضو مجلس النواب الأمريكي وأحد أساطين المحافظين الجدد الذين تقدمهم الرئيس الأمريكي بوش الابن وشنوا هجوماً ظالماً ضد الإسلام ومسلميه، هذا الرجل صعد فجأة فوق منبر من منابر الإسلام وأصدر كتاباً بعنوان ''سوء فهم قاتل''، وقال في مقدمة كتابه إنه أخطأ في حق الإسلام، لأن الإسلام هو الدين الأقوم، وقال إن المسيح - عليه السلام - كان مسلماً، وإن الإسلام يعني الاستسلام المطلق لله، وإن القرآن وصف عيسى بن مريم - عليه السلام - بأنه مسلم، وهو وصف يعبر عن حقيقة دينية عالمية ينبغي أن يؤمن بها أهل الأديان كافة، ويقول سلجاندر إنه ذهب ذات مرة إلى مدرسة لاهوت مسيحية في بنسلفانيا، وسأل الطلاب: كم عدد المسلمين بينكم، فكان السؤال مفاجأة للطلاب وللأساتذة الذين صعقوا من السؤال الغريب، ولم يجب أحد، لأن المدرسة لاهوتية مسيحية ولا يعقل أن يكون بين الطلاب مسلم واحد، ولكن سلجاندر قال لهم بصوت متقطع: أتعرفون معنى كلمة ''مسلم'' فرفع أحد الطلاب الأذكياء يده وقال: معنى مسلم أي يستسلم لله، فقال سلجاندر: هل تعرفون أن القرآن يصف المسيح بـ ''المسلم''، وكذلك يصف القرآن موسى وإبراهيم ونوح - عليهم السلام -، فهم مسلمون قبل نزول القرآن وظهور الدين الإسلامي، ثم سأل سلجاندر هؤلاء الطلاب: من منكم يريد أن يستسلم لله، فرفعوا جميعاً أيديهم دون استثناء، فقال بصوت عال: إذن كلنا مسلمون، كلنا نريد أن نسلم لله وحده، وهكذا اعترف سلجاندر بأن الإسلام هو الدين الكوني الوحيد، وهو دين الحق والسلام.
إن قصة أرنولد فاندورن، وقصة مارك سلجاندر تذكرانا جميعاً بقضية المناظرة العالمية التي قادها العلامة المسلم المرحوم أحمد ديدات في مواجهة القس جيمي سواجارت في عام 1986 ونقلتها وسائل الإعلام العالمية الكبرى، واستطاع أخيراً العلامة المسلم أن يلحق برمز المسيحية جيمي سواجارت هزيمة عالمية غير مسبوقة، ولقد حققت هذه المناظرة في ذلك الوقت نجاحاً منقطع النظير، حينما سجلت أشرطة الفيديو أعلى المبيعات على المستويات العالمي الإسلامي والمسيحي، ولقد تزامن مع موعد إذاعة هذه المناظرة أن فجرت بعض الحسناوات الأمريكيات فضائح جنسية ارتكبها القس سواجارت ضدهن، وبسبب هذه الفضائح اجتمع مجلس الكنائس الأعلى على عجل وأصدر مجموعة من القرارات التأديبية ضد سواجارت من بينها إسقاط عضويته من مجلس الكنائس وإيقاف برامجه التلفزيونية، ثم أهمها إيقاف مناظراته مع العلامة أحمد ديدات، الذي سجل الكثير من النقاط على رمز الكنيسة القس سواجارت.
وهكذا كانت هذه العقوبات وكأنها عقوبات أصدرها المسلمون ضد شخص اشتهر بنقده الظالم للقرآن الكريم ورسول الإسلام محمد ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ، وبسبب هذه الهزيمة التي تجرعها القس سواجارت من العالم الإسلامى الجليل أحمد ديدات فقد خشي مجلس الكنائس الأعلى أن يقدم سواجارت على اعتناق الإسلام كغيره كثير من العلماء الغربيين، فسمحوا له بأن يظهر على التلفزيون ليعتذر للجمهور الأمريكي الذي كان مندهشاً ومشدوهاً بما يجري، ولكن القس سواجارت لم يستطع أن يتمالك نفسه فظهر على شاشة التلفزة وهو ينتحب ويبكي ويطلب التوبة والمغفرة من الرب والناس.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه: ماذا يستفيد المسلمون من هذه التجليات والنجاحات التي يحققها الإسلام في عقر دار الغربيين؟
إن المسلمين إذا تأملوا أسباب الحملات التي تشنها الحكومات الغربية في هذه الأيام ضد الإسلام والمسلمين، والتي من خلالها ألصقوا به وبأهله تهمة الإرهاب، يدركون أن الغرب يسعى إلى ضرب الإسلام في مقتل، لأن المجتمعات الغربية تتجه إلى الإسلام بقلب مفتوح، وأن إهمال ضرب المد الإسلامي داخل المجتمعات الغربية سيرفع المسلمين في ديار الغرب إلى مستوى الأكثرية، أي أن الغرب يدرك تماماً أن الحرب على ما يسمى ''الإرهاب'' هي حرب لمنع أسلمة المجتمعات الغربية، لأن المجتمع الغربي إذا تأسلم، فإن بلاد الغرب ستتحول إلى بلاد إسلامية بقوة الأغلبية، وعندئذ نقول ــــ إن شاء الله ــــ للمسيحية السلام في كل أرجاء الكرة الأرضية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري