السبت، 25 يونيو 2011

حين تريد أمريكا تحريري وإسعادي !!

ما من دولة في العالم تلطخت يداها بالدماء البريئة كما هي أمريكا , وما من سياسة عدوانية باطشة مستبدّة أكثر بشاعةً و غطرسةً من السياسة الأمريكية .

دولةٌ غرق تاريخها كاملا في وحل استعباد الدول واضطهادها وفرض أشكال الاستعمار والعنصرية والتدخلات عليها .

لذا فلا نخالف الحقيقة إن قلنا أن شعوب العالم بأسرها تضمر شعورا ساخطا ناقما على هذه السياسة الإمبريالية الغاشمة . ولذلك تظل هذه الشعوب دوما تتوجس الريبة والحذر من المواقف الأمريكية تجاه بلدانهم . فتلك الشعارات التي تروّج لها أمريكا بأنها "راعية" العدالة والقوانين الإنسانية الدولية , و "حامية" الحريات واستقلال ومصالح الشعوب , لا يكاد حتى الأمريكان أنفسهم يؤمنوا بها أو يصدقوها !! وفيما عدا بعض الحكومات العميلة الفاسدة , وفئات قليلة من المفتونين بزيف الحضارة الأمريكية وديمقراطيتها الخادعة , فإن أحرار وشرفاء العالم لا زالوا مدركين للمخططات الأمريكية وأهدافها الطامعة , رافضين لأي تدنيس أمريكي لأوطانهم وهوياتهم وحرياتهم .

كيف لي أن أصدّق أن أمريكا وحلفاءها الأوروبيين , والذين قادوا آلتهم العسكرية وخططهم السياسية القذرة لقتل المسلمين في كل مكان , وإضعافهم وإنهاكهم سياسيا واقتصاديا , وغزوهم فكريا وثقافيا .. كيف أقتنع فجأة أنهم باتوا حريصين على مصالحنا وتلبية احتياجاتنا؟!

كيف لي كمسلمة , أشاهد الوحشية الصهيوأمريكية تقف بشكل مباشر وغير مباشر وراء قتل المسلمات وتعذيبهن وأسرهن ومرضهن وفقرهن , في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها ... ثم أقتنع بأن أمريكا هذه تدعمني كمسلمة سعودية وتساعدني وتهتم لمصالحي ؟!

تلك السياسة العوراء الحمقاء التي عجزت عن حل مشكلة المرأة الأمريكية في الداخل وفشلت في حمايتها وإنقاذها من ملايين الجرائم المرتكبة ضدها : كجرائم العنف : "القتل والضرب والاغتصاب " و جرائم التمييز و المشكلات الصحية والنفسية المتراكمة والمتزايدة بنسب عالية وخطرة . ثم تأتي اليوم لترسل رسالتها من الكونجرس معلنةً دعمها ومساندتها القوية لحقوق المرأة السعودية .

لقد جاء في الرسالة التي وجّهها بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي لصاحبة حملة قيادة السيارة ـ والتي اختارت لمطالباتها أسلوبا يفتقد الحكمة والتأني ويتعمد تحدي الأنظمة والمجتمع وفرض الأمر بالقوة ـ : ( إننا كأعضاء في الكونجرس، نفخر بوقوفنا إلي جانبك وجميع النساء السعوديات الذين تمثلينهم لمواصلة أهدافك ، ونتمنى أن نقدم لك الدعم لمساعدتك لمواصلة جهودك لدعم المرأة السعودية، متطلعين إلى مزيد من التقدم ) .

ألا يحق للسعوديين بعد هذه الرسالة تحديدا وما سبقها من أحداث أن يشتبهوا بكل الدعوات التي تربط نفسها بجهات خارجية معينة , وينتفضوا ضد هذه التدخلات في شؤونهم الداخلية وقراراتهم المجتمعية الخاصة ؟!

ما الذي يعرض الأمريكيون تأييدهم عليه ؟ هل على قضايا أساسية تتعلق بكرامة المرأة وإنسانيتها , تحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة لها , انتشالها من الفقر والأميّة !! أم أن كل هذه الضجّة لأجل أن تذهب المرأة لوجهتها بأن تقود بنفسها بدل أن يقود بها زوجها أو أخاها أو حتى السائق !!!

لماذا هذا التصعيد والاستقواء بالأجنبي ؟ ثم نلوم المجتمع السعودي إن هو اشتبه بأمر تلك المطالبات و وقف بقوة ضدها .

التقارير والوثائق تشير لضغوط أمريكية على الحكومة السعودية لإجراء تغييرات تفرضها وتحددها أمريكا ذاتها (وهنا لا يهمهم إن كانت هذه التغييرات تتلاءم مع توجهات أهل البلد الدينية والاجتماعية , ورغباتهم وما يرونه محققا لمصالحهم , أو تتعارض تماما مع إرادتهم وخيارهم ) .

رسالة الكونجرس الأمريكي كان قد سبقها أيضا خطابا مشابها أرسله 14 عضوا في البرلمان البريطاني مناصرةً لإحدى الناشطات الليبراليات التي طالبت بإسقاط مايُعرف شرعا بوجود ( الولي أو المحرم ) عند الزواج أو السفر .

لقد بدأ المجتمع السعودي حقا يضيق ذرعا بتلك العلاقات التي تتكشف له يوما بعد آخر , بين بعض مطالبات الليبراليين في الداخل والجهات الخارجية الداعمة .

فما بين إشارة النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز وحديثه التحذيري لزوّار السفارات والقنصليات الغربية .

واعتراف بعض المثقفين بمحاولة السفارة الأمريكية أن تعرض عليهم مساعدات وحوافز مادية ومعنوية لخدمة أجندة غربية محددة , وبين بعض التحركات المكشوفة والمرصودة لسفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا لدعم وتعزيز تحركات تغريبية وليبرالية في المجتمع وخاصة ما يتعلق بقضايا المرأة , ثم التغطيات الإعلامية الهائلة من قبل وسائل الإعلام الغربية لمواضيع سطحية وتافهة يثيرها بعض الصحفيين السعوديين وفيها الكثير من تشويه صورة المجتمع وخلط الحقائق وتضخيمها .

وقائع كثيرة تجعلنا نحزن بحق لهذا الاستفزاز المتواصل والطرق الدائم لقضايانا الخاصة من قبل جهات خارجية , تقوم بتوظيف أبناءنا ـ علموا أم لم يعلموا ـ بغية إلحاق الأذى وبث الفتنة بيننا . وإشغالنا عما يستحق الانشغال به والعمل لأجله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري