البشر متفاوتون، وتلعب خلفيتهم، الثقافية، والدينية، والنفسية... في فهم ما يقرأون.
وعلماء التشريح يقولون بأنه ليس في الدنيا كلها نصفا مخ متشابهان، ثم إن طرائق التربية التي ينشأ عليها الناس تختلف من بيت إلى آخر، ومن بيئة إلى غيرها، فلا عجب أن تختلف الأفهام والأمزجة.
تذكرت قول الحكيم: ضحكتُ فقالوا: ألا تحتشم؟ بكيتُ فقالوا: ألا تبتسم؟ بَسَمتُ فقالوا: يرائي بها! عبستُ فقالوا: بدا ما كتم! سكتُّ فقالوا: كليل اللسان! نطقتُ فقالوا: كثير الكلام. حلمتُ فقالوا: صنيع الجبان، ولو كان مقتدرا لانتقم! بسلتُ فقالوا: لطيش به، وما كان مجترئا لو حكم! يقولون شذّ إذ قلت لا، وإمّعَة حين وافقتهم! فأيقنت أني مهما أرد رضا الناس فلا بد أن أُذَمّ.
إنها فعلاً حكمةُ مَن خبر الحياة،، فأنا لا أعرف أينا على صواب وأينا على خطأ في هذه المسألة، فليس فينا معصوم، وكل موقف له مؤيدون وله معارضون، ولكل واحد حق التعبير عن رأيه، وقناعة شخص بخطأ غيره لا يعني فعلاً أن غيره مخطئ.
وما أحلى قول الشافعي رحمه الله: قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب.
بل الأحلى منه ما قاله يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي! ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة؟
بعض الناس يحتكرون الحقيقة، فلا صحة إلا لأقوالهم، ولا صواب إلا لاجتهادهم، ولا سداد إلا لآرائهم.
يضيقون بمن يخالفهم،ويتهمونه بالتعصب وعدم الفهم والسطحية، فماذا يحصل لو قابلناهم بمثل هذا؟ لاشك أن النتيجة هي القطيعة.
فلنتعلم قول الإمام مالك رحمه الله وهو يشير إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم: كلٌ يؤخذ من كلامه ويُرَدُّ إلا صاحب هذا القبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري