السبت، 17 سبتمبر 2011

نزيف الآموال

يقولون : ( يعشق الرجل بعينيه وتعشق المرأة بأذنيها , لذا يُسرف الرجلُ في الكذب وتسرف المرأةُ في وضع الماكياج ! ) .
هذه العبارة الساخرة قد تكون متحاملة , أو غير منصفة ودقيقة بشأن الرجل , ولكنها أتت على جانب لا يمكن إنكاره بخصوص الأنثى وهو ميلها للمبالغة في التجمّل والزينة .

ونقول لا يمكن إنكاره لأن كثيرا من الدراسات والأبحاث العالمية تعدّ تجارة مستحضرات التجميل من أبرز القطاعات التي تحقق أعلى المكاسب , وتذكر الأرقام أن نسبة الأرباح في هذا القطاع لا تقل عن 300% خلال الأعوام الأخيرة .

و تشير إحصائيات أخرى إلى أن النساء العربيات من أكثر نساء العالم استهلاكاً لمستحضرات التجميل .

وكشفت إحدى الدراسات الحديثة عن حجم الإنفاق الضخم على تلك المستحضرات في الخليج تحديداً ! فالمرأة الخليجية تنفق 107 مليار دولار سنوياً على تلك المنتجات .

والله سبحانه خلق الأنثى وأودع في تكوينها وخلقتها الميل الفطري للتزيّن والجمال لذا فهي مجبولة بطبعها على التعلّق بهذه المسائل لإرضاء أنوثتها وإبراز جاذبيتها وجمالها .

وإن كان للتجمّل دوافع مهمة أو نتائج إيجابية حيث يعزز ثقة المرأة بنفسها , فإنه يصبح مستحبا أيضا في حال تزين المرأة لزوجها لتسعده وتستميل قلبه وتعفّه عن النظر لغيرها .

وكما أن الاعتدال والاتزان مطلوب في كل شي فكذلك أمر التجميل بالنسبة للمرأة , يحب أن يبقى في حدوده المعقولة والطبيعية فلا تقصر فيه المرأة وتهمله وتزهد في الاهتمام بمظهرها ولا تبالغ فيه وتجعله أساسا في حياتها فتهدر عليه من الوقت والمال الشيء الكثير .

فأصل الزينة المحافظة على النظافة الشخصية مع الحرص على بعض اللمسات الجمالية التي تضفي على المرأة بهاءً ورونقا دون أن تحولها إلى مهرج أو دمية , أو لوحة صارخة الألوان لرسام مبتدئ !!

فالأساس أن تستشعر المرأة أن الجمال يكمن في داخل الإنسان وحقيقته وسمو أخلاقه ونبل جوهره , وأن الاهتمام أولا ينبغي أن ينصرف لبناء الشخصية ورفدها بالقيم البنّاءة والارتقاء بالفكر . كما عليها أن تدرك كمسلمة أن هناك ضوابط للزينة وأحكام شرعية , وأوامر ونواهي فلا تحاول ابتذال جمالها أو عرضه و إرخاصه للجميع .

ولعلّ من أهم أسباب إسراف المرأة في شراء أدوات التجميل هو النزعة الاستهلاكية المنتشرة للأسف في المجتمع عامة ولدى المرأة خاصة , ثم الشخصية الهشة لدى بعض النساء حيث سطحية التفكير والشعور بالنقص وعدم امتلاك مفهوم صحيح وإيجابي عن الذات .

وقد يكون أيضا للنظرة الذكورية الشائعة والمغلوطة دور كبير للوقوف وراء هذه الظاهرة السلبية والخطيرة من الاستهلاك الأعمى لمنتجات التجميل عند المرأة , إذ يترسخ لدى الأنثى ويتضح لها تقديس الرجل للجمال الخارجي وافتتانه بالفنانات والمذيعات مما يضطرها للدخول في معركة غير عادلة للمنافسة مع أولئك الأخريات .

كذلك لا يخفى دور الإعلام ووكالات الدعاية والإعلان وشركات التجميل في الدفع بالمرأة في اتجاه الاستهلاكية والانكباب على شراء وملاحقة الموضة وكل جديد في عالم التجميل والزينة .

أخيرا بصرف النظر عن المضار الصحية والخسائر الطائلة في الوقت والجهد والمال الناتجة عن المبالغة في امتلاك واستخدام المساحيق وأدوات الزينة , إلا أن الأنثى عليها أن تؤمن أولا وأخيرا أن الجمال الدائم والأكثر إبهارا هو ما يشع عن الذات حيث ترتقي الروح بتهذيبها وتجميلها لتعكس فتنتها وجاذبيتها من الداخل إلى الخارج , فتخطف الألباب , وتأسر القلوب قبل الأبصار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري