- مشهد القتلى بالجملة طبع الساحة العراقية في سنوات الغزو طالب الكاتب والمحلل السياسي بصحيفة ذي أوبزرفر هنري بورتر بعدم ترك كتابة حقيقة الغزو الأميركي البريطاني للعراق لمشوهي الحقيقة ومزوري البيانات, محذرا من احتمال انجرار مؤرخي الأجيال القادمة وراء التلفيقات كما حث على كشف حجم جريمة من تولوا كبر غزو العراق عام 2003.
وقال بورتر "إن المعاناة التي تتولد عن الألم وموت الأقارب تتراجع حدتها شيئا فشيئا مع مرور الزمن, وهذا مهم جدا عند الحديث عن حرب العراق التي شنت قبل سنوات".
وأكد أن التنافس بدأ بالفعل لإملاء هذه المعلومات أو تلك على مؤرخي المستقبل, والمحاولات جارية لتحديد رقم معين لعدد من قتلوا بسبب هذا الغزو, وشيئا فشيئا تجتث حقيقة الحصاد المروع لتلك الحرب.
وذكر أن فريقا من المسؤولين العراقيين والأميركيين قدروا في العام 2006 عدد من قتلوا بسبب هذا الغزو بستمائة ألف, ومنذ ذلك الحين ظلت تلك الأرقام تخضع للمراجعة أحيانا بالزيادة وأحيانا بالنقصان. - وأضاف أنه قبل أسبوع فقط كتب أستاذ الأخلاق واللاهوت الأدبي بجامعة أوكسفورد نايجل بغار مقالا في صحيفة فايننشال تايمز تحدث فيه عن غزو العراق وقدر القتلى المدنيين جراءه بما بين مائة ألف و150 ألفا.
لكن رغم أن الكاتب أقر بعجزه عن إعطاء العدد الكامل لهؤلاء القتلى, فإنه انتقد تقديرات بغار معتبرا أنها خطوة ممهدة للتحكم في مسيرة التاريخ ومحاولة لتبرير الغزو ووصفه بالحرب العادلة, وذلك –حسب رأيه- لأن المتحدث عن مقتل ستمائة ألف شخص سيجد من الصعوبة بمكان إقناع الناس بأن قتل ذلك العدد كان ضروريا لمنع حدوث ما هو أشر.
وهنا يتطرق الكاتب للانتخابات العراقية التي أجريت يوم الأحد الماضي والتي شارك فيها 60% من ناخبي العراق البالغ عددهم 19 مليون ناخب, فيقول إن من كانوا يؤيدون الحرب وجدوا في نسبة المشاركة تلك ضالتهم المنشودة, وأحسوا بنشوة الانتصار فصاحوا بأعلى أصواتهم "أنظروا! إنها ديمقراطية فعلية! إنها الحرية" ولسان حالهم يقول "نعم لقد مات عدد كبير من العراقيين لكن, هل كان من الأفضل أن يكون الرئيس العراقي السابق صدام حسين لا يزال في الحكم يقوم بمجازر في حق الشيعة وينكل بمعارضيه؟"
وهنا يؤكد بورتر أن الشعب هو وحده الذي يمكنه أن يجيب عن ذلك السؤال, وعلى كل حال –يضيف الكاتب- لا ينبغي أن يترك تقييم نسبة معاناة الشعب العراقي مقابل حصوله على الديمقراطية لمراقبين بعيدين عن الميدان كالكاتب بصحيفة تايمز المؤيد للحرب ديفد آرنوفيتش الذي وصف الانتخابات العراقية بأنها "معجزة دموية".
وأقر الكاتب بأن التدخل لصالح المسائل الإنسانية أمر مستحب, كما كانت الحال عند تدخل الدول الغربية لوضع حد للحرب في البوسنة وكوسوفو, "لكن الفرق الجوهري هو أن ما بررنا به غزو العراق هو القضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية".
وأوضح في هذا الإطار "إننا لم نغز العراق لإنقاذ الشيعة ولا الأكراد, ولا غزونا العراق لإٌقامة أنموذج ديمقراطي يحتذى به في الشرق الأوسط".
وتابع يقول "غير أن مزوري الوقائع التفوا على قضية أسلحة الدمار الشامل وقاموا في الوقت ذاته بالترويج لتقييمات تحد من حجم التفكك الاجتماعي الذي نخر جسم العراق والحزن الذي لف أهله والموت الذي حصد أرواح الكثيرين منهم".
وشدد بورتر على أن خلافه مع أبواق التقدم الديمقراطي بالعراق, لا يقتصر على كون هؤلاء الأشخاص أنفسهم يحجمون عن تأييد الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني فحسب, وإنما أيضا لكونهم يحاولون اختزال كل الأمور في قضية الانتخابات لأنها على الأقل تنطوي على بعض ما يرضون عنه.
"إنهم يسعون لتشويه الحقائق التاريخية, وينكرون على أنفسهم كون تنظيم القاعدة لم يكن له قدم في العراق قبل العام 2003, وأن التركيز على حرب العراق كان على حساب حرب أفغانستان, فتعززت بذلك قوة القاعدة وتعاظم شأن حركة طالبان" على حد قوله.
والطامة الكبرى, حسب رأي الكاتب هو أن هذا الغزو جعل عدو العراق التقليدي إيران تحس بالحاجة الماسة للحصول على التكنولوجيا اللازمة لإنتاج قنبلة نووية كي لا تتعرض للإذلال والإهانة كما تعرض العراق, أي أن الغزو مكن "طائشا" آخر في الشرق الأوسط من التوق إلى صناعة صواريخ نووية طويلة المدى يطلق عليها كذلك "أسلحة الدمار الشامل".
إذا علينا أن لا ننتظر إصدار الأجيال القادمة لحكمها, فنحن أدرى بما حدث في زمننا, وأدرى بما سببته هذه الحرب من معاناة وما ستسببه في المستقبل.
الأحد، 14 مارس 2010
دعوة لفضح حصاد غزو العراق
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري