يقول الله تعالى ( نسوا الله فأنساهم أنفسهم) نعلم كيف ينسى الإنسان ربه , ولكن كيف ينسى الإنسان نفسه ? , ينسى الإنسان نفسه بنسيان ما يفيدها وتذكر ما يضرها في الدنيا والآخرة والعمل بذلك الضرر وترك تلك الفائدة , فنسوا أن يتصدقوا ولو بشق تمرة لإنقاذ أنفسهم من النار , وتذكروا ما يضرهم من معاصي كالزنا والخمر والتي تجلب الأمراض لهم في الدنيا عاجلا أو آجلا وتدخلهم النار في الآخرة , وتذكروا مايضرهم من أكل ما لايفيد الجسم بل ما يجلب لها الأمراض وهكذا , ويبدوا ذلك ظاهرا للعيان في خصال التكبر والخيلاء والظلم , وينسى الإنسان أنه خلق من طين ومن ماء مهين ولا يتذكر ما يخرج منه من نتن وما يحصل له عند مرضه بأقل مرض كالحمى مثلا , وخلاصة ذلك :- أن يوكلك الله لهوى نفسك والشيطان , لذلك كان من أعظم الدعاء ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبيبته فاطمة رضي الله عنها " يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث إصلح لي شأني كله ولا تكلني لنفسي طرفة عين " وفي هذا الدعاء تذكر الله وتوحده حتى لا يكلك لنفسك فتنساها وتهلك , وعلى قدر تذكرك لله يكون تذكره لك , بل أكثر , يقول الله في الحديث القدسي :- إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة , وإن أراد الإنسان أن يعرف مقامه عند الله فلينظر فيما أقامه وأشغله , وما أكثر البشر في هذا العصر الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم فغاصوا في ملذات الدنيا والمعاصي وكأن الدنيا دار قرار وأنه لا موت بعد الحياة ونسوا أن أعمارهم ما بين الستين والسبعين هذا إن أكرمهم الله وأوصلهم لهذا العمر , فما هو الحل حتى يفيق الناس قبل أن يزداد ويزداد غضب الله علينا ؟ والمشكلة تكمن إخواني في أن من يعصي الله لا يعلم أنه يضرغيره كما يضر نفسه , ممن يعيشون معه في نفس البلد بل في نفس القارة بل في نفس الكرة الأرضية وهذا ما نلحظه في زيادة الأمراض وقلة الأمطار وغلاء المعيشة وقلة البركة وحرارة الأجواء والكوارث الطبيعية وغيرها كثير , ومن الحكم إخواني التي أوجب الله فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيله والإستغفار للمسلمين , هو تفادي العقاب الجماعي , فمتى نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونجاهد في سبيل الله ؟؟ إن لم يكن طمعا في الأجر من الله , فليكن لأجل أولادنا وأنفسنا خوفا من عقاب الله , بل لنقل جميعا متى نتقي الله حتى ننقذ أنفسنا ولا نضرغيرنا ؟ , يقول الله عزوجل ) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ * لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( فلا تكن عباد الله قلوبنا أشد من الجبال , وإن كانت كذلك فهي أعظم عقوبة يضربها الله عزوجل على عباده في الأرض , نسأل الله السلامة
يقول جلَّ وعَلا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:159-160]،
انشر تؤجر
يا ربِّ أعضاءَ السُّجودِ أعتقتَها *** مِن فَضْلِكَ الوافي وأنت الباقي
والعتقُ يسري في الغني يا ذا الغنى *** فامْنُنْ على الفاني بعتق الباقي