الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011


حينما يولد الطفل الصغير , تكون شرايينه وأوردته ملائمة لجسده الصغير , حيث تتناسب مع تدفق الدم وانطلاق كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية , وكلما يكبر الطفل كلما تكبر معه هذه العروق لتواكب اطراد جريان الدم, ولكم أن تتخيلوا رجلاً كبيراً بعروق طفل !! كيف سيكون حاله ؟

سيكون حاله شر حال حيث تتباطآ حركة الدم لضيق العروق ,وتتزاحم كريات الدم الحمراء وتتأخر عن إيصال الغذاء والأوكسجين لخلايا الجسم ,وكذلك تصل كريات الدم البيضاء عن موعدها متأخرة لإنقاذ الجسم من الجراثيم, وهذا كله ينعكس سلباً على هذا الجسم الكبير , ولا يستمر الأمر به طويلاً , فإن عاش عاش معلولاً كسولاً أو تصيبه جلطة يكون فيها ميتاً أو مشلولاً , فالحمد الله على تقديره وفضله علينا .

المدن لا تختلف كثيراً على الجسد , فالشوارع والطرقات فيها بمثابة الشرايين والأوردة , وكريات الدم الحمراء والبيضاء , بمثابة المواطنين بسياراتهم , فمواطن طبيب يريد أن يصل ليعالج المرضى ومواطن مهندس يريد أن يصل ليستأنف مشاريعه المعمارية , ومواطن معلم يريد أن يصل ليبني أجيال الغد ,ومواطن موظف يريد أن يصل لينجز معاملات عباد الله , ومواطن مسعف يرد أن يصل, ليسعف مريض أو مصاب , والخلايا هي أماكن العمل من عيادات ومكاتب هندسية ومدارس ومباني حكومية , وجودة إنتاجها ينعكس بالإيجاب على الوطن و تقدمه ويبني جسد الوطن الكبير ليكون صحياً نشيطاً مزدهراً, والعكس صحيح .

نحسن الظن بكريات الدم الحمراء والبيضاء فلا توجد بها أنميا منجلية ولا هيموفيليا , فالمواطنون مخلصون مجتهدون لكن عيبهم أنهم يتأخرون في الوصول في الوقت المطلوب , المشكلة ليست فيهم !! بل في الطرقات المزدحمة , التي أصبحت مزحومة على الدوام بمناسبة أو دون مناسبة ,لدرجة أن الشخص يقضي في الطريق وقتاً أكثر مما يقضيه في بيته أو عمله .

هذه الطرق وضعت مع ولادة المدن ونشأتها , لكن حين تخطيطها لم يراعا تطويرها مستقبلاً , هذا المستقبل الذي تكبر فيه المدينة ويزداد عدد سكانها وكثرة أشغالها وتنوع أعمالها .

كل ما يحدث لمواجهة الزحام هو عمليات أشبه بعمليات القسطرة زيادة مسار طريق من هنا , نفق من هناك , كبري هنا , تقاطع هناك !! .

ليس هذا الحل ؟ الحل هو تغيير كامل للأوردة والشرايين , فلم تعد تنفع عمليات الترقيع الصغيرة , نريد إعادة تخطيط كامل لهذه الطرقات , ما المانع في نزع العقارات وتعويض أصحابها ؟؟ إذا علمنا أن ترقيع الطرقات وشقها وطمرها مرة تلو المرة يستنزف ملايين مملينه , فهذا يجعلنا أن نوجهها هذه الأموال في الاستثمار الصحيح الذي معه نستريح , مالمانع في الاستفادة من التجارب الأخرى خصوصا تجربة دبي ؟؟؟ التي احتوت تدفق العالم عليها !! .

لا أظن أن هناك مانع في إنقاذ مدننا التي ستنفجر بنا , فالعروق أصبحت ضيقة وحاجة الجسد زادت , فأدركوا مدينتكم قبل أن تنجلط ,وساعتها إذا شلت لن ينفعها علاج طبيعي ولا زيت مقري عليه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري