- ملأت كتب تربية الأطفال المكتبات، ومازالت تتوالى، ويتنافس أخصائيّو التّربية في استحداث أساليب تربويّة ناجعة، وتقديم التّوصيات والمقترحات التي تؤدّي الغرض، وتساهم في خلق طفل مصطبغ بالصّفات المرغوبة لدى الأهل والمربّين، مركّزين على كيفيّة التّعامل مع كلّ حالة على حدة . ولكي يتمكّن المربّي من الاستفادة من هذه التّوصيات والاقتراحات لا بدّ أنْ يتّصف هو أوّلاً بصفاتٍ تؤهّله لذلك، منها: 1. الاقتناع فعلى المربّي حين يختار أسلوب التّعامل مع الطّفل أنْ يكون مقتنعًا به، وأنّه أفضل طريقة والأكثر ملاءمة للتّعاطي بها مع الطّفل، وهذه القناعة قد تأتي من عدّة مصادر، كموافقتها لما جاء في التّعاليم الإسلاميّة، فكتب الحديث مليئة بأحاديث المعصومين (عليهم السلام) الإرشاديّة في هذا المجال، كما تأتي القناعة بأسلوب لكون المقترح له مختصّ بالمجال التربويّ، أو من نصيحة من استخدام الأسلوب ونجاحه في الوصول إلى الهدف، أو من طريق آخر، بشرط أنْ لا يتعارض مع القِيم والتّعاليم الإسلاميّة كاستخدام أساليب إيلام جسديّة مبرحة. 2. الإصرار والثّبات تختلف مدّة استجابة الطّفل للأسلوب التربويّ المتبع تبعًا لخصائص الطّفل ذاته، وسرعة تأثّره، ومدى تغلغل السّلوك المراد إثباته في نفس الطفل - أو إزالته في حالة وجود سلوك غير مرغوب فيه كالكلام البذيء -، والأطفال غالبًا ما يحتاجون إلى فترة زمنيّة قد تطول وتصل لمدّة شهر، أو أكثر - بل وحتّى سنوات-؛ للتقبّل والاعتياد ومن ثَمَّ ترسخ الصفة المطلوبة اتّصاف الطّفل بها، أو إزالة صفة غير مرغوب فيها، أو أحيانًا كون الأسلوب التربويّ ذاته يحتاج إلى فترة زمنيّة طويلة نسبيًّا؛ لتظهر نتائجه. ولما كانت الفترة الزّمنيّة قد تطول، ومن هنا فلا بدّ من الإصرار على اتباع أسلوب تربويّ معيّن قد تمّ اختياره بعناية ومتابعة استخدامه، وعدم التّأرجح بينه وبين غيره، فما يلبث أنْ يقترب الطّفل من التّقبل والاستجابة لهذا الأسلوب إلا وقد غيّره المربي إلى أسلوب آخر، فتصبح حينها الجهود المبذولة تتطلّب إعادة بذل جهود جديدة من قبل المربّي والطّفل على حدّ سواء. 3. التّفهم إنّ فهم الطّفل وخصائص وطبيعة المرحلة التي يمرّ بها يساهم إلى حدّ كبير في تيسير عمليّة التّواصل والتّفاعل بين الطّفل والمربّي حيث إنّ هذا الفهم يساعد على توقّع السلوكيّات والاستجابات الصادرة من الطّفل، وتقبّلها بصورة أكثر انفتاحًا من الجاهل بخصائص الطّفولة، ومن الأخطاء التي يمارسها بعض المربِّين في هذا المجال التّعامل مع الطّفل على أنّه رجل راشد يقبل، ويستجيب لطلب المربّي من المرّة الأولى، أو أنّ الطّفل مدرك بأنّ العمل الذي يقوم به خطأ، ويشكّل خطورة على حياته. 4. الصبر المشكلة الأساس التي تواجه الأهل والمربِّين في التّعامل مع الأطفال هي عدم الصبر، فسرعان ما يثور المربّي وتعتريه حالة الغضب وكأنّ الشيطان قد عشّش فوق رأسه، وكأنّه نسي قول أمير المؤمنين (عليه السلام): "وعليكم بالصبر، فإنّ الصبر من الإيمان كالرّأس من الجسد، و لا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه"، ومن دون توفّر هذه الصّفة في المربّي تكون عمليّة التّربية أصعب ما تكون. وإنّ هذه الصفات التي ينبغي تحلّي المربِّي بها (الاقتناع، الإصرار، التّفهم والصبر) متداخلة فيما بينها، وتدعم بعضها بعضًا، فإنّ الأخذ والتّحلّي بإحدى هذه الصفات يسهل على المربّي تحصيله على بقية الصّفات. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "لا يصبر على الحقّ إلا من عرف فضله"، فلا صبر على عمليّة التربيّة إلا من أدرك القيمة الحقيقيّة والأهمية البالغة لعمليّة التّربية ذاتها، كما أنّه من غير اقتناع لجدوى وسيلة تربويّة، فلن يصبر المربّي على مواصلة السير بها. كما نجد أيضًا أنّ المتفهّم لخصائص الطّفل أقدر على الصبر في عمليّة الطّفل من سواه. وأمّا الإصرار والثبات فإنّه وجه من وجوه الصبر، الذي يقول الله عز وجل عنه: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.
الجمعة، 31 يوليو 2009
صفات يتّصف بها المربِّي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري