الجمعة، 31 يوليو 2009

احتجاج فاطمة الزهراء عليها السلام على القوم لما منعوها فدك





  • احتجاج فاطمة الزهراء عليها السلام على القوم لما منعوها فدك(2)
    روى عبد الله بن الحسن (عليه السلام) بإسناده عن آبائه (عليهم السلام) أنه لما أجمع
    (3) أبو بكر على منع فاطمة (عليها السلام) فدك، وبلغها ذلك، لاثت خمارها على رأسها(4)، واشتملت بجلبابها(5)، وأقبلت في لمة(6) من حفدتها(7) ونساء قومها، تطأ ذيولها(8)، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله(9)، حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد(10) من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة(11)، فجلست، ثم أنّت أنّة أجهش القوم(12) لها بالبكاء. فارتجّ المجلس(13). ثم أمهلت هنيةً(14) حتى إذا سكن نشيج القوم(15)، وهدأت فورتهم(16)، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليها السلام:
    الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها
    (17)، وسبوغ آلاء أسداها(18)، وتمام منن والاها(19)، جم عن الإحصاء عددها(20)، ونأى عن الجزاء أمدها(21)، وتفاوت عن الإدراك أبدها(22)، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها(23)، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها(24)، وثنّى بالندب إلى أمثالها(25).
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها
    (26)، وضمّن القلوب موصولها(27)، وأنار في الفكر معقولها(28)، الممتنع من الأبصار رؤيته(29)، ومن الألسن صفته،(30) ومن الأوهام كيفيته. ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها(31)، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها(32)، كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته(33)، وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته(34)، وإعزازاً لدعوته(35) ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته(36) وحياشة منه إلى جنته(37).
    وأشهد أن أبي محمد (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتبله
    (38)، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة(39)، وبنهاية العدم مقرونة، علماً من الله تعالى بمآيل الأمور(40)، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور(41) ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره(42)، وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنقاذاً لمقادير حتمه(43).
    فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكفاً على نيرانها
    (44)، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها(45) فأنار الله محمدٍ صلى الله عليه وآله ظلمها(46)، وكشف عن القلوب بهمها(47) وجلى عن الأبصار غممها(48)، وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية(49) وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم.
    ثم قبضه الله إليه رأفة واختيار
    (50) ورغبة وإيثار بمحمدٍ(51) صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حُفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي، وصفيه وخيرته من الخلق ورضيّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
    ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت:
    أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه
    (52) وحملة دينه ووحيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبلغاؤه إلى الأمم(53): وزعمتم حق لكم(54) لله فيكم، عهد قدّمه إليكم، وبقية استخلفها عليكم(55): كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بيّنة بصائره(56)، منكشفة سرائره(57)، متجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه(58)، قائد إلى الرضوان اتّباعه، مؤدٍ إلى النجاة إسماعه(59). به تُنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذّرة، وبيّناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة(60)، وشرائعه المكتوبة.
    فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس
    (61) ونماءً في الرزق(62)، والصيام تثبيتاً للإخلاص(63)، والحج تشييداً للدين(64)، والعدل تنسيقاً للقلوب(65)، وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً من الفرقة، والجهاد عز للإسلام، والصبر معونة على استيجاب الأجر(66)، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، وبر الوالدين وقاية من السخط(67)، وصلة الأرحام منماة للعدد(68)، والقصاص حصناً للدماء، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس(69) والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس(70)، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة(71)، وترك السرقة إيجاباً للعفة(72)، وحرم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية، (فاتقوا الله حق تقاته ولا تمتن إلا وأنتم مسلمون) وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فإنه (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
    الهوامش
    1 ـ ونورد من الشرح ما هو بيان وتوضيح بصورة التعليقة، دون تكرار ألفاظ الخطبة.
    2 ـ قال العلامة المجلسي (رحمه الله) في البحار ج8، ص114، ط الكمباني: ولنوضح تلك الخطبة الغراء الساطعة عن سيدة النساء صلوات الله عليها التي تحير من العجب منها والإعجاب بها أحلام الفصحاء والبلغاء، ونبني الشرح على رواية (الاحتجاج) ونشير أحياناً إلى الروايات الأخر.
    3 ـ أي أحكم النية والعزيمة عليه.
    4 ـ أي عصبته وجمعته يقال: لاث العمامة على رأسه يلوثها لوثاً، أي شدها وربطها.
    5 ـ الجلباب، بالكسر: يطلق على الملحفة والرداء والإزار، والثوب الواسع للمرأة دون الملحفة والثوب كالمقنعة تغطي بها المرأة رأسها وصدرها وظهرها. والأول هنا أظهر.
    6 ـ اللمة، بضم اللام وتخفيف الميم: الجماعة. قال في النهاية: (في حديث فاطمة عليها السلام أنها خرجت في لمة من نسائها، تتوطأ ذيلها إلى أبي بكر فعاتبته، أي في جماعة من نسائها. قيل: هي ما بين الثلاثة إلى عشرة، وقيل: اللمة: المثل في السن والترب). وقال الجوهري: (الهاء عوض عن الهمزة الذاهبة من وسطه، وهو مما أخذت عينه كسَهٍ ومذ، وأصلها فعلة من الملاءمة وهي الموافقة). انتهى. أقول: ويحتمل أن يكون بتشديد الميم، قال الفيروز آبادي: (اللمة بالضم: الصاحب والأصحاب في السفر والمونس، للواحد والجمع).
    7 ـ الحفدة، بالتحريك: الأعوان والخدم.
    8 ـ أي كانت أثوابها طويلة تستر قدميها وتضع عليها قدمها عند المشي. وجمع الذيل باعتبار الأجزاء أو تعدد الثياب.
    9 ـ في بعض النسخ (من مشي رسول الله صلى الله عليه وآله). والخرم: الترك والنقص والعدول. والمشية بالكسر: الاسم من مشى يمشي مشياً، أي لم تنقص مشيتها من مشيته صلى الله عليه وآله شيئاً كأنه هو بعينه. قال في النهاية: (فيه: ما خرمت من صلاة رسول الله شيئاً، أي ما تركت. ومنه الحديث: لم أخرج منه حرفاً، أي لم أدع).
    10 ـ الحشد، بالفتح وقد يحرك: الجماعة. وفي الكشف: (إن فاطمة عليها السلام لما بلغها إجماع أبي بكر على منعها فدكاً لاثت خمارها، وأقبلت في لميمة من حفدتها ونساء قومها، تجر أدراعها، وتطأ في ذيولها، ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله حتى دخلت على أبي بكر وقد حشد المهاجرين والأنصار، فضرب بينهم بريطة بيضاء ـ وقيل: قبطية ـ فأنت أنّه أجهش لها القوم بالبكاء، ثم أمهلت طويلاً حتى سكنوا من فورتهم، ثم قالت: أبتدئ بحمد من هو أولى بالحمد والطول والمجد، الحمد لله على ما أنعم).
    11 ـ الملاءة، بالضم والمد: الريطة والإزار. ونيطت بمعنى علقت، أي ضربوا بينها عليها السلام وبين القوم ستراً وحجاباً. والريطة، بالفتح: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة ولم تكن لفقين، أو هي كل ثوب لين رقيق. والقبطية، بالكسر: ثياب بيض رقاق من كتان تتخذ بمصر، وقد تضم لأنهم يغيرون في النسبة.
    12 ـ الجهش أن يفزع الإنسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء كالصبي يفزع إلى أمه وقد يتهيأ للبكاء، يقال: جهش إليه ـ كمنع ـ وأجهش.
    13 ـ الارتجاج: الاضطراب
    14 ـ أي صبرت زماناً قليلاً.
    15 ـ النشيج: صوت معه توجع وبكاء كما يردد الصبي بكاءه في صدره.
    16 ـ هدأت ـ كمنعت ـ أي سكنت. وفورة الشيء: شدته، وفار القدر أي جاشت.
    17 ـ أي بنعم أعطاها العباد قبل أن يستحقوها. ويحتمل أن يكون المراد بالتقديم الإيجاد والفعل من غير ملاحظة معنى الابتداء فيكون تأسيساً.
    18 ـ السبوغ: الكمال. والآلاء: جمع ألى، بالفتح والقصر وقد يكسر الهمزة. وأسدى وأولى وأعطى بمعنى واحد.
    19 ـ والاها، أي تابعها بإعطاء نعمة بعد أخرى بلا فصل
    20 ـ جم الشيء أي كثر. والجم: الكثير، والتعدية بعن لتضمين معنى التعدي والتجاوز.
    21 ـ الأمد بالتحريك: الغاية والمنتهى، أي بعد عن الجزاء بالشكر غايتها. فالمراد بالأمد إما الأمد المفروض إذ لا أمد لها على الحقيقة، أو الأمد الحقيقي لكل حد من حدودها المفروضة. ويحتمل أن يكون المراد بأمدها ابتداؤها، وقد مر في كثير من الخطب بهذا المعنى. وقال في النهاية: (في حديث الحجاج قال للحسن: ما أمدك؟ قال: سنتان من خلافة عمر. أراد أنه ولد لسنتين من خلافته. وللإنسان أمدان: مولده وموته). انتهى. وإذا حمل عليه يكون أبلغ. ويحتمل على بعد أن يقرأ بكسر الميم، قال الفيروز آبادي: (الآمد: المملوء من خير وشر، والسفينة المشحونة).
    22 ـ التفاوت: البعد. والأبد: الدهر، والدائم، والقديم الأزلي. وبعده عن الإدراك لعدم الانتهاء.
    23 ـ يقال: ندبه للأمر وإليه فانتدب، أي دعاه فأجاب. واللام في قولها (لاتصالها) لتعليل الندب، أي رغبهم في استزادة النعمة بسبب الشكر لتكون نعمة متصلة لهم غير منقطعة عنهم. وجعل اللام الأولى للتعليل والثانية للصلة بعيد. وفي بعض النسخ: (لإفضالها) فيحتمل تعلقه بالشكر.
    24 ـ أي طلب منهم الحمد بسبب إجزال النعم وإكمالها عليهم، يقال: أجزلت له من العطاء، أي أكثرت، وأجزاك النعم، كأنه طلب الحمد، أو طلب منهم الحمد حقيقة لإجزال النعم، وعلى التقديرين التعدية بإلى لتضمين معنى الانتهاء أو التوجه، وهذه التعدية في الحمد شائع بوجه آخر، يقال: أحمد إليك الله، قيل: أي أحمده معك، وقيل: أي أحمد إليك نعمة الله بتحديثك إياها. ويحتمل أن يكون (استحمد) بمعنى تحمد، يقال: فلان يتحمد علي، أي يمتن، فيكون إلى بمعنى على، وفيه بعد.
    25 ـ أي بعد أن أكمل لهم النعم الدنيوية ندبهم إلى تحصيل أمثالها من النعم الأخروية أو الأعم منها ومن مزيد النعم الدنيوية. ويحتمل أن يكون المراد بالندب إلى أمثالها أمر العباد بالإحسان والمعروف وهو على المحسن إليه، وعلى المحسن أيضاً، لأنه به يصير مستوجباً للأعواض والمثوبات الدنيوية والأخروية.
    26 ـ المراد بالإخلاص جعل الأعمال كلها خالصة لله تعالى، وعدم شوب الرياء والأغراض الفاسدة، وعدم التوسل بغيره تعالى في شيء من الأمور، فهذا تأويل كلمة التوحيد، لأن من أيقن بأنه الخالق والمدبر وبأنه لا شريك له في الإلهية فحق له أن لا يشرك في العبادة غيره، ولا يتوجه في شيء من الأمور إلى غيره.
    27 ـ هذه الفقرة تحتمل وجوهاً:
    الأول: أن الله تعالى ألزم وأوجب على القلوب ما تستلزمه هذه الكلمة من عدم تركيبه تعالى وعدم زيادة صفاته الكمالية الموجودة وأشباه ذلك مما يؤول إلى التوحيد.
    الثاني: أن يكون المعنى: جعل ما يصل إليه العقل من تلك الكلمة مدرجاً في القلوب بما أراهم من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم، أو بما فطرهم عليه من التوحيد.
    الثالث: أن يكون المعنى لم يكلف العقول الوصول إلى منتهى دقائق كلمة اللتوحيد وتأويلها، بل إنما كلف عامة القلوب بالإذعان بظاهر معناها وصريح مغزاها، وهو المراد بالوصول.
    الرابع: أن يكون الضمير في (موصولها) راجعاً إلى القلوب، أي لم يلزم القلوب إلا ما يمكنها الوصول إليها من تأويل تلك الكلمة الطيبة والدقائق المستنبطة منها،
    أو مطلقاً، ولولا التفكيك لكان أحسن الوجوه بعد الوجه الأول، بل مطلقاً.
    28 ـ أي أوضح في الأذهان ما يتعقل من تلك الكلمة بالتفكر في الدلائل والبراهين. ويحتمل إرجاع الضمير إلى القلوب. والفكر بصيغة الجمع، أي أوضح بالتفكر ما يعقلها العقول. وهذا يؤيد الوجه الرابع من وجوه الفقرة السابقة.
    29 ـ يمكن أن يقرأ (الأبصار) بصبغة الجمع، والمصدر. والمراد بالرؤية العلم الكامل والظهور التام.
    30 ـ الظاهر أن الصفة هنا مصدر، ويحتمل المعنى المشهور بتقدير، أي بيان صفته.
    31 ـ (لا من شيء) أي مادة.
    32 ـ احتذى مثاله: اقتدى به. و(امتثلها) أي تبعها ولم يبتعد عنها، أي لم يخلقها على وفق صنع غيره.
    33 ـ لأن ذوي العقل يتنبهون بمشاهدة مصنوعاته بأن شكر خالقها والمنعم بها واجب وأن خالقها مستحق للعبادة، أو بأن من قدر عليها يقدر على الإعادة والانتقام.
    34 ـ أي خلق البرية ليتعبدهم، أو خلق الأشياء ليتعبد البرايا بمعرفته والاستدلال بها عليه.
    35 ـ أي خلق الأشياء ليغلب ويظهر دعوة الأنبياء إليه بالاستدلال بها.
    36 ـ الذود والذياد، بالذال المعجمة: السوق والطرد والدفع والإبعاد.
    37 ـ حشت الصيد أحوشه: إذا جئته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة، ولعل التعبير بذلك لنفور الناس بطباعهم عما يوجب دخول الجنة
    38 ـ الجبل: الخلق، يقال: جبلهم الله أي خلقهم، وجبله على الشيء أي طبعه عليه، ولعل المعنى أنه تعالى سماه لأنبيائه قبل أن يخلقه*، ولعل زيادة البناء للمبالغة تنبيهاً على أنه خلق عظيم. وفي بعض النسخ بالحاء المهملة، يقال: احتبل الصيد، أي أخذه بالحبالة، فيكون المراد به الخلق أو البعث مجازاً، وفي بعضها (قبل أن اجتباه) أي اصطفاه بالبعثة. وكل منها لا يخلو من تكلف.* قال السيوطي في (الاتقان) ج2، ص141: أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال: خمسة سموا قبل أن يكونوا: محمد: (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد).
    39 ـ لعل المراد بالستر ستر العدم، أو حجب الأصلاب والأرحام. ونسبته إلى الأهاويل لما يلحق الأشياء في تلك الأحوال من موانع الوجود وعوائقه. ويحتمل أن يكون المراد أنها كانت مصونة عن الأهاويل بستر العدم إذ هي إنما تلحقها بعد الوجود. وقيل: التعبير بالأهاويل من قبيل التعبير عن درجات العدم بالظلمات.
    40 ـ على صيغة الجمع أي عواقبها. وفي بعض النسخ بصيغة المفرد.
    41 ـ أي لمعرفته تعالى بما يصلح وينبغي من أزمنة الأمور الممكنة المقدورة وأمكنتها ويحتمل أن يكون المراد بالمقدور المقدر، بل هو أظهر.
    42 ـ أي للحكمة التي خلق الأشياء لأجلها.
    43 ـ الإضافة في (مقادير حتمه) من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة، أي مقاديره المحتومة.
    44 ـ تفصيل وبيان للفرق بذكر بعضها، يقال: عكف على الشيء ـ كضرب ونصر ـ أي أقبل عليه مواظباً ولازمه، فهو عاكف، ويجمع على (عكف) بضم العين وفتح الكاف المشددة كما هو الغالب في فاعل الصفة نحو شُهد وغُيّب. والنيران جمع نار وهو قياس مطرد في جمع الأجوف نحو تيجان وجيران.
    45 ـ لكون معرفته تعالى فطرية، أو لقيام الدلائل الواضحة الدالة على وجوده سبحانه
    46 ـ الضمير في (ظلمها) راجع إلى الأمم، والضميران التاليان له يمكن إرجاعهما إليها وإلى القلوب والأبصار. والظلم بضم الظاء وفتح اللام: جمع ظلمة، استعيرت هنا للجهالة.
    47 ـ البهم: جمع بهمة بالضم، وهي مشكلات الأمور.
    48 ـ جلوت الأمر: أوضحته وكشفته. والغمم: جمع غمة، يقال: أمر غمة، أي مبهم ملتبس، قال الله تعالى: (ثم لا يكن أمركم عليكم غمة) قال أبو عبيدة: مجازها ظلمة وضيق، وتقول: غممت الشيء إذا غطيته وسترته.
    49 ـ العماية: الغواية واللجاج، ذكره الفيروز آبادي.
    50 ـ واختيار، أي من الله له ما هو خير له، أو باختيار منه صلى الله عليه وآله وسلم ورضاً، وكذا الإيثار، والأول أظهر فيهما.
    51 ـ لعل الظرف متعلق بالإيثار بتضمين معنى الضنّة أو نحوها. وفي بعض النسخ: (محمد) بدون الباء قتكون الجملة استئنافية، أو مؤكدة للفقرة السابقة، أو حالية بتقدير الواو. وفي بعض كتب المناقب القديمة: (فمحمد صلى الله عليه وآله) وهو أظهر. وفي رواية كشف الغمة: (رغبة بمحمد صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار) وفي رواية أحمد بن أبي ظاهر: (بأبي عزت هذه الدار) وهو أظهر. ولعل المراد بالدار دار القرار، ولو كان المراد الدنيا تكون الجملة معترضة. وعلى التقادير لا يخلو من تكلف.
    52 ـ قال الفيروز آبادي: (النصب بالفتح: العلم المنصوب، ويحرك. وهذا نصب عيني، بالضم والفتح) انتهى. أي نصبكم الله لأوامره ونواهيه وهو خبر الضمير. و(عباد الله) منصوب على النداء.
    53 ـ أي تؤدون الأحكام إلى سائر الناس لأنكم أدركتم صحبة الرسول صلى الله عليه وآله.
    54 ـ أي زعمتم أن ما ذكر ثابت لكم، وتلك الأسماء صادقة عليكم بالاستحقاق. ويمكن أن يقرأ على الماضي والمجهول. وفي إيراد لفظ الزعم إشعار بأنهم ليسوا متصفين بها حقيقة وإنما يدعون ذلك كذباً. ويمكن أن يكون (حق لكم) جملة أخرى مستأنفة، أي زعمتم أنكم كذلك وكان يحق لكم وينبغي أن تكونوا كذلك لكن قصرتم. وفي بعض النسخ: (وزعمتم حق له فيكم وعهد) وفي كتاب المناقب القديم: (زعمتم أن لا حق لي فيكم، عهداً قدمه إليكم) فيكون (عهداً) منصوباً باذكروا ونحوه.* وفي الكشف: (إلى الأمم حولكم، لله فيكم عهد). *وفي الاحتجاج المطبوع: (زعيم حق له فيكم وعهد…) فلا يحتاج إلى التكلف.
    55 ـ العهد: الوصية. وبقية الرجل: ما يخلفه في أهله. والمراد بهما القرآن، أو بالأول ما أوصاهم به في أهل بيته وعترته، وبالثاني القرآن. وفي رواية أحمد بن أبي ظاهر: (وبقية استخلفنا عليكم ومعنا كتاب الله) فالمراد بالبقية أهل البيت عليهم السلام، وبالعهد ما أوصاهم به فيهم.
    56 ـ البصائر: جمع بصيرة وهي الحجة.
    57 ـ المراد بانكشاف السرائر وضوحها عند حملة القرآن وأهله.
    58 ـ الغبطة أن يتمنى المرء مثل حال المغبوط من غير أن يريد زوالها منه، تقول: غبطته فاغتبط. والباء للسببية أي أشياعه مغبوطون بسبب اتباعه. وتلك الفقرة غير موجودة في سائر الروايات.
    59 ـ على بناء الإفعال، أي تلاوته. وفي بعض نسخ الاحتجاج وسائر الروايات: (استماعه).
    60 ـ المراد بالعزائم: الفرائض، وبالفضائل: السنن، وبالرخص: المباحات بل ما يشمل المكروهات، وبالشرائع ما سوى ذلك من الأحكام كالحدود والديات والأعم، وأما الحجج والبينات والبراهين فالظاهر أن بعضها مؤكدة لبعض، ويمكن تخصيص كل منها ببعض ما يتعلق بأصول الدين لبعض المناسبات. وفي رواية ابن أبي طاهر: (وبيناته الجالية وجمله الكافية) فالمراد بالبينات: المحكمات، وبالجمل: المتشابهات، ووصفها بالكافية لدفع توهم نقص فيها لإجمالها فإنها كافية فيما أريد منها، ويكفي معرفة الراسخين في العلم بالمقصود منها فإنهم المفسرون لغيرهم. ويحتمل أن يكون المراد بالجمل العمومات التي يستنبط منها الأحكام الكثيرة.
    61 ـ أي من دنس الذنوب، أو من رذيلة البخل، إشارة إلى قوله تعالى: (تطهرهم وتزكيهم بها)
    62 ـ إيماء إلى قوله تعالى: (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون)، على بعض التفاسير.
    63 ـ أي لتشييد الإخلاص وإبقائه أو لإثباته وبيانه. ويؤيد الأخير أن في بعض الروايات: (تبييناً). وتخصيص الصوم بذلك لكونه أمراً عدمياً لا يظهر لغيره تعالى، فهو أبعد من الرياء وأقرب إلى الإخلاص. وهذا أحد الوجوه في تفسير الحديث المشهور: (الصوم لي وأنا أجزي به) وقد شرحناه في حواشي الكافي وسيأتي في كتاب الصوم إن شاء الله تعالى.
    64 ـ إنما خص التشييد به لظهوره ووضوحه وتحمل المشاق فيه وبذل النفس والمال له، فالإتيان به أدل دليل على ثبوت الدين، أو يوجب استقرار الدين في النفس لتلك العلل وغيرها مما لا نعرفه. ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما ورد في الأخبار الكثيرة من أن علة الحج التشرف بخدمة الإمام وعرض النصرة عليه وتعلم شرائع الدين منه، فالتشييد لا يحتاج إلى تكلف. وفي العلل ورواية ابن أبي طاهر: (تسلية للدين) فلعل المعنى تسلية للنفس بتحمل المشاق وبذل الأموال بسبب التقيد بالدين، أو المراد بالتسلية الكشف والإيضاح فإنها كشف الهم، أو المراد بالدين أهل الدين، أو أسند إليه مجازاً. والظاهر أنه تصحيف (تسنية) وكذا في الكشف وفي بعض نسخ العلل، أي يصير سبباً لرفعة الدين وعلوه.
    65 ـ التنسيق: التنظم. وفي العلل: (مسكاً للقلوب) أي ما يمسكها. وفي القاموس: (المسكة بالضم: ما يتمسك به وما يمسك الأبدان من الغذاء والشراب، والجمع كصرد. والمسك محركة: الموضع يمسك الماء). وفي رواية ابن أبي طاهر والكشف: (تنسكاً للقلوب) أي عبادة لها، لأن العدل أمر نفساني تظهر آثاره على الجوارح.
    66 ـ إذ به يتم فعل الطاعات وترك السيئات.
    67 ـ أي سخطهما أو سخط الله تعالى، والأول أظهر.
    68 ـ المنماة: اسم مكان أو مصدر ميمي أي يصير سبباً لكثرة عدد الأولاد والعشائر، كما أن قطعها يذر الديار بلاقع من أهلها.
    69 ـ في سائر الروايات: (للبخسة) أي لئلا ينقص مال من ينقص المكيال والميزان إذ التوفية موجبة للبركة وكثرة المال، أو لئلا ينقصوا أموال الناس، فيكون المقصود أن هذا أمر يحكم العقل بقبحه.
    70 ـ أي النجس أو ما يجب التنزه عنه عقلاً، والأول أوضح في التعليل، فيمكن الاستدلال على نجاستها.
    71 ـ أي لعنة الله، أو لعنة المقذوف، أو القاذف، فيرجع إلى الوجه الأخير في السابقة، والأول أظهر، إشارة إلى قوله تعالى: (لعنوا في الدنيا والآخرة).
    72 ـ أي لا ولة عن التصرف في أموال الناس مطلقاً، أو يرجع إلى ما مر، وكذا الفقرة التالية. وفي الكشف بعد قوله (للعفة): (والتنزه عن أموال الأيتام، والاستئثار بفيئهم إجارة من الظلم، والعدل في الأحكام إيناساً للرعية، والتبري من الشرك إخلاصاً للربوبية).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري