الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

ويكيليكس وحسبة بسيطة


  • لم أتابع موقع ويكيليكس، ومعلوماتي عنه هي مما نشرته الصحافة التي وصفته بأوصاف شتى. فهناك من رأى أنه تسريب متعمد ومشوه مهما بدا من مفاجآت على وجوه المسؤولين وقولهم بأنهم سيحاسبون من سرّب المعلومات. والقائلون بهذا يرون أنه أريد منه الضغط على دول بعينها، في حين أظهر غيرها بوجه حسن. فهذا التسريب قصد منح ألقاب الطهر لشخصيات، رغم تاريخهم الأسود، وكل ذلك وفق مقياس ويكيليكس للأمور. لأن تسريب كم هائل من المعلومات ان كانت صحيحة لا يمكن أن يتم ببساطة، فهل هي من أفلام الأكشن، وإذا كانت معلوماته مغالطات، فهل هي من أفلام الخيال العلمي؟. وهناك من وصف الموقع بأنه قرصنة إلكترونية وصاحبه (إرهابي معلوماتي)، وهناك من تفاءل بأن الشفافية ستسود، وكل شيء بعد الآن سيكون في العلن، وهناك من شكك بالمعلومات التي ينشرها الموقع، ومنهم من نظر إليه على أنه ثرثرة ونميمة تحصل في كل المجتمعات، لكنها هنا نميمة إلكترونية. ومنهم من أكّد المثل القائل: للحيطان آذان. ومنهم من ذكّر بأن أمر التسريب ليس جديداً، فكتاب (لعبة الأمم) سرّب معلومات منذ نصف قرن، لكن انتشاره لا يقارن بموقع ويكيليكس الذي اعتمد أحدث وسائل الاتصال في سرعة الانتشار. وإذا كان التسريب متعمداً فهل سيبقى تحت السيطرة، أم إنه سيضر بمن سرّبه؟ فيكون قد جنى على نفسه، ودق المسامير في نعشه. وهناك من تساءل هل هذا التسريب هو إعداد للرأي العام لشن حروب جديدة ضد بعض الدول بعد إظهارها على أنها فاسدة؟. وهناك من رأى بأن التسريبات تصب في اتجاه نظرية (الفوضى الخلاّقة) التي سادت ردحاً من الزمن. وهناك من وصف الموقع بأنه صحافة صفراء لا تجد مساحة لنشر الأخبار الطيبة. وهناك من نسب التسريب إلى التي لم يمسها بسوء ولا أظن أن الأقوال فيه ستنتهي.
    اهتمامي بويكيليكس له سببان، أولهما أنه قيل بأن عدد وثائقه مائتان وسبعون ألفاً. والمهندس يقوم دوماً بحسبة سريعة لتقدير الزمن الذي يحتاجه لإنهاء أي مشروع، فلو قرأ الإنسان سبعاً وعشرين وثيقة في اليوم فسيحتاج لعشرة آلاف يوم لقراءتها. فإذا أخذنا بالتقريب أن كل ألف يوم ثلاث سنوات، فهذا يعني أننا نحتاج ثلاثين سنة لقراءتها. لكن الخطأ في هذه الحسبة البسيطة هو في تصور أنه خلال هذه الثلاثين سنة لن يكون هناك وثائق جديدة ستتسرب بطرق أسرع.
    والسبب الثاني لاهتمامي أفصحت عنه لصديقي حين سألته: ماذا كتب عنا ويكيليكس؟ فقال: وهل نحن مهمّون؟ فقلت: هناك كتاب أعظم منه! وصفُهُ (ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) و (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا).

    نشر بتاريخ 11-12-2010

  • ولمن أراد المقال في مصدره فها هو
  • http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=8365

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري