** أخيرا.. عرف الرئيس مبارك مشقة الكتابة.. ومشقة أن يخلو إلي نفسه بورقة وقلم وفكرة.. نعم الكتابة مشقة.. وكما يقولون »لا يعرف الشوق إلا من يكابده.. ولا الصبابة إلا من يعانيها«.. ولا نعرف إن كانت الفكرة قد شغلت الرئيس، منذ ألقي أوباما خطابه في جامعة القاهرة.. أم أن الفكرة قد طرأت علي عقل الرئيس، فأمسك بالورقة والقلم.. كما يحدث عند الكتاب الصحفيين.. ولا نعرف أيضا إن كان الرئيس قد كتب المقال لصحيفة »وول ستريت جورنال« مرة واحدة.. أم أنه راح يمزق الورق، ويعيد الكتابة أكثر من مرة.. فهذه مسألة مهمة للغاية.. فإذا كان الرئيس قد كتب المقال دفعة واحدة.. فهذا يحتمل أمرين.. الأول: أن الرئيس يحترف الكتابة.. والثاني: أن الرئيس مشغول جدًا بالفكرة.. وما أن طرأت علي باله، حتي وضعها كاملة علي الورق في لحظة مخاض نادرة.. يعرفها الكتّاب معرفة يقين.. أمّا إن كان الرئيس قد راح يمزق الورق ويعيد ويزيد.. فهذا معناه أنه يكتب أول مقال له.. وهو ما يجعله يراجع نفسه جيدًا.. قبل أن يظهر كاتبا لأول مرة!! ** والرئيس مبارك حر.. في الطريقة التي يتواصل بها مع العالم.. حر أن يكتب مقالا.. وحر أن يوجه خطابًا.. فهذا شيء لا خلاف عليه.. لكن يبقي السؤال.. لماذا اختار الرئيس أن يكتب مقالا.. ولا يوجه خطابًا.. مع أن كل الموشرات كانت تؤكد، أن مبارك سوف يرد علي خطابي أوباما ونتنياهو.. بخطاب مماثل.. وربما من جامعة القاهرة أيضا.. ولكنه لم يفعل وقرر أن يخوض تجربة الكتابة.. لصحيفة أمريكية وليس لصحيفة مصرية.. وهذا يؤدي إلي سؤال آخر.. لماذا اختار الرئيس صحيفة أمريكية.. ولم يختر الأهرام أو أخبار اليوم مثلا.. مع أن الرئيس حين يخص مؤسسة مثل جامعة القاهرة بخطاب.. أو يخص صحيفة قومية بمقال.. فإنه يرفع من شأن المؤسسة.. ويرفع من شأن الصحيفة.. ولكنه لم يفعل.. وهو حر أيضا!! ** ولا شك أن الرئيس مبارك حين كتب مقاله.. كان ينتظر رد الفعل.. وكان يريد أن يعرف رأي الإدارة الأمريكية.. وهذه هي قضية كل كاتب.. يريد أن يؤثر.. ويريد أن يختبر طرفًا آخر، أو يجس نبضه.. أو يحثه علي القيام بفعل.. فهل اختار الرئيس صحيفة أمريكية لأنه يضمن رد الفعل.. وهل اختيار »المقال« علي الخطاب كان أفضل.. وهل كان الرئيس يعرف أن الكتابة لأي صحيفة قومية لا مردود له.. أم ماذا كان يدور في عقل الرئيس.. لا أحد يعرف لماذا كان مقالا، ولم يكن خطابا.. ولا أحد يعرف لماذا لم يكن رسالة عبر الدبلوماسية المصرية.. ولا أحد يعرف لماذا »وول ستريت جورنال«.. وليس غيرها من الصحف الأمريكية.. ويبقي سؤال أخير.. كيف كان يتصرف الرئيس.. لو لم يجد ردود فعل واسعة النطاق، لمقاله بمجرد صدور الجريدة.. كما يحدث عندنا؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري