أبدت جامعة الدول العربية استعدادها لإرسال مراقبين عرب إلى سوريا، لكنها اشترطت التزامات محددة للسلطات بدمشق، وذلك بالتزامن مع توسيع الاتحاد الأوروبي عقوباته على النظام السوري، واستبعاد التدخل العسكري، ومع توعد أنقرة باتخاذ أشد المواقف حزماً ضد دمشق.
وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي للصحفيين -بعد اجتماع مع وفد من المعارضة السورية برئاسة الناطقة باسم المجلس الوطني السوري بسمة قضماني- إن أي أحد من وفود المنظمات العربية المعنية بحماية المدنيين لن يذهب إلى سوريا إلا بعد توقيع مذكرة تفاهم واضحة مع الحكومة السورية تتحدد فيها التزامات وحقوق وواجبات كل طرف.
وكان العربي ترأس صباح الاثنين اجتماعا مع منظمات عربية معنية بحقوق الإنسان وحماية وإغاثة المدنيين، تم خلاله الاتفاق على تشكيل وفد يضم 500 من ممثلي المنظمات العربية ووسائل الإعلام والعسكريين للذهاب إلى سوريا ورصد الواقع هناك، على أن يحدد وزراء الخارجية العرب موعد هذه الزيارة وترتيباتها خلال اجتماعهم الأربعاء في الرباط، بحسب مصدر مسؤول في الجامعة.
وأكد العربي أنه تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم تتضمن دعوة الرئيس السوري المخلوع بشار الاسد إلى عقد قمة عربية طارئة لبحث الأزمة السورية، وأكد أنه تم تعميم هذه الرسالة على الرؤساء والملوك والأمراء العرب لاستطلاع آرائهم، مشيرا إلى أن عقد قمة طارئة يتطلب موافقة 15 دولة عضوا في الجامعة (ثلثا الأعضاء).
وقال الأمين العام للإغاثة والطوارئ في اتحاد الأطباء العرب إبراهيم الزعفراني إن سوريا وافقت على استقبال اللجنة، وقرأ العربي رسالة من سوريا تؤكد قبولها لهذه اللجنة.
وقال الزعفراني إنه سيتم توقيع بروتوكول بين الجامعة العربية وسوريا لضمان حرية تنقل هذه اللجنة، ومقابلة كل الأطياف السورية بمختلف انتماءاتهم وفي كل المدن، مع توفير ضمانات الحرية والحماية.
وشدد على أن المنظمات التي حضرت الاجتماع وستشارك في إيفاد المراقبين إلى سوريا هي منظمات حقوقية كبيرة، ولها خبرة واسعة في مجال الرقابة الدولية في مناطق النزاعات المسلحة.
وقال محمد فائق خبير حقوق الإنسان والذي شارك في الاجتماع أيضا إنه سيتم تشكيل اللجنة خلال 48 ساعة، مضيفا أن اللجنة يمكن أن تكون آلية لحل الأزمة نظرا لرفض كل الدول العربية فكرة التدخل الخارجي.
وقال مسؤول في الجامعة -طلب عدم نشر اسمه- إن الهدف من هذا الاجتماع هو تكوين رؤية لحماية المدنيين من قبضة الجيش السوري.
أوغلو (يمين) أثناء استقباله الأحد وفدا من المعارضة السورية برئاسة برهان غليون |
وقال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو للبرلمان التركي إن سياسة تركيا في هذه القضية واضحة وصريحة، وهي ستقف مع الكفاح العادل للشعب السوري، وستعبئ المحافل الإقليمية والدولية اللازمة للتصدي لهذا الضغط السوري.
وأضاف أنه لم يعد من الممكن الوثوق بالحكومة السورية، قائلا إن على القادة الذين لا يستجيبون لشعوبهم (في منطقة الشرق الأوسط) أن يرحلوا، في إشارة واضحة إلى الرئيس السوري.
وكشف أوغلو أن القرارات الأخيرة للجامعة العربية صدرت بالتنسيق مع الجانب التركي، وقال إنها قرارات سليمة وصحيحة.
وكان وزير الخارجية التركي قد قال الأحد -أثناء استقباله وفدا من المجلس الوطني السوري المعارض برئاسة برهان غليون إن "تركيا تعترف بالمجلس بوصفه إطارا سياسياً معبرا عن إرادة الشعب السوري وحراك الشباب في الداخل". وقالت مصادر تركية إن المجلس الذي يمثل أغلب أطياف المعارضة السورية طلب فتح ممثلية له في تركيا.
ومن المقرر أن يلتقي أوغلو مع بعض وزراء الخارجية العرب في الرباط يوم الأربعاء على هامش منتدى عربي تركي.
جوبيه أعرب عن تأييده لإرسال مراقبين أجانب لحماية المدنيين في سوريا |
وسيُلحق هؤلاء ضمن لائحة أوروبية سوداء تضم مسؤولين آخرين تقرر تجميد أموالهم ومنعهم من السفر إلى أوروبا، واتفق وزراء الخارجية الأوروبيون على ألا تحصل سوريا على أموال من بنك الاستثمار الأوروبي.
وفي إشارة إلى استبعاد الخيار العسكري في المرحلة الراهنة على الأقل, قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ خلال الاجتماع إن وضع سوريا أشد تعقيدا مقارنة بليبيا.
وعلى هامش الاجتماع ذاته, أعرب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عن تأييده لإرسال مراقبين من الأمم المتحدة إلى سوريا، للمساعدة في حماية السكان المدنيين من قمع النظام الذي اعتبر أنه مصاب بجنون الاضطهاد.
وقال جوبيه إن "احتمال تدخل عسكري يشبه من قريب أو بعيد التدخل في ليبيا ليس مطروحا. ولا نتمنى أن يكون. وفي المقابل، يمكن التفكير في إرسال مراقبين أجانب"، مشيرا إلى إمكانية بحث هذه المسألة مع المعارضة السورية والأمم المتحدة.
وقال إن النظام في دمشق يغرق في نوع من جنون الاضطهاد لأنه يتهم الجامعة العربية بالتآمر عليه.
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب بتحريض المعارضة السورية "المتشددة" على السعي لتغيير النظام, وقال إنه يجري تهريب السلاح إلى سوريا من تركيا والعراق ودول أخرى.
وأضاف أن بلاده ستستمر في سعيها إلى إرساء حوار لتسوية الأزمة السورية, مشيرا إلى أن وفدا من المجلس الوطني السوري سيزور موسكو غدا الثلاثاء.
وفي موقف لم يتضمن أي انتقاد لموقف الجامعة العربية, حثت الصين اليوم الحكومة السورية على تنفيذ خطة العمل العربية, وطالبتها وجميع الأطراف الأخرى (المعارضة) بنبذ العنف.
من جانبها انتقدت إيران –وهي حليف مقرب لسوريا- قرار الجامعة العربية. وقالت الخارجية الإيرانية إن هذا القرار لا يحل المشكلة بل يعقدها.
أما الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز فقال إن الولايات المتحدة وأوروبا ترسلان من وصفهم بالإرهابيين لإثارة العنف في سوريا.
وأضاف شافيز -أمام آلاف من أنصاره تجمعوا لتحيته في العاصمة كراكاس- أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ينفذون حملتهم لنشر العنف والدم والموت في سوريا، بينما دعت الجامعة العربية أعضاءها إلى سحب سفرائهم من سوريا، مشبها ذلك بما حدث من قبل في ليبيا.
تعليق
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري