السبت، 23 مايو 2009

النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين هجمة الاعداء وواجب الانبياء ( الرسالة الاولي )

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد، فإن الرسول محمداً e خاتم النبيين، ورسالته خاتم الرسالات، خرج النبي محمد e هادياً من بين ركام الظلام، وغابات الأصنام، خرج من بين القلوب المتصحرة، والعقول المتحجرة، من بين البنت الموؤدة والأحجار المعبودة .
هذا محمد يا أكوان فابتسمي وبشري يابســـات الرَوْح بالدِّيــَـــمِ
وأذّني في ضمير الكون هاتفـــةً تقشّعي يا سجوفَ الظُلْم والظُلَمِ

بطاقة تعريف بالنبي
لقد عرَّف النبي بنفسه قائلاً: (( أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي ))
(1). وفي رواية: (( وقد سمَّاه الله رؤوفاً رحيماً ))(2) وفي رواية أنه وصف نفسه بأنه: (( نبي التوبة ونبي الرحمة ))(3).
وقال عن نفسه أيضاً: (( أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، واستُرضعت في بني سعد ابن بكر، فبينا أنا في بهمٍ لنا، أتاني رجلان، عليهما ثياب بيض، معهما طست من ذهب مملوء ثلجاً، فأضجعاني فشقا بطني، ثم استخرجا قلبي فشقاه، فأخرجا منه عَلَقةً سوداء، فألقياها، ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرةٍ من أمته، فوزنني بعشرة فوزنتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنني بمائةٍ فوزنتهم، ثم قال: زنه بألفٍ من أمته، فوزنني بألف فوزنتهم،فقال: دعه عنك، فلو وزنته بأمته لوزنهم ))
(1).
أخلاق النبي محمد e
وصف أخلاقَه، أصحابُهُ وآلُ بيته، فقد روى الترمذي في الشمائل المحمدية
(2)، عن الحسين أنه قال: سألت أبي عن سيرة النبي في جلسائه ؟ فقال: ( كان رسول الله دائم البِشر، سهل الخلق، ليّن الجانب، ليس بفظٍ ولا غليظ، ولا صخَّاب، ولا فحَّاش، ولا عيَّاب، ولا مُشاح . يتغافل عمَّا لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه، ولا يخيّب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه .
وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً، ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه .
إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته .
وكان يقول لأصحابه: (( إذا رأيتم طالب حاجةٍ فأرفدوه )) . [ أي فأعينوه ] لا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحدٍ حديثه حتى يجوز [ أي يجاوز الحق ويتعداه ] فيقطعه بنهي أو قيام)
(3).
وقال جابر : ( ما سئل رسول الله شيئاً قط فقال: لا )
(4). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (( كان رسول الله أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حتى ينسلخ، فيأتيه جبريل فيعرض عليه القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة ))(1).
وصفه خادمه أن t فقال: (خدمت رسول الله عشر سنين، فما قال لي أُفٍ قط، وما قال لي لشيءٍ صنعته: لِمَ صنعته، ولا لشيءٍ تركته: لِمَ تركته، وكان من أحسن الناس خُلُقاً، ولا مسست خزاً ولا حريراً ولا شيئاً ألين من كف رسول اللهe، ولا شممت مسكاً قط ولا عطراً كان أطيب من عرق النبي )
(2).
ووصفته زوجته عائشة رضي الله عنها قالت: (( لم يكن رسول الله فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخّاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ))
(3).
وقالت: (( ما ضرب رسول الله e بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا ضرب خادماً ولا امرأة ))
(4).
موقف الرسول محمد e من الأنبياء السابقين:
جرت عادة الزعماء والرؤساء ــ في الغالب ــ أنهم يحطون من قدر بعضهم، ويتناول بعضهم الآخر بالتنقيص بدافع الغيرة والحسد، أما الأنبياء فقد اصطفاهم الله سبحانه وطهرهم من هذه الآفات، فقد كان نبينا e يثني على إخوانه المرسلين ــ رسل الأمم الأخرى ــ فيقول عن عيسى عليه السلام: (( أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علاّت، ليس بيني وبينه نبي ))
(5).
وفي رواية: (( أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلاّت، أمهاتهم شتى ودينهم واحد ))
(6).
موقف الرسول محمد e من أهل الكتاب:
حاول النبي محمد e أن يقرِّب أهل الكتاب ويستميلهم، ليفهمهم أنه صادر من المصدر نفسه الذي صدر منه عيسى عليه السلام، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(( كان النبي e يحب موافقة أهل الكتاب، فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي e ناصيته ثم فرق بعد ))
(1).
وقد أكد القرآن على أن أقرب الناس للمؤمنين برسالة محمد e، الذين قالوا إنا نصارى، وهم من كانوا ــ حقاً ــ على دين عيسى عليه السلام، قال تعالى: ) لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما إنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ( [لمائدة: 82 ــ83 ] .
المسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء والمرسلين:
والمسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء والمرسلين، ويعظمونهم، قال تعالى: ) آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( [ البقرة: 285] .
حكم الإسلام فيمن تنقص أحد الأنبياء ولم يؤمن به:
إنَّ من العقيدة الإسلامية أنه لا يكون الإنسان مسلماً حتى يؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين ويحبهم ويحترمهم، قال تعالى: ) إن الذين كفروا بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً * أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً * والذين آمنوا بالله ورُسله ولم يفرقوا بين أحدٍ منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفوراً رحيماً ( [ النساء: 150 ــ 152] .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري