الاثنين، 1 يونيو 2009

التوكل عل الله

التوكل في اللغة
من الوكْل، يقال: وكل بالله وتوكل على الله: إذا استسلم إليه .
والاسم: الوكالة، بفتح الواو وكسرها .
والتوكل: إظهار العجز والاعتماد على الغير .
والاسم: التكلان، ويطلق على الرجل فيقال: المتوكل.
والنظرية: من النظر، وهو الفكر في الشيء إذا قدرته وقسته.
والتطبيق: أصله من الطبق، وهو غطاء كل شيء، والطبق من كل شيء: ما ساواه، ومنها، قولهم للمرأة العاقلة إذا تزوّج بها رجل عاقل: ( وافق شن طبقة ) والمطابقة: الموافقة، والتطابق: الاتفاق.

معنى التوكل في الشرع:

اختلفت عبارات العلماء في تعريف التوكل؛ فمنهم من يقول: التوكل عبارة عن اعتماد القلب على الموكَّل، وهو الله تبارك وتعالى.
ومنهم من يجعله من باب المعارف والعلوم، فيقول: هو علم القلب بكفاية الرب للعبد .
ومنهم من يفسّره بالسكون، وخمود حركة القلب، فيقول: التوكل هو انطراح القلب بين يدي الرب، وهو ترك الاختيار، والاسترسال مع مجاري الأقدار . قال سهل: التوكل: الاسترسال مع الله مع ما يريد . ومنهم من يفسره بالرضا فيقول: هو الرضا بالمقدور. قال ابن القيم رحمه الله: وحقيقة الأمر، أن التوكل حال مركبَّة من مجموع أمور لا تتم حقيقة التوكل إلا بها، وكل أشار إلى واحدٍ من هذه الأمور أو اثنين أو أكثر .
فأول ذلك معرفةٌ بالرب وصفاته من قدرته، وكفايته، وقيوميّته، وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته وقدرته، وهذه المعرفة أول درجةٍ يضع بها العبد قدمه في مقام التوكل.
وبعد ما سبق، بإمكاننا أن نعرِّف التوكل فنقول: هو علم القلب بكفاية الرب، واعتماده عليه، ورضاه بالمقدور .

أركان التوكل:

أركان التوكل ثلاثة: موكِّل ـ موكَّل ـ المادَّة التي وكلت أمرك فيها .
1ـ فالموكِّل: هو العبد الضعيف الفقير، وينبغي أن يُعلم أن التوكل لا يصح شرعاً إلا أن يكون صاحبه مسلماً، ـ بمعنى لا يؤجر عليه صاحبه ـ لقوله تعالى: وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله .
2ـ الموكَّل: هو من استسلمت له وسلَّمت له الأمور، وهو الله سبحانه وتعالى، وهو الخالق، الحي، القيوم، المدبِّر، المتصرّف، عالم الغيب والشهادة .
3ـ المادة التي وكَّلت أمرك فيها، وهي: الرزق ـ الشفاء ـ النجاح ـ النصر ـ وغير ذلك .

شروط يجب أن تتوفر في الموكَّل:

ولا يتوكل الإنسان على غيره إلا إذا اعتقد فيه أشياء:
1ـ الرحمة: مثال ذلك:
المرأة التي تكِل أمر ولدها للمرضعة لترضعه ـ وتسمى الظئر ـ إنما تفعل ذلك لعلمها أنها ترحم الأطفال وتشفق عليهم، ولو علمت منها خلاف ذلك، لما وكلت أم في العالم أمر طفلها إلى غيرها .
2ـ القوَّة: فالطفل عندما يحتمي بأبيه إذا خاف، لعلمه ـ بما أودع الله فيه من الفطرة ـ أنه أقوى منه، وهذا من البديهيات .
3ـ الهداية: فالطالب عندما يأخذ العلم من أستاذه، يفعل ذلك لعلمه أنه يهديه إلى الحقيقة، ـ ومعنى الهداية هنا: هداية الدلالة والبيان ـ أي أن الأستاذ يبيّن له الحق ويدله عليه .
4ـ القيام بالنفس: أي أنه غير محتاج إلى غيره، فالذي يتعرَّض للخسارة كيف يُتوكل عليه في جلب الرزق، والذي يتعرَّض للموت، كيف يُتوكل عليه في جلب نفعٍ أو دفع ضر .
وخلاصة الأمر، أن الموكَّل لا بد أن تتوفر فيه الرحمة، والقوة، والهداية، وأنه غير محتاج إلى غيره، حتى نتوكل عليه .
والمسلمون عندما يتوكلون على الله، فإنما يتوكلون عليه لعلمهم ويقينهم أنه أرحم الراحمين، فالله أرحم بعباده من الأم بولدها، ولذلك كان من أسمائه: الرحمن، على وزن فعلان كما يقال لمن امتلأ عطشاً: عطشان، أو امتلأ غضباً: غضبان، لإفادته الكثرة والامتلاء .
ولما كان الله تبارك وتعالى ـ ولا زال ـ ذا الرحمة الواسعة، كان من أسمائه: الرحمن.
وكذلك نتوكل عليه لعلمنا أنه ذو القوة المتين، كما نتوكل عليه لاعتقادنا أنه هدانا إلى صراط مستقيم، كما هدى كل مخلوقٍ لما يناسبه ويصلحه .
فمن الذي هدى المولود إلى ثدي أمه ؟
ومن الذي هدى السباع إلى أكل اللحم، والأنعام إلى أكل الحشائش و الأعشاب ؟
ومن الذي هدى الطير إلى صنع بيته بالطريقة التي يصنعها ؟
إنه الله، لذلك كان هو الإله الحق الذي ينبغي أن يتوكل عليه .
قال تعالى: ) وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سُبُلَنا، ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون
( [ سورة إبراهيم/ 12

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري