أمثلة على التوكل النظري:
ومما يؤسف له، أننا نعيش في زمنٍ ضعف فيه اليقين على الله، فصار توكلنا على الله توكلاً نظرياً، لا وجود له في الحقيقة والخارج، إلا من رحم الله، وسأدلل على ذلك ببعض الأمثلة الحية التي نعيشها:
1ـ رجل مريض، يذهب إلى الطبيب للعلاج، فيصف له الخمر للتداوي الله بها، فإذا قلت له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم )). فالخمر داء وليست بدواء، فتوكل على الله واطلب العلاج المشروع، لعاجلك بالجواب وقال: ( يا أخي أريد أن أجرب لعله .... ) .
فنقول سبحان الله العظيم، أين هذا من قوله تعالى:
وإذا مرضت فهو يشفين ( [الشعراء/80] فنحن وإن كنا نؤمن بالتداوي لقوله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله عز وجل لم ينـزل داء إلا أنزل له شفاء إلا الهرم )). لكننا نؤمن بأن الدواء سبب، والشافي على الحقيقة هو الله، وإنما يشفي الدواء بما أودع الله فيه من خاصيّة الشفاء، فلذلك نحن نأخذ الدواء وقلوبنا ترجوتبارك وتعالى، وتتوجه إليه بطلب الشفاء .
2ـ ومثال آخر: رجل يسأل فيقول: أنا أعمل في مؤسسة ربوية فما الحكم ؟ فنقول له: هذا العمل حرام، وكسبه حرام، فتوكل على الله وابحث عن عملٍ آخر، فيقول: أنا متوكل على الله، ولكن التوكل على الله لا يعني أنك تقطع برزقي !! .
إن هذا الجواب ليدل دلالةً واضحةً على ضعف التوكل عند هذا الإنسان، من يقطع برزق من ؟ وإذا قدَّر الله الرزق لإنسان فمن يستطيع أن يصرفه عنه ؟
فهل هذا الرجل متوكل على الله حقاً ؟
أين هو من قوله تعالى: ) وفي السماء رزقكم وما توعدون ([ الذاريات/ 22] ومن قوله تعالى: ) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ( [الذاريات/ 58] ومن قوله صلى الله عليه وسلم: (( إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها )).
أرأيتم الدودة السوداء، تعيش تحت الصخرة الصمَّاء، في الليلة الظلماء، من يسوق لها رزقها ؟
الطائر عندما يخرج من بيته في البكور، لا يعلم أين رزقه، ومع ذلك يخرج آخذاً بالأسباب، متوكلاً على الله في تحقيق الرزق، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً )).
شبهة وجوابها:
وقد يقول قائل: مرضت، فتوكلت على الله في طلب الشفاء مع الأخذ بالأسباب فلم أُشفَ !
فالجواب: قد يبتلي الله بعض عباده من باب الاختبار والتمحيص، وذلك ليعلم الصابر الذي يصبر على ابتلاء الله من القانط الذي يقنط من رحمة الله . ثم المسألة من ثلاثة وجوه:
الأول: إما أن يحقق لك ما توكلت به عليه .
الثاني: وإما أن يكفِّر عنك من الذنوب مثله، وعليك أن تصبر .
الثالث: وإما أن يدّخر لك الأجر ليوم القيامة ويجعل جزاءك الجنة .
وقد أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أُصرع فادعُ الله لي، فقال: (( إن شئت دعوت لك، وإن شئتِ صبرتِ ولك الجنة )) فقالت: أصبر، ولكني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري