الخميس، 20 سبتمبر 2012

التعذيب يعود في تونس الثورة

وزارة الداخلية بدأت التحقيق مع أربعة من عناصر الأمن على خلفية وفاة مسن تحت التعذيب

أعادت حادثة وفاة عبد الرؤوف الخماسي (40 عاما)، بسبب تعرضه للتعذيب الشديد بأحد مراكز الإيقاف بالعاصمة التونسية، إلى الأذهان ممارسات نظام الرئيس المخلوع زين الدين بن علي كما أنها طرحت العديد من التساؤلات حول مدى استفحال هذه الظاهرة وسبل الحد منها.

وقد خال الجميع في تونس بعد الثورة أنه سيتم نبذ كل الممارسات القديمة، لكن الواقع يشير إلى أن عدم العودة إلى أساليب النظام السابق يتطلب الكثير من الوقت وتضافر الجهود مع الجهات الرسمية وغير الرسمية.

ورغم غياب الأرقام الدقيقة، والتزام عدد ممن تعرضوا للتعذيب الصمت، فإن حادثة الخماسي وحادثة تعرض إحدى الفتيات إلى الاغتصاب من قبل رجل أمن، سلّطت الضوء من جديد على هذا الملف.

تساؤلات

وتكرر التعذيب في تونس بعد الثورة في عدة مراكز إيقاف وتكاد تفاصيل قصص من عذبوا أثناء إيقافهم تتشابه، وإن اختلفت في درجة الأضرار التي سببتها.

وبحرقة يروي محمد الهادي الرحيمي تفاصيل ما تعرض له ابنه فاخر (21 عاما) خلال إيقافه بمركز أمني بالعاصمة تونس، مؤكدا أن ابنه "قيّد من يديه ورجليه، وتعرض للضرب الأمر الذي أفقده أحد أضراسه، وأصاب إحدى عينيه بخلل".

الرحيمي: ابني فقد أحد أضراسه، وأصيبت إحدى عينيه بخلل جراء التعذيب

وبيّن الرحيمي أن "ما حدث لفاخر لا يمكن وصفه"، مشيرا إلى أنه يشعر بالإحباط الشديد خاصة إثر تلفيق عدد من التهم لابنه وعدم نزاهة الفحص الطبي".

وفي السياق ذاته يقول الكاتب العام لمنظمة مناهضة التعذيب منذر الشارني إن القضية تؤكد أن "الانتهاكات وممارسات التعذيب قد عادت بصفة كبيرة"، لافتا إلى أن وتيرتها "تتصاعد خلال الحملات الأمنية والتحركات الاجتماعية".

وأوضح الشارني أن ضعف ثقافة حقوق الإنسان في تونس، تجعل الاتصال بالمنظمات والهياكل المختصة في هذا المجال "ضعيفة"، وهو ما يؤثر سلبا على عملية حصر الظاهرة، كما أنه يشجع "مرتكبي الانتهاكات على الإفلات من العقاب".

درجات قصوى

من جهتها بينت النائبة الأولى لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بلقيس المشري، أن وتيرة العنف المسلط على المواطنين رهن الاعتقال تصاعدت كثيرا، موضحة أنها وصلت إلى أقصى درجاتها في الفترة الحالية.

وذكرت أن الرابطة التي تتابع ملف التعذيب منذ 36 سنة وتتلقى الكثير من الشكاوى حول انتهاكات وحالات تعذيب، واتفقت مع الشارني على أن هذه الحالات عادة ما تقترن بالتحركات الاجتماعية على غرار ما حدث في سيدي بوزيد (وسط)، وصفاقس وقابس (جنوب).

في المقابل قلّل المسؤول عن الإعلام بوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية شكيب الدرويش، من خطورة الظاهرة، قائلا إن التعذيب في تونس لم يعد سياسة دولة، وكل حالات التعذيب الحالية فردية ولا علاقة لها بالدولة.

الشارني: الانتهاكات وممارسات التعذيب عادت بشكل كبير

وكشف أن الحكومة تعلن بصراحة إحالة كل من ثبتت إدانته بارتكاب جرائم تعذيب إلى القضاء، والتنديد به وطرده من الوظيفة العمومية، موضحا أن هناك سرعة في التعامل مع كل الشكاوى الخاصة بتعرض أشخاص للتعذيب.

وقال الدرويش إن الحكومة تعمل على معالجة هذا الملف أولا من خلال تتبع المذنبين قضائيا، وثانيا عبر معالجات وقائية كتدريب أعوان الأمن على احترام حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب.

تنقيح القوانين

وأشار إلى أن الحكومة صادقت على مشروع قانون استحداث هيئة وطنية لمناهضة التعذيب دورها زيارة السجون وأماكن الاحتفاظ بالمعتقلين، وإعداد تقارير في هذا الصدد.

وفي حديثها عن سبل الحد من هذه الظاهرة ترى بلقيس المشري أن ذلك يجب أن يتم من خلال تنقيح القوانين وأن تتضمن وجوب العرض الطبي قبل وبعد الإيقاف، وعدم إسقاط دعوى التعذيب بمرور الزمن"، مطالبة بـ"استقلالية النيابة العمومية، عن وزير العدل".

وفي السياق ذاته، يقول الشارني إنه "يجب تغيير الكثير من القوانين، من ذلك تمكين المحامين من الحضور في مراكز الإيقاف كما يجب أن يكون الأطباء المكلفين بفحص المتضررين تابعين لوزارة الصحة، فضلا عن تمكين أهالي الضحايا من اختيار طبيب آخر لتشديد الرقابة على الفحوص الطبية، التي يمكن أن تخضع للمغالطة.

كما يرى الشارني ضرورة إخضاع الضباط ورجال الأمن لدورات تدريبية في مجال حقوق الإنسان، حتى يكون مسار الإصلاح ناجحا، ويتم تغيير العقيدة الأمنية السابقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري