السبت، 22 أكتوبر 2011

وانطوت صفحة من تاريخ الحكام العرب

صورة تجمع الحرامية المخلوعين القذافي مع مبارك وبن على وصالح

بالإعلان عن مقتله على تخوم مدينة سرت الساحلية أمس الخميس، بات معمر القذافي ثالث ثلاثة حكام عرب يفقدون السلطة إثر ثورات شعبية تباينت في طولها، وإن اتحدت في شعاراتها وأهدافها ومآلاتها.


فـ ذين العابدين فرّ بجلده من تونس خوفا من بطش الجماهير يوم 14 يناير/ كانون الثاني 2011، ثم تلاه الحرامي المخلوع حسني مبارك الذي تنازل عن حكم مصر يوم 11 فبراير/ شباط قبل أن يعتقل ويُزج به ونجليه في السجن.

ثم جاءت نهاية القذافي المأساوية لتطوي صفحة من صفحات الحكام العرب، وتفتح باب التكهنات على مصراعيه حول من سيأتي عليه الدور بعد أولئك الثلاثة.

ومنذ أن استولى القذافي على السلطة في ليبيا إثر انقلاب عسكري في الفاتح من سبتمبر/ أيلول 1969 حتى شرع في بناء نظام حكم لا هو بالجمهوري ولا الملكي، بل مزيج من أنظمة قديمة وحديثة.

وفي عام 1976 نشر العقيد كتابه الأخضر الذي عرض فيه ما سماها "النظرية العالمية الثالثة" التي اعتبرها تجاوزا للماركسية والرأسمالية، وتستند إلى حكم الجماهير الشعبية.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، اتسمت علاقات القذافي مع الغرب في بداياتها بالصدام والتوتر، ثم ما لبث أن سعى إلى توطيدها في أعقاب الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق أثر الغزو الأميركي في مارس/ آذار 2003، فكان أن توصل إلى تسوية لقضية لوكيربي في أغسطس/ آب 2003 بعدما دفع 2.7 مليار دولار تعويضات لضحايا طائرة بان أميركان.

نهاية مأساوية للقذافي
ثم عمد إلى تعزيز تلك العلاقات بتفكيك برنامجه النووي، وتسليم جميع الوثائق والمعدات ومعلومات عما يُعرف بخلية العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان للولايات المتحدة.

وكان هو أول من قرع أجراس الخطر للزعماء العرب عندما شاهد سقوط صدام حسين، محذرا إياهم من مصير مماثل.

كان ذلك أثناء القمة العربية التي عُقدت بدمشق عام 2008، لكن الحكام الحاضرين وقتها ضجوا بالضحك استهزاء بتحذيره.

وجاءت بداية النهاية لحكم العقيد عندما اندلعت الثورة الشعبية في أواسط فبراير/ شباط 2011 من مدن الشرق الليبي، وجاء سقوط العاصمة طرابلس يوم 22 أغسطس/ آب على أيدي الثوار تتويجا لستة أشهر من القتال الضروس مع كتائب القذافي، التي دُحرت عن آخر معاقلها في مدينة سرت، مسقط رأس زعيمها.

سقوط مدو
وقد كان سقوط نظام الحرامي المخلوع مبارك في مصر يوم 11 فبراير/ شباط الماضي مدويا، إذ أُجبر على التنحي عن منصبه ونقل صلاحياته إلى الجيش تحت وقع ثورة شعبية بدأت من مستصغر شرر يوم 25 يناير/ كانون الثاني.

وانتقل بعد ذلك ليقيم بمدينة شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر قبل أن يُنقل إلى القاهرة ليمثل أمام القضاء هو ونجلاه النصابين الحرامية علاء وجمال، ويتحول محل إقامته إلى مستشفى القوات المسلحة بالعاصمة.

أما زين العابدين بن علي، فقد كان ضحية الزلزال السياسي الذي ضرب تونس أولا ثم توالت توابعه بعد ذلك لتصيب بقوتها عددا من دول المنطقة.

فقد شهدت تونس أواخر عام 2010 أزمة حكم حقيقية وُصفت حينها بالأخطر في تاريخ البلاد بعد تصاعد الاحتجاجات والتحركات الشعبية، وسقوط عشرات القتلى والجرحى احتجاجا على البطالة والفساد والمحسوبية.

وقد انطلقت الشرارة من ولاية سيدي بوزيد بعد أن أقدم بائع متجول يُدعى محمد البوعزيزي على إحراق نفسه غضباً على منعه من بيع الخضراوات ومصادرة بضاعته بعد أن صفعته شرطية. فكان أن أدى ذلك الحادث إلى اندلاع ثورة عمت ربوع البلاد لتنتهي بفرار بن علي يوم 14 يناير/ كانون الثاني إلى السعودية.

صراع حضاري
ويبدو أن ثورات ما تعارف على تسميته بالربيع العربي لن تتوقف عند هذا الحد، بل إن عدواها بدأت تسري في جسد الأمة كلها.

ففي سوريا على سبيل المثال، خرج المحتجون إلى شوارع المدن المختلفة يوم 15 مارس/ آذار 2011 في انتفاضة ضد ما قالوا إنه القمع والفساد وكبت الحريات الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد.

ربما يرى بشار الحمار أنه في مأمن طالما أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) لن يتدخل، وأنه بمنأى عن المصير الذي آل إليه رئيسا تونس ومصر المخلوعان وبعدهما عقيد ليبيا.

وفي اليمن، عاد علي عبد الله فاسد معافى من السعودية وهو أكثر إصرارا وتمسكا بالسلطة، بينما ازداد ضرام الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت شرارتها في الثالث من فبراير/ شباط.

وكان صالح تعرض في الثالث من يونيو/ حزيران الماضي لمحاولة اغتيال عندما تعرض مسجد بمجمع رئاسة الجمهورية بصنعاء لانفجار خلال قيامه بالصلاة هناك مع عدد كبير من المسؤولين، أُصيب خلالها إصابات بالغة نُقل على إثرها إلى السعودية للعلاج حيث خضع لعدة عمليات جراحية.

لم ينفع الرؤساء الثلاثة المخلوعين طول بقائهم، فالقذافي ظل متشبثا بالحكم لأكثر من 42 عاما، ومبارك جلس على كرسي السلطة ثلاثة عقود، وبن علي تولى زمام الأمور في بلاده ما يربو على 23 سنة.

أما صالح فقد ظل يحكم اليمن منذ 33 عاما، بينما تولى بشار السلطة عام 2000 عقب وفاة والده حافظ.


كما لم تشفع لبعض الحكام العرب علاقاتهم التي بدت لهم وطيدة مع الغرب، فكان الغرب هو أول من
تخلى عنهم بمجرد خروج الجماهير إلى الشوارع
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري