الجمعة، 9 أبريل 2010

تساؤلات محرجــــــة!!


  • بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي بيده مقاليد الأمور ، وبأمره تصريف الأحوال ، وهو على كلِّ شيء قدير ، وبكلِّ شيء عليم ، والصلاة والسلام على رسول الله ، سيد ولد آدم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :
  • فهذه تساؤلات محرجة لمتبرجة ، أردت من خلالها أن تنتبه الغافلة ، وتتعلم الجاهلة ، وتثبت على طريقها كلُّ فاضلة عاقلة ، فأقول ، وبالله أصول وأجول : *
  • أختاه !
  • هل تتبرجين ليراك الناس بهذا اللباس ، والتبرج المزعج ؟
  • وتفرحين إذا التفتت إليك الأبصار وتابعتك الأنظار ؟ فأين أنت عن الله ! أين أنت عمن يراك تلبسين ما نهاك عنه وحذرك منه ؟ أما تخافين عذابه ؟ وتخشين عقابه ؟ وتهابين حسابه ؟ أم أنَّ الدنيا أغرتك ؟ وفي أوديتها أردتك ؟ وبحبالها أوثقتك ؟ هل ركنت للدنيا الفانية وغفلت عن الآخرة الباقية ؟ هل طمعت فيما يزول ؟ وانشغلت بما يحول ؟ ونسيت يوماً سيطول ؟ أعيذك بالله من كلِّ ما يؤذيك ! قال تعالى : [ ... واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ] 1 *
  • أختاه !
  • هل تحبين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ؟!
  • لا أشكُّ في ذلك طرفة عين .
  • فهل يرضيك ـ لو أنه بُعث من قبره ـ أن يراك على هذا الوضع المزري والواقع المخزي ؟! تصوَّري هذا بخيالك ، ثم افعلي ما بدا لك ! عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " .
  • قالوا يا رسول الله ‍ ! ومن يأبى ؟ قال :" من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى " 2 ألا تخشين أنك ممن أحدثوا بعده ، وصنعوا ما لم يشرع لهم ، وفعلوا ما لم يأذن لهم فيه ، فيطردون عنه ، ويُحرمون من حوضه ، ويُذادون عن الشراب من يده المباركة في يوم يطول فيه الموقف ويعظم فيه الهول ؟! وهو ينادي ويقول :" أمتي ! امتي ! " فيرد عليه :" إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك " !! *
  • أختاه !
  • أيسرُّك لو أن ملك الموت نزل إليك ، وهجم عليك ، ليستلَّ الروح من الجسد السافر والبدن الظاهر ؛ أن تلقي الله تعالى وأنت بلباسك المتهتِّك ، وحجابك المتبرج ؟ أما تخافين من سوء الخاتمة وقبح العاقبة ؟ والمرء يُبعث يوم القيامة على ما مات عليه ، ثم يحاسب على ما قدمته يداه بين يديه .
  • فيا لهف نفسي !
  • كم من مفضوح في يوم لقاء الله !
  • قال تعالى :[ قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ] 3 *
  • أختاه !
  • لو أن شقيقك طلب منك أن تختاري له زوجة صالحة ممن تعرفين من الفتيات ، وجعل لك القرار في الاختيار ... فهل ستختارين له تلك المتبرجة السامجة ؟!
  • أم أنَّك ستنصرفين عنها لتختاري له تلك اللؤلؤة المصونة والدُّرَّة المكنونة التي تلفعت بلباسها ، وتسربلت بعباءتها ، وحفظت نفسها من تلك النظرات الخائنة التي يرسل بها زمرة شيطانية من الذئاب البشرية التي تحوم حول كلِّ فريسة بلهاء زجَّت بنفسها بين أنياب الذئاب ومخالب المخربين من الشباب ؟ أنا زعيم بأنَّك ستختارين الأخرى على الأولى ! أ رأيت لمن يكون الاحترام ؟ وبمن تكون الثقة ؟ وإلى من تنصرف القلوب والعقول ؟ وتلك عاجل البشرى ، وما عند الله خيرٌ وأبقى . *
  • أختاه !
  • هل تقتدين في هذا التبرج بالمؤمنات الصالحات من أمهات المؤمنين أو بزوجات أصحاب خير المرسلين ؟
  • أو بنساء أتقياء التابعين ؟ أو بالحافظات لما أمر به ربُّ العالمين ؟ أم أنَّك تتأسين بالفاسقات العاصيات من الكافرات الفاجرات أو بالممثلات المنحرفات أو بالمغنيات المائلات أو بالضائعات الحائرات ؟! ولا يخفاك ـ رُزقت هُداك ـ أنَّ التشبُّه في الظاهر دليل التعلُّق في الباطن ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ، والمرء يُحشر مع من أحبّ .. فاختاري الرفيق في الطريق ، والموعد يوم القيامة ! عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت :
  • لمَّا نزلت :[ يُدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ] خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية . 4 وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لمَّا أنزل الله :[ وليضربن بخمرهن على جيوبهن ] 5 شققن أكنف ـ وفي رواية ؛ أكثف ـ مروطهنَّ فاختمرن بها . 6 فهل تستوي المستترة مع المستهترة ؟! والمحجبة مع المتفرنجة ؟! والتقيَّة مع الشقيَّة ؟! تالله لا تستويان ، لا في الدنيا ، ولا يوم يبعثان ! *
  • أختاه !
  • هل تعلمين أن المتبرجة السافرة مهزومة من داخلها ؟
  • لأنها مهزوزة الشخصية ، مطموسة الهوية ، مسلوبة الإرادة ، لا تعتزُّ بدينها ، ولا تفخر بعقيدتها .. فهي تشعر بدناءة نفسها ، وتحس بضعف ثقتها بذاتها ، فتحاول ستر هذه السوءة ، بسوءةِ التبرُّج والسفور وحبّ الظهور ، وكم قُصمت بهذا ظُهور ؟! فأين هي ـ أسفاً عليها ـ من تلك الواثقة بطريقها ، المُعتزَّة بدينها ، والمستمسكة بأمر ربِّها .. فواسعداً لها ! لقد جعلت الحجاب مبدأ تعيش عليه ، لا يمكنها التنازل عنه ، وقضية تناظل من أجلها ، فكيف تتساوى مع من تتهاوى ـ في كلِّ يوم ـ تحت أقدام أعدائها ، يحرفونها عن مسارها كيفما أرادوا ، وهي سامعة مطيعة ، خاضعة ذليلة ، لا رأي لها أو قرار ، ولا فكر لها أو خيار ؟‍‍! قال تعالى :[ أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم ] 7 *
  • أختاه !
  • هل تعتقدين أن التبرج حضارة ، ومواكبة للتطور ، ومسايرة لركب التقدم ؟
  • الحقيقة أنها خدعة لا أظنها تنطلي عليك ، ولا أحسب أنك من ضحاياها ، فالتبرج عودة للعصور الهمجية ، ورجوع لأسن الجاهلية ، ولهذا جاء النهي الصريح في كتاب الله تعالى عن النكوص على الأعقاب ، والرجوع لزمن الوحش والغاب .قال تعالى :[ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأطعن الله ورسوله .. ] 8 فهل ترضين بأن توصفي بالجاهلية ؟ أو تنسبين إلى العصور الحجرية ؟ انتبهي من مكر الأعداء ، واحذري من كيد الشيطان ، فالرقي والتقدم تستلزم التمسُّك بالآداب الشرعية ، والقيم الإيمانية ، وإلا فإنها الجاهلية الأولى ‍‍‍، واللوثة الكبرى ، والنكسة الأخرى !
  • أختاه ‍‍‍!
  • هل تحتملين الحرمان من الجنة العالية لنزوة زائلة ، ولنشوة عاجلة ؟
  • تمضي سريعاً كومض البرق ، ثم يبقى الذنب في الصحيفة ، وقد يكون سبباً للحرمان من الجنة ، فيا له من حرمان موجع وغبنٍ مفجع ‍‍‍ ‍! فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ ( :" صِنفانِ مِن أهلِ النار لم أرَهُما . قومٌ معهُم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربُونَ بها الناسَ ، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ ، مميلاتٌ مائلاتٌ ، رُؤسُهنَّ كأسنةِ البُختِ المائلةِ لا يدخلنَ الجنةَ ، ولا يجدنَ ريحهَا ، وإنَّ ريحها ليُوجدُ مِن مسيرةِ كذا وكذا "9 وعن أبي أذينة الصدفي ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ( ـ قال :" خير نسائكم الودُودُ الولودُ ، المواتية ، المواسية ؛ إذا اتَّقينَ اللهَ ، وشرُّ نسائكم المُتبرِّجاتُ المتخيلات ، وهنَّ المنافقات ، لا يدخل الجنة منهنَّ إلا مثلُ الغراب الأعصم " 10 وهذا الغراب في رجله ومنقاره لون أحمر ، وهو نادر في الغربان .
  • أختاه !
  • لماذا تتبرجين ؟!
  • أليس ليراك الناس ، فيعجبون بك ، وينظرون إليك ، ويثنون عليك ، ويرضون عنك ؟! فأين أنت عن البحث الدؤوب عن رضى الرب ـ سبحانه ! أيعقل أن رضى الله تعالى آخر ما تفكرين به ، وتبحثين عنه ؟! أليست قلوب العباد بين يديه يقلِّبها كيف يشاء ؟! بلى ! فلماذا لا تجعلين الهمَّ همَّاً واحداً ؟! فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من التَمس رضا الله بسخط الناس ؛ رضي الله عنه ، وأرضى عنه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله ، سخط الله عليه ، وأسخط عليه الناس " 11 فأفيقي ـ يا أخيَّة ـ من هذا السبات العميق ، واحذري من آفات الطريق ، واعلمي أن اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ، وأنك راجعة إلى الله ، وواقفة بين يديه ، فخذي للموقف أهبته ، وللموقف عدته ، وللسؤال إجابته ، فلا يغرنَّك بالله الغرور ، فإلى الله ترجع الأمور .
    1 البقرة : 2 صحيح البخاري (6/2655 ) (6851 ) . 3 الجمعة : 4 صحيح سنن أبي داود (2/773) (3456) . 5 النور : 31 6 صحيح سنن أبي داود (2/773) (3457) . 7 الملك : 8 الأحزاب : 9 صحيح مسلم (3/1339) (2128) . 10 أخرجه البيهقي في السنن ، انظر : السلسلة الصحيحة (4/464) (1849) . 11 رواه ابن حبان في صحيحه ، انظر : صحيح الترغيب والترهيب (2/547) (2250 ) وهو في الترمذي بلفظ قريب منه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري