الخميس، 12 مايو 2011

من الآداب الاجتماعية في الإِسلام

)الآيات من 11 إلى 13 من سورة الحجرات(

التفسـير:

قول اللّه تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا يسخرْ قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نِساءٌ من نِساءٍ عسى أن يَكنَّ خَيراً منهنَّ}. ينهى اللّه تعالى المؤمنين عن السخرية من الناس والاستهزاء بهم واحتقارهم فإِنه قد يكون المحتقَرُ أعظمَ قدرا عند اللّه تعالى وأحبَّ إِليه من الساخر منه المحتقِرِ له. وخصَّ النساء مع أنهن داخلات في نهي القوم لأنهن يشيع بينهن هذا الأمر أكثر من الرجال.

قوله تعالى: {ولا تَلْمِزُوا أنفسكم} أي لا تذكروا عيوب الناس فالهمِّاز اللمَّاز مِن الناس مَذْموم كـما قال تعالى: {وَيْل لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمزَةٍ}.

وقـولـه تعالى: {ولا تنابزوا بالألقاب}: أي لا ينادي بعضكم بعضا بالألقاب التي يسوء الشخصَ سَمَاعُها. روي أنها نزلت في بني سَلَمَة.

قَدِمِ النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيهم رجل إلاّ وله اسمان أو ثلاثة فإذا دُعِيَ بأحدها غضِبَ فنزلت الآية.

وقولـه تعالى: {وبِئْسَ الاسمُ الفُسُوقُ بَعْد الإيمانِ}. أي هذه الصفة وهي الفسوق والخروج بعد الإِيمان أسوأ صفةِ لأنها من عادات الجاهلية.

قوله تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}. أي ومن لم يتب من هذه الذنوب وضل على عصيانه فقد ظلم نفسه ظلماً كبيراً وظلم غيره فسيحاسب على ظلمه ويقتص منه.

وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إنَّ بعض الظنِّ إثم}. ينهى سبحانه عباده المؤمنين عن كثير من الظن وهو التهمة والتَخَوّنُ للناس في غير محله لأن بعض ذلك يكون إثماً خالصاً وذنبا عظيما.

قوله تعالى: {ولا تجسسوا} أي لا يتتبع أحدكم عورات الآخرين ولا يبحث عن عيوبهم.

قوله تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}. ينهى الله تعالى عن الغيبة وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: "ما الغيبة"؟ قال صلى الله عليه وسلم : "ذكرك أخاك بما يكره". قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال صلى الله عليه وسلم : "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فقد بهته"(1)، والغِيبة محرمة بالإجماع ولا يستثنى من ذلك إلا ما رجعت مصلحته كالجرح والتعديل والنصيحة. وقد ورد فيها الزجر الشديد ولهذا شبهها تبارك وتعالى بأكل اللحم من الأخ الميت كما قال تعالى: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه} أي كما تكرهون هذا الفعل بطبعكم فاكرهوا ذلك المحرم شرعا.

قوله تعالى: {واتقوا الله إن الله تواب رحيم} أي اخشوا الله ربكم وراقبوه فيما أمركم به ونهاكم عنه إن الله تواب على من تاب إليه رحيم بمن رجع إليه واعتمد عليه والتوبة من الغيبة الإقلاع عنها والعزم على عدم العودة إليها، والندم على الوقوع فيها، مع الاستغفار لمن وقعت فيه الغيبة، والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}. يخبر الله تعالى الناس جميعا بأنه خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وهما: آدم وحواء. وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا، فالناس جميعا بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء وإنما التفاضل يكون بالتقوى. وهي طاعة الله تعالى و اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي أن يسخر أحد من أحد أو يلمزه أو ينابزه أو يظن به غير الخير أو يغتابه فأنه أخوه. والمؤمنون إخوة، فأفضلهم عند الله منزلة أتقاهم. إن الله عليم بكم خبير بأعمالكم وسيجازيكم عليها.

ما ترشد إليه الآيات:

ترشدنا هذه الآيات الكريمة إلى ما يلي:

1- النهي عن السخرية والاستهزاء بالناس واحتقارهم.

2- النهي عن اللمز والإفساد بالقول السيء.

3- النهي عن التنابز بالألقاب والالتزام بالإيمان وعدم الخروج على طاعة الله.

4- النهي عن الظن السيء بالناس لأنه إثم عظيم.

5- النهي عن التجسس.

6- النهي عن الغيبة وتشديد الزجر عليها فقد شبهت بأكل لحم الأخ ميتاً.

7- الأمر بتقوى الله عز وجل وتمام طاعته.

8- بيان أن منشأ الناس جميعا واحد وأنهم مخلقون من أبٍ واحد وأم واحدة ولا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله عز وجل.


من أراد زاداً ... فالتقوى تكفيه
ومن أراد عزاً ...فالإسلام يكفيه
ومن أراد عدلاً ... فحكم الله يكفيه
ومن أراد جليساً ... فالقرآن يكفيه
ومن أراد زينة ... فالعلم يكفيه
ومن أراد واعظاً ... فالموت يكفيه
ومن أراد أنيساً ... فذكر الله يكفيه
ومن أراد غنى ... فالقناعة تكفيه
ومن أراد جمالاً ... فالأخلاق تكفيه
ومن أراد راحةً ... فالآخرة تكفيه
ومن لم يكفه كل هذا ... فالنار تكفيه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري