الخميس، 26 مايو 2011

الحيـــادية

الحيادية سلوك يتحدث عنه كثير من الناس على أنه سلوك محمود ولكنك تجدهم في النهاية يبررون به سلبيتهم تجاه موقف يشعرون عنده بالعجز أو الخوف من المواجهة أو تجنب المشاكل أو ما ملخصه التهرب من تحمل المسئولية.

ولكن الحيادية ليست حقيقة بهذا السوء فكثير من القضايا اليومية تحتاج منك لأن تكون محايدا ولا تنجرف بمشاعرك حتى تستطيع أن تتحكم في ردود أفعالك وتحكم على المواقف بالعدل.

المسألة بالفعل صعبة جدا ليس فقط لأن الوصول للحيادية هي عملية نفسية صعبة في ظل حياة مليئة بالأساليب والمواقف المستفزة ولكن لأن استخدمها في غير موضعها أو عدم استخدمها في موضعها قد يضع الإنسان في موقف ظلم لمن أمامه. لذا فإن عليك أن تفهم ما هي الحيادية ومتى تستخدمها.

الموضوع كبير جدا ولكن في صفحتنا محاربة البذاءة على الفيسبوك سألتزم بالتحدث عن ما يخص سلوكيات الإنترنت.

عند قراءتك لأخبار منشورة مهما كان المصدر يجب أن تتمتع بالحيادية ويعني ذلك أنه عليك أن لا تنفعل سريعا وتتخذ قرارات وتقم بإجراءات وأنت تعلم أن كل ما حولك الآن مشبوه مهما كانت الثقة في المصدر. هذه الحيادية تساعدك على الإسترخاء وترك ذهنك يعمل ويقارن ويبحث ويصبر ويستنتج ويراقب أما الإنفعال فيلغي عقلك ويجعلك تدخل في دائرة الغضب التي يتبعها أفعال لا تتسم بالحكمة مطلقا وقد تندم عليها لاحقا أو تكون من صفاتك الكبر فتأبى إلا أن تبرر ما بدأته حتى لا تظهر أمام الناس متراجعا عن رأيك.

يساعدك على الحيادية في مسألة تناول الأخبار إعتبار كل الأخبار تحت دائرة الشك حتى تثبت صحتها سواء مع الوقت أو من الجهة ذاتها التي يتعلق الخبر بها أو كلاهما.

الحيادية أيضا تحتاجها حين تواجَه بآراء مخالفة لك لأن دراستك لآراء غيرك ودراستك لحيثيتها تفيدك وتثري رؤيتك من جميع الجوانب فمعظم القضايا الحالية لم تعد بألوان الأسود أو الأبيض بل أصبحت لها تدرجات كثيرة ومتنوعة تختلف بإختلاف زاوية نظرك، والحقيقة ليست مع أحد إنما يقترب منها أكثر ما يكون من تشمل رؤيته أكثر الزوايا، أما الحقيقة الفعلية فإنه لا يعلمها إلا الله ولا يعلمها حتى الأشخاص المتورطون فيها لأن هناك جوانب من أطراف لها مصالح أخرى تعاكس فعل هؤلاء المتورطون لا يعلمون هم أنفسهم عنها شيئا.

تساعدك الحيادية في تفتح ذهنك للإنصات للرأي الآخر بدلا من أن تنشغل بأن تضع له ما يثبت عكسه بلا تركيز على حقيقة ما يقول. المناظرات شئ جيد جدا بل هي تخرج أفضل ما في كلا الرأيين للناس كي يستطيعوا أن يفهموا خبايا الجانبين ولكنك حين تتناظر يجب أن تتلقى من الآخر بإسترخاء ولا ترد بعاطفية، وحين تخرج من الحوار راجع ما استفدته منه فإما أنك ترى جانبا جديدا يضعف من الرأي الذي تبنيته فتعيد تشكيله وإما ترى جانبا يزيد رأيك قوة فتكون أقدر على إثبات رأيك في أي حوار جديد وهكذا تحصد ثمار أسلوب تفكير راقي تميز بالحيادية في تلقي معلومة من الذي يخالفك الرأي قبل من يتفق معك فيه.

الحيادية كما رأيناها هي إسترخاء للعقل أمام شئ قد يستفزه ويخرجه من الإطار الموضوعي تمهيدا لدراسته وإتخاذ اللازم تجاهه بحكمة.

هناك بعض الناس يعامل بحنان وما يسميه حيادية للمسيئين ومروجوا الفتن ومروجوا الإشاعات ومن يبحثون عن زعزعة الأمن والهجوم على فئات كاملة من الشعب. ومجرد مناقشة هذه النماذج هي مساعدة لهم على نشر ما يحملوه ولا يمت ذلك للحيادية بصلة إنما هو ضعف وقلة حيلة أمام خطر يحتاج إلى إجراء حاسم.

هذا الإجراء ليس من ضمنه السب فالسباب ليس إجراء لأي شئ إنما هو لغة المشلول تزيد من تفاقم أي مشكلة وتبعث على تشنج الجانبين ولكن مثل هذه الحالات المشبوهة حلها إما التجاهل أو الإقصاء على حسب الحالة والمتاح للشخص.

والنقاش مع هؤلاء لا يؤدي إلى نتيجة بل ينشر فكرهم ويستنفذ طاقتك ووقتك فيما لا يفيد ويستفزك إلى مرحلة قد لا تستطيع معها الصبر مما قد يخرجك من الإطار الموضوعي ويؤثر سلبا على رأي من يشاهد هذا الحوار تجاهك أنت.

لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا....."

وقال صلى الله عليه وسلم:" ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل" - رواه أحمد والترمذي وابن ماجة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري