الآلاف توافدوا لإلقاء نظرة الوداع على البابا الراحل احتشد آلاف المصريين داخل وخارج الكاتدرائية الرئيسية بمنطقة العباسية بالقاهرة لإلقاء نظرة الوداع على جثمان بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية شنودة الثالث الذي توفي أمس السبت عن عمر ناهز 89 عاما.
ووضع جثمان البابا الراحل في كامل هيئته "الكهنوتية" على كرسي البابوية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية لإلقاء نظرة الوداع عليه وذلك لحين بدء مراسم الدفن بعد غد الثلاثاء.
كما توافد الآلاف بمدينة الأقصر على الكنائس للمشاركة في "صلوات نياحة" تستمر ثلاثة أيام. كما توجه الآلاف من الأقصريين إلى القاهرة "للمشاركة في الجنازة ونيل البركات من صاحب القداسة الباباوية قبل أن يوارى الثرى" وفق التقاليد الكنسية.
ومن المقرر أن تستمر مراسم تشييع البابا الراحل حتى الثلاثاء المقبل، يستمر خلالها على الكرسي قبل أن يُدفن في دير الأنبا بيشوي في صحراء وادي النطرون شمال غرب القاهرة، وفقاً لوصيته.
وكان مدير المراسم بالمقر البابوي بالقاهرة صمويل القمص قد أعلن في وقت سابق أمس أن البابا شنودة توفي في الاستراحة الخاصة به بالمقر, بعد معاناة مع المرض سنوات طويلة، حيث قام برحلات عديدة إلى الولايات المتحدة للعلاج، وأٌجبر على إلغاء عظته الأسبوع الماضي بسبب مشاكل صحية.
|
حزن يخيم على الأوساط المسيحية بمصر |
خليفة البابا
جاء ذلك بينما تتواصل النقاشات بشأن ترتيبات اختيار خليفة البابا الراحل, في وقت توالت فيه ردود فعل واسعة أعرب خلالها سياسيون ورجال دين عن حزنهم العميق. وأعلن الأب أنجلوس إسحق، وهو راعي كنيسة، أن بابا مؤقتا سيقع عليه الاختيار إلى أن يختار الخليفة الجديد, وقال إنه "من المبكر جدا معرفة ما سيحدث مستقبلا لكن المعروف أن أقدم أسقف في المجمع المقدس سيختار كقائم مقام إلى أن يختار بابا جديد من بين المجالس الملية في المحافظات".
كما كشف المستشار الإعلامي للكنيسة الإنجيلية القس إكرام لمعي أن المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس سيرشح ثلاثة أساقفة بالانتخاب المباشر لخلافة قداسة البابا شنودة. وقال "في حال وفاة البابا يجتمع المجلس الملي الأرثوذكسي الذي يتكون من جميع الأساقفة، ويقوم المجلس بترشيح ثلاثة أساقفة بالانتخاب المباشر لخلافة قداسة البابا شنودة".
وأوضح أن المرشحين "ستكتب أسماؤهم في ثلاث ورقات توضع على المذبح، وبعد الصلاة في المذبح يقوم أحد الأطفال باختيار ورقة لتحديد اسم البابا الجديد، وتعتمد هذه الطريقة حتى يكون هناك تدخل إلهي في اختيار قداسة البابا الجديد".
يُشار إلى أن الكنيسة القبطية مستقلة ومن أقدم الكنائس المسيحية. وقد شاركت بالسنوات الأخيرة في أعمال مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط.
ردود فعل حزينة
وقد أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تعازيه, ووصف شنودة الثالث بأنه الزعيم المحبوب للمسيحيين، والمدافع عن التسامح والحوار الديني. كما قال أيضا "نحن نقف جنبا إلى جنب مع المسيحيين الأقباط والمصريين وهم يتذكرون إسهاماته في دعم السلام والتعاون". وذكر بيان أوباما أن "التزام البابا شنودة الثالث بوحدة مصر الوطنية يعد دليلا على ما يمكن تحقيقه عندما يعمل الناس من جميع الأديان والمذاهب معا".
من جهة ثانية, عبر علماء دين مسلمون بمصر بينهم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومسؤولون بينهم رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي وسياسيون عن الحزن لوفاة البابا.
وقال رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني "عاش قداسته وطنيا مخلصا ومات وطنيا مخلصا ونذكر له مواقفه المشهودة ضد الاحتلال الصهيوني للقدس الشريف".
وانتخب شنودة بابا للأقباط عام 1971 ليكون البابا الـ117 للكنيسة القبطية. وكانت كلمته مسموعة جدا لدى أبناء هذه الطائفة، وخلال أربعة عقود اختلف وتصالح مرارا مع السلطات, فاختلف مع الرئيس الراحل أنور السادات الذي قرر تحديد إقامته في نطاق إجراءات ضد معارضيه في سبتمبر/ أيلول 1981، وكانت العلاقة بينهما توترت لرفض البابا معاهدة السلام مع إسرائيل بسبب إجراءاتها بمدينة القدس وعلى خلفية حوادث طائفية أواخر السبعينيات من القرن الماضي.
في عام 1985 أعاد الرئيس المخلوع حسني مبارك البابا إلى منصبه وبنيت علاقة جيدة بين الاثنين. ورفض البابا مشاركة الأقباط في الثورة التي أسقطت مبارك لكنه باركها وقد شارك فيها مسيحيون بالمخالفة لموقفه.
ولد البابا الراحل في قرية سلام بمحافظة أسيوط في جنوبي مصر، وتوفيت والدته بعد ولادته بسبب حمى النفاس، وقال البابا كثيرا في حياته إن جارات مسلمات لأسرته أرضعنه بعد وفاة والدته. وخدم شنودة -الذي حمل في الأصل اسم نظير جيد روفائيل- بالقوات المسلحة برتبة ضابط احتياط، وعمل صحفيا وكان يقرض الشعر.
ودرس في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) وحصل على درجة بالتاريخ عام 1947، وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الأكليركية وتخرج فيها وعمل مدرسا للتاريخ.
وحضر فصولا مسائية بكلية اللاهوت القبطي وعمل مدرسا بها أيضا، وعمل خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمنطقة مسرة بالقاهرة، وطالبا بمدارس الأحد ثم خادما بكنيسة الأنبا أنطونيوس بحي شبرا بالقاهرة منتصف الأربعينيات.
ورسم راهبا باسم أنطونيوس السرياني عام 1954 ومن 1956 إلى 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة، وبعد سنة من رهبنته رسّم قسا وأمضى عشر سنوات بالدير دون أن يغادره، وعمل سكرتيرا خاصا للبابا كيرلس السادس عام 1959.
ورسّم أسقفا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليركية يوم 30 سبتمبر/ أيلول 1962، وعندما توفي البابا كيرلس عام 1971 اختير شنودة للجلوس على كرسي البابوية بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة ليصبح البابا رقم 117 بتاريخ البطاركة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري