الأحد، 31 يناير 2010

الخلق عند الله صنفان؛ مؤمن وكافر


  • الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.وبعد...فإن الخلق عند الله وعند المؤمنين في الدنيا والآخرة صنفان لا ثالث لهما، مؤمن وكافر، وإن تفاوتت درجاتهم في الدنيا واختلفت درجاتهم ودركاتهم في الآخرة.فالمؤمنون منهم السابقون، ومنهم أصحاب اليمين؛ والكافرون تختلف دركاتهم، فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار، حيث يعلوهم إخوانهم الكفار.دليل هذا التصنيف الإلهي والتقسيم الرباني العادل للخلق:قوله تعالى: {ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون... إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً}.وقوله: {هو الذي خلقكم فمنكم مؤمن ومنكم كافر والله بما تعملون بصير}.وفي الحديث القدسي الذي رواه زيد بن خالد رضي الله عنه: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية إثر سماء [1] كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟"، قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكواكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكواكب") [2]. هذا التصنيف للخلق يريد بعضُ من هم من بني جلدتنا، ويتكلمون بلغتنا، ويتسمَّون بأسمائنا، وينتسبون إلى آباء مسلمين، يريد البعضُ؛ أن يغيروه ويبدلوه، ويقسِّموا الناس على أسس جديدة مما تعارف عليه أسيادُهم الكفار، يريدون أن يصنِّفوا الخلق؛ إلى متحضر؛ وهو المنسلخ عن دين الإسلام وإن تظاهر به، ومتخلف؛ وهو الملتزم بدين الإسلام والمتقيد بحدوده وقواعده.لقد ازدادت جرأة هذه الفئة في الآونة الأخيرة بعد أن أحكمت أمريكا قبضتها وهيمنتها على العالم - خاصة العالم الإسلامي، - لأنهم أريد منهم أن يدفعوا "فاتورة" عمالتهم وارتزاقهم، وأن ينفذوا مخططات الأسياد، وأن ينوبوا عنهم في القضاء على ما تبقى من خير وعزة واعتداد في هذه الأمة، خاب فألُهم، وتبددت آمالهم، ونُكِّسَت راياتهم، ونسوا أن للباطل صولة سرعان ما تنقشع، وأن العاقبة للتقوى.لقد تجمعت قوى الشر، وعملاء الشرق والغرب، وعبَّاد الشهوات، ولقاط فتات موائد الكفار، على الإسلام وأهله، ولا غرابة في ذلك إذ الكفر في كل وقت وحين ملة واحدة، ولكن الغرابة كل الغرابة أن يختلف أهل الإسلام ويتفرقوا ويتشرذموا، ويكيد بعضُهم لبعض، في حين تتوحَّد صفوف من تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، فقط للقضاء على هذا الدين، ولتحقيق الشهوات والرغبات، ولنيل رضا الأسياد.ما كان لهؤلاء من سبيل لإبطال هذا التصنيف الرباني، والمجيء بتصيف شيطاني للخلق على أسس مادية شهوانية، إلا بعد أن أنكروا حداً من حدود الله وهو حد الردة، وإلا بعد أن سوَّوا بين الحق والباطل، بين الإسلام والكفر، بين الأديان، بين الدين الناسخ المهيمن والأديان المحرَّفة المنسوخة، فأجازوا التدين بأي دين والخروج والولوج من وإلى أي دين، حيث لا يترتب على ذلك حكم شرعي [3]، وصدق الله العظيم حيث قال: {بل يريد الإنسانُ ليفجُر أمامه يسألُ أيان يوم القيامة}. فإنكار من ينكر الردة وحدها وسَوَّى بين الأديان لا يقل من إنكار من أنكر البعث ليهيئ نفسه للتمادي في كفره وعناده وفجوره.ومن عجيب أمر هذه الشرذمة وأمرها كله عجب، النابذة لدين آبائها وأجدادها، المحاربة له، الموالية لأعداء الدين، المنفذة لتعاليمهم ومخططاتهم، أنهم متمتعون بكل ما يتمتع به الكفار من قول وفعل واعتقاد، بل في بعض الأحيان يزيدون عليهم، ومع ذلك يستنكفون، ويستكبرون، ويغضبون، ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا رموا بالكفر والنفاق، بل يودُّون لو أزالوا كلمة الكفر هذه من المصطلحات الشرعية، وأنى لهم ذلك؟!وأخيراً أحب أن أختم حديثي...هذا بأن ما رآه المؤمنون - وهم أهل الحل والعقد من علماء أهل السنة والجماعة - في كل وقت وحين حقاً وحسناً فهو عند الله حق وحسن، وما رَأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح، ومن حكموا بكفره ونفاقه فهو عند الله كافر ومنافق، ومن حرَّموا التعامل معه حرُم التعامل معه، إلا أن يعود إلى حظيرة الإيمان قبل أن تبلغ الروحُ الحلقوم.ولا يغير من ذلك شيئاً تلك الجعجعة الإعلامية والفوضى الكلامية التي أقامها أعداء الدين في الآونة الأخيرة في الصحف في السودان، فالذي ينفي ما أثبته الله ورسوله أو يثبت ما نفاه الله ورسوله فقد كفر - إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع -والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لا ينالُ سلامُ الله وسلامُنا الكفار وإخوانهم من المنافقين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري