الأربعاء، 27 يناير 2010

أطفال هايتي هائمون وسط الفوضى

  • أطفال هايتي يحتاجون تحركا دوليا مكثفا لنجدتهم
  • أطفال هايتي الذين يمثلون 45% من سكان البلاد تائهون اليوم أكثر من غيرهم من الناجين من الزلزال ومعرضون أكثر من غيرهم للضياع والاستغلال من طرف ذوي النفوس الضعيفة, فجراحهم البدنية والنفسية لن تندمل بسرعة بعد أن فقدوا الآباء والأمهات والمدارس والجيران.
    لقد أصيب بعضهم بجراح في رأسه والبعض الآخر بترت أطرافه, ومن يستطيع منهم الحركة يتجول في الشوارع بحثا عما يسد به رمقه، وعندما تخور قواه يخلد إلى النوم حيثما كان من الشارع مفترشا الأرض وملتحفا السماء, ليبدأ رحلته التالية, لكن هذه المرة مع الكوابيس.
    كوابيس تزيد قتامتها الصور المرعبة التي رآها أو ربما حتى عاشها هؤلاء الأطفال بعد مقتل أقارب وأصدقاء وأساتذة ومعلمين, وحتى من لم يمر منهم بتلك التجارب المريرة مصاب بدوار وحيرة بعد أن تحركت الأرض من تحت قدميه وغيرت معالم المكان الذي طالما ألفوه, وذلك إلى الأبد.
    "إن لم يحصل أطفال هايتي على المساعدة, فذلك يعني أنهم لن يفقدوا طفولتهم فحسب وإنما براءتهم كذلك" هكذا علقت عقيلة الرئيس الهايتي إليزابيث دلاتور برفال على الوضع المأساوي لأطفال بلدها وهي تبحث عمن يلملم جراحهم، وتتعهد بتذليل الصعاب في أسرع وقت ممكن لفتح مدارسهم.
    فقصص مأساة هؤلاء الأطفال تتعدد بتعددهم, فها هي دافني جوزيف التي لم تتجاوز الرابعة عشرة تحكي كيف اتصلت بأمها في سوق العاصمة لتخبرها بأنها مع خالها في الطريق إليها ثم وقعت الفاجعة فتوجهت مسرعة إلى مكان السوق لترى الجثث متطايرة هنا ومتراكمة هناك, ثم ما تلبث أن ترى أمها جثة هامدة, فيفقد الخال صوابه ويهيم على وجهه مصابا بهستيريا كادت تودي به إلى تصرف مجهول لولا أن بعض من أشفق عليه قيد يديه ورجليه.وحتى الأطفال الذين لم تتعرض بيوتهم للدمار لم تسلم نفوسهم, فالطبيبة النفسية ماري أليس كرافت تقول إن ابنتها التي لا يتجاوز عمرها الحادية عشرة لم تعد تقبل أن تنام إلا ملتصقة بها على سريرها "إنها تلعب وتبتسم وتضحك, لكنها لا تريد أن تبقى وحدها" وذلك رغم أن بيت العائلة لم يتضرر على الإطلاق.
    ولكي يحس أطفال هايتي من جديد بالأمان فإن كرافت تؤكد أنهم سيحتاجون لكثير من العلاج الجماعي.
    والمعلوم أن منظمات رعاية الأطفال لم تهتم في البداية إلا باليتامى والمشردين ممن فرق بينهم وبين ذويهم, لكنها بدأت أمس الثلاثاء إعداد قاعدة بيانات تعتمد على معلومات يجمعها عمال ترسلهم تلك المنظمات للشوارع حيث تدرس حالة كل طفل على حدة ويعطى له رقم يمكن من خلاله اقتفاء أثره ومتابعة حالته.
    وتقول منظمة حماية الطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف) إن هذا النظام كان فعالا عندما طبق بإقليم آتشه الإندونيسي بعد أن ضربه زلزال تسونامي عام 2004, إذ مكن من جمع شمل أسر مشتتة.
    وتضيف يونيسيف "صحيح أننا لا يمكن أن نحل محل الآباء والأمهات, فتلك مصيبة لا تعوض, لكننا نستطيع أن نساعد هؤلاء على أن يكون لهم مستقبل".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري