السبت، 2 يناير 2010

من طعن من؟



  • التصريح الذي أتحفنا به الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى، يوم السبت الماضي 26/12/2009، بأن "الانقسام الفلسطيني"، يمثل "أكبر طعنة ضد القضية الفلسطينية"، يجسد حقيقة المثل العربي القديم "سكت دهراً ونطق كفراً".
    ففي حين لم ينبس الدبلوماسي المخضرم بكلمة عن الطرف الذي "طعن" الطرف الآخر، وتسبب في هذا الانقسام –رغم أنه لا يخفى عليه ذلك- وفي الوقت الذي يترقب فيه الملايين من أبناء الأمة العربية كلمة حقٍ من الرجل الأول للمنظمة الإقليمية الأم للأمة العربية، حول الجدار الفولاذي الذي تقيمه بلاده تجاه الشعب المحاصر في غزة، يطل علينا الرجل المؤتمن على قضايا أمته العربية، ليعبر عن انحيازه السياسي الشخصي غير الموفق بوقوفه مع الفريق الخاسر، تماماً كما فعلت منظمته من قبل.ففي حين لم ينبس الدبلوماسي المخضرم بكلمة عن الطرف الذي "طعن" الطرف الآخر، وتسبب في هذا الانقسام –رغم أنه لا يخفى عليه ذلك- وفي الوقت الذي يترقب فيه الملايين من أبناء الأمة العربية كلمة حقٍ من الرجل الأول للمنظمة الإقليمية الأم للأمة العربية، حول الجدار الفولاذي الذي تقيمه بلاده تجاه الشعب المحاصر في غزة، يطل علينا الرجل المؤتمن على قضايا أمته العربية، ليعبر عن انحيازه السياسي الشخصي غير الموفق بوقوفه مع الفريق الخاسر، تماماً كما فعلت منظمته من قبل.من يدري، فربما جاء تصريح الأمين العام للجامعة العربية –رغم ما فيه - لكي يضع بحكمته حداً، لما يراه حاجزاً وحيداً يحول دون قيام سلام شامل ودائم في المنطقة، ألا وهو الانقسام الفلسطيني الفلسطيني.
    ذلك أنه بعد أن حررت الجامعة العربية الأراضي المحتلة من قبضة إسرائيل، وبعد وقفتها الشجاعة في وجه العدوان الأميركي على العراق، وحين حالت الأم الرؤوم دون التدخلات الأجنبية في الصومال والسودان، لم يبق على أمينها العام إلا أن ينهي الانقسام الفلسطيني الفلسطيني لينام قرير العين.
    بيد أنه إذا كان سيادة الأمين حريصاً بالفعل على إنهاء الانقسام الفلسطيني، فلعله من المهم أولاً معرفة من تسبب في هذا الانقسام. وحيث أن الجامعة العربية كانت قد شكلت لجنة خماسية برئاسته، لتقصي أحداث ما جرى في غزة، بقرار من وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ بتاريخ 15 يونيو/حزيران 2007، لمعرفة "من طعن من"، فإن من غير المفهوم أن يَضِّنَ الأمين العام على أمته العربية، بالإفصاح عن مصير نتائج هذا التحقيق، الذي كان من المفترض أن يُقدَم "خلال شهر" من تاريخ قرار وزراء الخارجية العرب.
    لا أحد يدري ما إذا كانت أموال الجامعة ضاقت دون استكمال إجراء التحقيق المشار إليه، بعد أن أعلنت الجامعة عن إنفاقها مبلغ خمسين مليون دولار لحماية سلاحف البحر الأحمر من الانقراض، أم أن حكمة "الأمين" اقتضت إخفاء نتائج التحقيق في أدراج مكتبه العاجي، بعد أن تبين له من الطاعن ومن المطعون.
    في جانب آخر بعيدٍ عن إجابة السؤال: "من طعن من؟"، يثير السيد موسى شكوكاً في صدقيته، حين يصر على الإشادة بموقف الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته، محمود عباس، من وقف الاستيطان وتهويد القدس.
    كنت أود أن أصدق السيد الأمين فيما زعمه من "إصرار" عباس على وقف تهويد القدس، لولا أن وزير عباس لشؤون القدس –وأظنه أقرب إلى عباس بكثير من موسى- كان قد قدم استقالته قبل بضعة أشهر، احتجاجاً على عدم تحرك عباس والسلطة الفلسطينية ضد إجراءات تهويد القدس.
    وكنت أود أن أصدق السيد موسى في أن السلطة الفلسطينية جادة لإنهاء الخلاف الفلسطيني الفلسطيني، لولا أن مسؤول الملف الأمني، الجنرال الأميركي كيث دايتون، كان قد صرح علناً، عن تعاون السلطة الفلسطينية معه لإجهاض اتفاق مكة، والقضاء على حماس.ولكن الأمر المثير للقلق إزاء تصريحات الأمين العام للجامعة العربية، هو تصريحه بأن تحفظات "حماس" على ورقة المصالحة المصرية، لا تعدو كونها تحفظات على تفاصيل "تافهة".
    وبغض النظر عما في هذا التعبير من ازدراء لمنظمة تمثل شريحة كبيرة من الشارع الفلسطيني، فإن استهتار الحقوقي الدولي بالتفاصيل الدقيقة المتعلقة بأي اتفاق قانوني، ينم عن سذاجة قانونية في أقل تقدير. حيث أن هذا النمط من التفكير –سواء كان بحسن نية أو بسوء نية- أوقعنا في مزالق قانونية دولية خطيرة.
    وقد كان حرياً بالأمين العام لجامعة الدول العربية، أن يعلم أنه من "الأمانة" أن لا "تفاصيل تافهة" توجد في أي اتفاق قانوني. وإذا كان لديه بعض الشك، فربما كان عليه أن يعود إلى الأخطاء الشنيعة التي وقع فيها رئيسه السابق أنور السادات، حين تجاوز عن تفاصيل كان يظنها "تافهة" في حين لم يقبل الطرف الإسرائيلي وقتها أن يتنازل قيد أنملة.
    وإن كان موضوع كامب ديفد بعيداً عن ذاكرة الشيخ السبعيني، فلعله يعود إلى اتفاقيات أوسلو، التي لا تزال السلطة الفلسطينية تعاني من جورها، ليعلم المأزق الذي وقع فيه عرفات ومن معه من السياسيين، حين تجاوزوا عن تفاصيل كانوا يظنونها "تافهة".
    واقع الأمر أن ما صرح به خبير القانون الدولي، المؤتمن على قضايا أمته العربية، لا يعدو كونه "كلمة باطل أريد بها باطل"، وليس ذلك بمستغرب في تاريخ المسؤول العربي الكبير.
    فالشخص الذي أعلن وفاة عملية السلام رسمياً بقوله "عملية السلام ماتت" في تاريخ 15/7/2006، ثم ما لبث أن نفخ فيها الروح ليعيدها من جديد، قد لا يجد حرجاً في أن يأتي بالشيء ونقيضه في آن واحد.وقد كان الأولى بالدبلوماسي المخضرم، الذي سبق أن رفض الحديث إلى مذيعة محجبة بقوله "لا سلام وكلام"، لأنها لم تقبل مصافحة سيادته، كان الأولى به أن يبقى في صمته في هذا الموطن أيضاً، خصوصاً أن كلامه المريب هذا لم يُسبق "لا بسلام ولا بكلام" فلسطيني.
    والأمين العام الذي بات حائراً ولم يدر كيف يتصرف وهو يشاهد رئيس دولة إسلامية كبرى يقاطع ويغادر مؤتمر دافوس الذي لم تتح فيه فرصة حديث موازية له، كتلك التي أتيحت للرئيس الإسرائيلي، ربما كان حرياً به أن يبقى في حيرته، حيال الانقسام الفلسطيني، ولا عتب عليه إن لم يفهم ما يجري حوله.
    وختاماً، ربما كان الأولى بالأمين العام "لجامعة السلاحف" أن يبقى منهمكاً فيما انشغلت به منظمته من أمور السلاحف والقوراض والدواب والزواحف والحشرات، ويريح نفسه من الانشغال بمسائل أمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري