الاثنين، 31 أغسطس 2009

غوانتنامو.. تشويه لصورة لا يزال مستمرا

  • بعض معتقلي غوانتنامو يحيط بهم الحراس الأميركيون
    خمسة أعوام مرت عليهم هناك، حيث لا قانون دوليا ينظم اعتقالهم، ولا منظمات لحقوق الإنسان تراقب أوضاعهم، إنهم المعتقلون العرب والمسلمون في غوانتنامو.
    بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 التي أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها ردا كما يقول على السياسات الجائرة للولايات المتحدة الأميركية إزاء العالمين العربي والإسلامي، أعلنت واشنطن أن من تلقي عليه القبض ممن يُشتبه في انتمائه لهذا التنظيم ستعامله كـ"مقاتل عدو
    ".
    المعتقل ووضعه القانوني
    "انتهاكات حقوق الإنسان في غوانتنامو تقف حجر عثرة أمام محاولات الولايات المتحدة تحسين صورتها في العالم العربي والإسلامي بعد أحداث سبتمبر"ولنزع الاعترافات من هؤلاء المعتقلين بعيدا عن سلطة القانون الأميركي المنظمة لحقوق المحتجزين والسجناء وأسرى الحرب، وبعيدا كذلك عن الجهات الرقابية من وسائل إعلام ومنظمات لحقوق الإنسان، اختارت الولايات المتحدة قاعدتها العسكرية في خليج غوانتنامو في كوبا لتكون مقرا لاعتقال هؤلاء، ومن هنا اشتهر اسم معتقل غوانتنامو حتى بات هو وسجن أبو غريب في العراق أشهر رمزين دالين على كيفية تعامل الولايات المتحدة مع ملف حقوق الإنسان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول.
    المعتقل المذكور يضم بين قضبان زنازينه أكثر من 500 محتجز– وفقا للأرقام الرسمية الأميركية - ينتمون لأكثر من 35 جنسية معظمها من العرب خاصة من بلدان كالمملكة العربية السعودية واليمن ومصر والجزائر.

    أصوات قانونية كثيرة ارتفعت داخل الولايات المتحدة وخارجها منددة بهذا المعتقل ومطالبة بإغلاقه، وقد استندت معظم هذه الأصوات في دعواها إلى أن هذا المعتقل ووفقا للتكييف القانوني الأميركي –وبعكس ما تردده الإدارة الأميركية- غير دستوري، وأن من حق هؤلاء المعتقلين أن يعترضوا على اعتقالهم أمام المحاكم الأميركية.
    شهادات المفرج عنهم

    وبعيدا عن هذا الجدل القانوني بشأن توصيف هؤلاء المشتبه أميركيا بهم، فإن الثابت ووفقا لشهادات من أفرج عنهم خاصة السعوديين والكويتيين واليمنيين أن تعامل المحققين الأميركيين في المعتقل مع هؤلاء المحتجزين أمر خارق لكل قانون دولي أو محلي، للدرجة التي جعلت 131 معتقلا -وفقا للأرقام الأميركية- يضربون عن الطعام لفترات طويلة مختلفة فكاد أغلبهم يموت لولا عمليات الإطعام القسري لتي تقوم بها سلطات المعتقل عبر أنابيب تغذية تدخلها خلال فتحات أنوفهم أو عبر أوردتهم. ولم تقتصر معاناة المعتقلين في غوانتنامو على من هم خلف القضبان، بل امتدت لتشمل أفراد أسرهم من آباء وأمهات وزوجات وأبناء، حيث قص الكثير من هؤلاء قصصا مؤثرة عن المعاناة النفسية التي عاشوها طوال فترات اعتقال أبنائهم في غوانتنامو فضلا عن الحاجة الاقتصادية التي ألمت ببعض هذه الأسر بعد اعتقال عوائلها.
    "شاركت بعض الدول العربية التي اشتهرت بتعذيب السجناء في مساعدة المحققين الأميركيين في غوانتنامو لانتزاع اعترافات ممن وصفتهم الولايات المتحدة بالخطرين"وقد بات معروفا كذلك -من واقع شهادات بعض من أفرج عنهم وتقارير منظمات حقوق الإنسان- أن الولايات المتحدة استعانت بخبرات بعض الدول التي اشتهرت بتعذيب السجناء لانتزاع اعترافات بعض معتقلي غوانتنامو خاصة ممن صنفتهم سلطات الأمن الأميركية بأنهم "خطر"، فقد تحدث من أفرج عنهم مؤخرا عن إرسال بعض زملائهم إلى مصر والأردن وتونس لبعض الوقت ثم عودتهم مرة أخرى إلى غوانتنامو.
    وكان من المرات النادرة التي اطلع فيها الرأي العام العالمي على بعضٍ مما يحدث داخل غوانتنامو ما نشرته مجلة نيوزويك الأميركية عام 2005 نقلا عن شهود عيان من معتقلين مسلمين أفرج عنهم، حيث ذكرت المجلة أن محققين وجنودا أميركيين من العاملين في المعتقل قد دأبوا على رمي نسخ من المصحف الشريف في المراحيض أو التبول عليها أمام المعتقلين كنوع من أنواع الضغط والإذلال النفسي.
    وقد اعترفت السلطات الأميركية بما حدث بعد تحقيق رسمي أُجري لهذا الغرض لامتصاص ردود أفعال غاضبة عمت شوارع العديد من العواصم العربية والإسلامية، لكنها خففت في اعترافها أثناء كتابة التقرير الذي أصدرته بهذا الخصوص، فوصفت ما حدث بأنه "تعامل من قبل أربعة جنود لكتاب المسلمين المقدس بشكل غير لائق".
    هذه القصة الخاصة بالمعاملة مع القرآن الكريم من قبل الجنود والمحققين الأميركيين في غوانتنامو تأتي لتضاف إلى قصص أخرى رددها من أفرج عنهم وكلها تتعلق بأساليب وأشكال مختلفة من الضغوط النفسية، من أبرزها الإغراءات الجنسية التي حاولت بعض المحققات الأميركيات أن تُعرِّض المعتقلين المتدينين إليها.
    هذه الأمثلة وتلك الروايات لما يحدث داخل معتقل غوانتنامو أحدثت تشويها عميقا للصورة الذهنية للولايات المتحدة في العالم والتي كثيرا ما بذلت واشنطن ودبلوماسيتها العامة جهودا كبيرة لتجميلها طوال العقود الماضية، ولم تستطع بعد مرور خمس سنوات على أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن تقلل أو تجمل من هذا التشويه لأن المعتقل نفسه لا يزال يتحدى "بوجوده" كل جهد دعائي مهما كانت جودته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري