الجمعة، 5 أكتوبر 2012

أزمة الجوع باليمن بين الواقع والمبالغة

رغم تأكيد الخبراء في اليمن، صعوبة الوضع المعيشي والاقتصادي والاجتماعي للكثير من أبناء البلاد، إلا أنهم اختلفوا مع الأرقام التي تعلنها المنظمات الدولية، والتي تقول إن نحو عشرة ملايين يعانون من خطر الجوع، وإنهم ينامون دون وجبة العشاء كل يوم.
وذكر برنامج الأغذية العالمي أن نصف سكان اليمن يعانون من الجوع، وأوضح المتحدث باسم البرنامج أن خمسة ملايين شخص أو 22% من السكان لا يستطيعون توفير الطعام لأنفسهم أو شراء ما يكفي لإطعام أنفسهم.
وأشار إلى أن هناك خمسة ملايين آخرين يتضررون بشدة من ارتفاع أسعار الغذاء وهم على حافة انعدام الأمن الغذائي، ولهذا فإن عشرة ملايين شخص يذهبون للنوم وهم جياع كل ليلة.
وكانت ثماني وكالات إغاثة إنسانية دولية ومحلية عاملة باليمن أفادت في تقرير لها الخميس الماضي، بأن أزمة الجوع في اليمن تؤثر على واحد من كل شخصين وتعرض ما يقرب من مليون طفل لخطر سوء التغذية الحاد، كما تهدد بعرقلة جهود التنمية والاستقرار في اليمن، ما لم تتم معالجتها فورا.
من جانبها،  كشفت تقارير للمنظمات الدولية العاملة باليمن أن نحو مليون طفل يمني يعانون سوء التغذية، بينما يتهدد خطر الموت ثلاثمائة ألف منهم بسبب الجوع وأمراض الطفولة المبكرة.

تشكيك ومبالغة
وشكك رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر في صحة الأرقام التي أعلنتها المنظمات الدولية، وقال  إنها مبالغ فيها وغير مطابقة للواقع، ولم تكن نتيجة لدراسة ميدانية، واعتبر أن ما تقوم به هذه المنظمات لا يصل إلى الفقراء، بل إنها تنفق معظم مواردها على موظفيها الأجانب والعاملين معها، وما يصل للفقراء هو الفتات.

واستبعد أن يكون هناك عشرة ملايين ينامون دون وجبة العشاء، رغم تأكيده أن هناك وضعا مأساويا على المستوى الاقتصادي والمعيشي يعانيه غالبية اليمنيين، وأن نسبة الفقر تصل إلى 47% وفق الأرقام الرسمية، وربما تصل النسبة أكثر من ذلك ممن يعيشون حد الكفاف وبدخل أقل من دولارين في اليوم.
من جانبها أكدت مديرة وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن المنظمات الدولية عادة ما تبالغ كثيرا في المؤشرات التي تعلنها.
لكن منى سالم أكدت أن الدافع الإنساني لتوفير دعم حقيقي لليمن يخرجه من وضعه الراهن يقف وراء ذلك، وإن كانت هذه الأرقام تعكس صورة سلبية عن البلاد.
وأشارت  إلى أن أحداث 2011 شلت أداء الحكومة، كما توقفت كل مشاريع التنمية والخدمات والرعاية الاجتماعية والصحية، وبالتالي زاد أعداد الفقراء وبرزت أزمة الجوع وسوء التغذية بسبب غلاء الأسعار والبطالة.

وضع مأساوي
في المقابل أقرت المسؤولة الإعلامية بمنظمة أوكسفام أمل العريقي، بأن الأرقام المعلنة من المنظمات الدولية، عبارة عن مؤشرات تقريبية، حيث يصعب إجراء مسوحات علمية دقيقة في الظرف الراهن التي تعيشه البلاد.

 شمسان: أحداث عام 2011 أدت لانهيار مداخيل ومدخرات الأسر اليمنية 
وأكدت  أن الوضع الإنساني لليمنيين مأساوي، فهناك عائلات يعاني أفرادها الكبار والصغار من سوء التغذية، وبعض الأسر لا تجد ما تأكل إلا الخبز والماء والشاي، بسبب الفقر وانعدام الدخل، حيث يعيش أكثر من نصف السكان على أقل من دولارين في اليوم.
وأشارت إلى أن المنظمة بدأت في تقديم المساعدة للفقراء بمحافظة الحديدة غربي البلاد، وقامت بتوزيع مبالغ مالية تعادل 150 دولارا للأسرة الواحدة كل ثلاثة أشهر، ورأت أن هذه المبالغ زهيدة ولا تكفي لإخراج الأسر من دائرة الفقر والحاجة.

أسباب بنيوية
إلى ذلك رأى أستاذ علم الاجتماعي بجامعة صنعاء الدكتور عبد الباقي شمسان أن آثار التداعيات الاقتصادية الناتجة عن أحداث عام 2011 التي شهدتها البلاد جراء المواجهات العسكرية والحرب في صنعاء وتعز وغيرهما من مناطق البلاد، أدت لانهيار مداخيل ومدخرات الأسر اليمنية والوقوع في مربع الفقر والجوع.
 

وأرجع تضاعف نسبة الفقر إلى أسباب هيكلية وبنيوية، تتمثل في تزايد عجز الموازنة العامة للدولة، وارتفاع معدل التضخم، مع انخفاض مستوى المعيشة نتيجة تدني نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتزايد معدل البطالة، ومحدودية الموارد الاقتصادية من النقد الأجنبي، وارتفاع المديونية الخارجية.
وأشار إلى أن الفقر يبرز واضحا بالمناطق الريفية حيث يقطن 70% من سكان اليمن، بينما تبلغ نسبة الفقراء في الريف حوالي 84% من إجمالي الفقراء الذين تقدر نسبتهم وفقا للإحصاءات الرسمية بنحو 47% قبل عام 2011 الذي شهد أحداث الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
تعليق
مغيث بدون إغاثة يفقد عمله
ما تذكره وكالات الإغاثة "الدولية" من أرقام ومبالغ مالية كبيرة لغاية الإغاثة والدعم يجعلها تبدو برّاقة ولامعة وجاذبة لكل من يتابع نشاطاتها ويقرأ عن أنشطتها وخدماتها الإنسانية، لكن واقع الحال يقول أن جزء كبير إن لك يكن الجزء الأكبر من تلك الأموال المخصصة لها لتقوم بعملها ودورها _ما عملها وما دورها؟!_ يُوجّه إلى المسؤولين فيها والمبعوثين والمستقصيين ورافعي التقارير البحثية والإنشائية إلى هيئاتها العليا في الدول التي قدمت منها. هكذا هو حال يوإسإيد مثلا وكثير من المنظمات "الدولية" أو الأجنبية بالأحرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري