يكبر الطفل محمود المغربي (ثمانية أعوام) من مخيم الدهيشة قرب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية دون أن يعرف وجه أبيه سوى من صور على حائط البيت، وقد مُنع من زيارة والده الأسير أحمد المغربي والمعزول في زنزانة انفرادية منذ ست سنوات.
وجاءت والدة محمود لتشارك في اعتصامات مفتوحة بدأها الفلسطينيون السبت في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، للمطالبة بإنهاء عزل 11 من قيادات الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعضهم مضى على احتجازه في العزل أكثر من تسع سنوات.
وقالت أم محمود إن زوجها الأسير أحمد المغربي والمعتقل منذ عام 2002 بتهمة المسؤولية عن عدة عمليات مقاومة للاحتلال، أدخل إلى العزل الانفرادي منذ منتصف مارس/ آذار 2004 وتقوم سلطات الاحتلال بتجديد عزله واتصاله بالعالم كل عام.
ويواجه المغربي (36 عاما) حكما بالسجن المؤبد 18 مرة، وكان قد اتهم سلطات سجن بئر السبع في رسالة سربها من عزله، بمحاولة تصفيته عبر سياسة الموت البطيء في العزل الانفرادي.
وأوضحت أم محمود أنها حرمت وابنها من تلقي الرسائل من زوجها المعزول في السنة الأخيرة بعد أن حظرت سلطات الاحتلال عليه إرسال الرسائل الخطية عبر الصليب الأحمر.
من ناحيتها، طالبت وفاء زوجة القيادي الأسير عاهد أبو غلمة السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية "بالعمل على تدويل ملف الأسرى المعزولين وعدم الاكتفاء بالخطابات".
اعتصامات بالضفة وغزة للمطالبة بإنهاء عزل الأسرى |
معاناة
وطالبت زوجة أبو غلمة بإخراج المعزولين من زنازينهم المغلقة إلى أقسام السجون العادية إلى أن يتاح تحريرهم.
وإلى جانب الزوجة، يقف طفلاهما قيس وريتا، ويقول قيس (13 عاما) "جئنا نطلب من كل العالم ودعاة الإنسانية أن يخرجوا آباءنا من العزل الانفرادي وأن يسمحوا لنا بزيارتهم".
وأضافت ريتا (10 سنوات) وهي تحمل صورته قائلة "مضى وقت طويل ولم أرَ وجه أبي" وهي تنتظر أن يعود المحامي من زيارته اليوم كي تسمع أخباره التي غابت عنها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.
وكان أبو غلمة قد اعتقل مع الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات وعدد من قيادات الجبهة عام 2002 طبقا لاتفاقية بين السلطة الفلسطينية بإشراف أوروبي أميركي في سجن اريحا.
لكن قوات الاحتلال قامت باعتقالهم جميعا في عملية عسكرية واسعة أواسط مارس / آذار 2006 بتهمة الوقوف وراء اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي عام 2001.
ويقبع أبو غلمة مع سعدات في العزل الانفرادي منذ عامين تقريبا، بعد الحكم بالسجن المؤبد وخمس سنوات، في حين يدخل الأسير المقدسي محمود عيسى عامه العاشر في العزل، دون أن يتاح لهم جميعا زيارة ذويهم أو الحصول على رعاية صحية.
ويأتي هذا الاعتصام وفق الناشط في مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان لرعاية الأسير وحقوق الإنسان أيمن كراجة، دعما لإضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والذي بدأ مطلع مايو/ أيار الجاري.
وقال كراجة إن نحو ستة آلاف أسير شاركوا في إضرابات وسلسلة إجراءات تصعيدية للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية وخاصة الحق في التعليم والرعاية الصحية وزيارة الأهالي، ولكن في مقدمتها المطالبة بإنهاء ملف العزل الانفرادي.
ووفق كراجة، تقوم سلطات الاحتلال بعزل 11 من قيادات الفصائل والحركة الأسيرة لمنع تأثيرها واتصالهم بباقي الأسرى تبعا لما يسمى "اعتبارات أمنية وبناء على توصية من المخابرات الإسرائيلية".
ومن بين المعزولين الأسرى أيضا إبراهيم حامد والشيخ جمال أبو الهيجاء وحسن سلامة وعبادة بلال ومحمود عرمان وعباس السيد، وجميعهم يواجهون أحكاما بالسجن فترات طويلة جدا.
11 أسيرا معزولون عن العالم بطلب من المخابرات الاسرائيلية |
تفاعل
ويوضح كراجة أن عزل الأسرى يتم في زنزانة ضيقة بمفرده أو مع سجين آخر وفي مساحة لا تتعدى 2.5×2.5 متر مربع، ولا يتاح له الخروج منها إلا مكبلا ولمدة ساعة واحدة يوميا، ويمنع من التواصل مع باقي الأسرى أو من زيارة عائلته، بينما تستغرق الرسالة لعائلته عبر الصليب الأحمر أكثر من أربعة شهور.
ووصفت رئيسة لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني النائبة خالدة جرار التفاعل مع قضية الأسرى عامة، والمعزولين خاصة، بالضعيفة على المستوى الرسمي.
وعبرت جرار عن أملها في أن يشكل إضراب الأسرى في سجون الاحتلال صرخة للمستوى الرسمي كي يتحرك بشكل جدي وعلى كل الأصعدة، مشيرة إلى أن قضية الأسرى مغيبة على مستوى السفارات الفلسطينية وفي أجندة السلطة الخارجية.
وقالت إن لجنة الأسرى وجهت رسائل بخصوص المعزولين لاتحاد البرلمانات الدولي الذي استجاب لذلك، وأرسل وفديْن برلمانييْن لزيارة هؤلاء الأسرى غير أن سلطات الاحتلال منعتهم من ذلك.
وطالبت النائبة الفلسطينية بضغط دولي على حكومة الاحتلال من أجل السماح للبرلمانيين الدوليين بزيارة الأسرى المع
زولين كي يطلعوا على أوضاعهم، وينقلوها للعالم من أجل إنهاء عزلهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري