يعبر الكثير من المواطنين الليبيين ومن الفاعلين السياسيين والحقوقيين عن "خيبة أملهم" بسبب ما تلا انتصار الثورة الليبية منذ عام من فوضى واضطرابات في البلاد، ويرون أن واقع بلدهم لم يتغير رغم الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
بعض هؤلاء المستائين يذهبون إلى حد القول إن الثورة الليبية لم تفعل شيئا سوى أنها استبدلت نشيدا بنشيد وعلما بعلم، وغيرت حكاما ووضعت مكانهم آخرين، وإنها "أخفقت في طي صفحة نظام القذافي".
عام مر على مقتل القذافي على يد الثوار في مدينة سرت، وعلى إعلان "تحرير ليبيا" ودخولها عهدا جديدا، لكن كثيرين يقولون إنهم لم يلمسوا أي تغيير على أوضاعهم الاقتصادية والسياسية والأمنية، "سوى بعض التغييرات لأسماء الحكام والألقاب".
فالبلاد -في نظر هؤلاء- تحولت إلى "ساحة لتصفية الحسابات السياسية"، و"دخلت في دوامة العنف والعنف المضاد"، وغدت فضاء لارتكاب "أعمال قتل وخطف وتعذيب وانتهاكات" لحقوق الإنسان.
ويستشهد أصحاب هذا الرأي بما يجري هذه الأيام في مدينة بني وليد التي تشهد اشتباكات وقصفا بالصواريخ خلف قتلى وجرحى وأعاد إلى الأذهان أيام كان نظام القذافي يدك مدن ليبيا بالصواريخ لمواجهة الثوار المطالبين بإسقاط نظامه.
"إنجازات محدودة"
ويعترف عضو المؤتمر الوطني العام في ليبيا (البرلمان)، القيادي في حزب الجبهة الوطنية إبراهيم صهد "بإخفاق" القيادة السياسية الجديدة للبلاد في عدة ملفات أمنية وعسكرية وسياسية.
واعتبر أن إنجازات هذه القيادة "محدودة" و"لا تذكر"، وأكد أن أحد هذه الإنجازات إجراء انتخابات المؤتمر الوطني في يوليو/تموز الماضي.
وأضاف أن القيادة السياسية الليبية الجديدة نجحت أيضا في اعتقال بعض رموز النظام السابق واستعادتهم بعد أن فروا خارج البلاد، مثل عبد الله السنوسي آخر رئيس لمخابرات القذافي، والبغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد النظام السابق.
في المقابل يسجل صهد "إخفاقا" في محاكمة سيف الإسلام نجل القذافي "بصورة تخرج ليبيا من دائرة مطالبات محكمة الجنايات الدولية بتسليمه"، إلى جانب "بطء إجراءات التحقيق مع السنوسي والمحمودي".
ويرى أن المجلس الوطني الانتقالي السابق "تسيب" في التعامل مع أعوان نظام القذافي، وأخفق في "إقرار قانون جديد يعنى بالشفافية لملاحقة أزلام القذافي الموجودين في المؤسسات والسفارات، وفي مفاصل الدولة الجديدة"، معتبرا أن قوانين القذافي لا تزال سارية إلى اليوم.
بدوره تأسف عضو المؤتمر الوطني مفتاح شنبور على "استمرار الظلم والقتل والتشريد والاختطاف"، وقال إن ليبيا تشهد ما وصفه بـ"الظلم الكبير"، وإنه "إذا استمر الانفلات الأمني والاعتداء على أرزاق المواطنين" فقد تأتي لحظة يحن فيها الليبيون إلى عهد القذافي.
وأكد أن نسبة الفساد زادت في كل قطاعات الدولة، ودعا إلى "التخلص من إرث القذافي ونشر ثقافة التسامح بين أطياف الشعب الليبي، وإرساء دعائم المصالحة الوطنية الحقيقية".
"طغاة جدد"
وزير الثقافة عبد الرحمن هابيل يرى أن مقتل القذافي هو في حد ذاته "نجاح تاريخي يتضاءل معه أي نجاح آخر"، وأن "العثرات أمر طبيعي"، وقال "لن نفشل"، لكنه تأسف هو الآخر على "استمرار أسلوب القذافي".
واعترف هابيل بوجود "انتهاكات لحقوق الإنسان من قتل وخطف واعتقال من دون وجه حق"، وأكد أن البعض يشعر أن ليبيا دخلت في مرحلة "جماهيرية ثانية".
وشن الوزير هجوما لاذعا على من سماهم "الطغاة الجدد"، وقال إن روح الثورة هي التي أخرجت الشعب للانتفاضة ضد القذافي، وهي التي جعلته يقف في طوابير الانتخابات، وهي التي أخرجته مؤخرا في جمعة "إنقاذ بنغازي"، التي طالب فيها الليبيون بحل المليشيات المسلحة التي لا تخضع لسلطة الدولة.
أما الناشط في حزب العدالة والبناء عمر بوشاح فلاحظ "غياب ثقافة الحوار وقبول الآخر" في فترة العام المنصرم، و"انتشار ثقافة التخوين والاتهام بين الأطراف السياسية والفكرية المختلفة، وانتشار الإشاعة والمغالطات الإعلامية"، و"تدني منظومة القيم التي كان يتميز بها الشعب الليبي"، وكل هذا بسبب "سنوات الاستبداد"، حسب تعبيره.
وعزا أسباب ذلك إلى "ضعف الحكومة الانتقالية الذي أدى إلى هشاشة الوضع الأمني وعدم الضبط والتأسيس لمؤسسات أمنية قوية تمر بالمرحلة لبر الأمان".
ودعا إلى تجاوز الماضي الأليم وبناء "المصالحة الوطنية الحقيقية بين كل الأقطاب، سواء كانت جهوية أو قبلية أو حتى الأقطاب السياسية والفكرية، كي نوفر بيئة آمنة نستطيع من خلالها إطلاق حوار وطني عام، يكون الأساس لكتابة الدستور".
==========
تعليق
كيف لم يتغير الواقع؟ قبل الثورة لم يكن هناك قاعدة واحدة عسكرية أجنبية، أما الآن بإمكان فرنسا وأمريكا وغيرها أن تعثو في الأرض فساداً بحجة رد الجميل والتخلص من القذافي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري