الخميس، 13 مايو 2010

مبارك ... كنز إسرائيل الاستراتيجى!

  • الكلام الذى صدر فى إسرائيل عن لقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مع الرئيس مبارك مستفز ومهين، ولا أستبعد أن يكون معجونا بالدس وسوء النية. إذ حين يقول أحد الوزراء المهمين الذين رافقوا نتنياهو إن الرئيس مبارك بمثابة «كنز استراتيجى بالنسبة لإسرائيل»، فإن الوصف لا ينبغى السكوت عليه. ذلك أن العبارة التى يتعذر تصديقها تصدمنا، وتعبر عن جرأة تصل إلى حد الوقاحة، حيث لا يخطر على بال أحد أن يكون لها أى ظل من الحقيقة.رغم أنها صدرت عن رجل متمرس فى العسكرية والسياسة، ويعرف جيدا معنى «الكنز الاستراتيجى» وهو الوصف الذى يمكن أن ينطبق على سياسيين مثل ريجان وجورج بوش وكيسنجر وساركوزى والسيدة ميركل. وينطبق فى إسرائيل على بن جوريون وإسحاق رابين وإرييل شارون ــ إلى غير ذلك من النماذج التى وقفت وراء قيام إسرائيل واستعلائها وأيدت انقضاضها على الفلسطينيين وفتكها بهم. وفى الوقت ذاته قامت بتركيع العرب وإذلالهم.العبارة المستفزة والمهينة التى نحن بصددها جاءت على لسان بنيامين بن اليعيزر وزير التجارة والصناعة الإسرائيلى، فى تعليقه على نتائج زيارة نتنياهو إلى مصر واجتماعه مع الرئيس مبارك فى شرم الشيخ يوم الاثنين (3/5). إذ اكتشفنا أن الرجل كان ضمن الوفد الإسرائيلى، الذى لم يظهر من أعضائه فى الصور سوى نتنياهو وحده. وقد أجرت معه إذاعة الجيش الإسرائيلى حوارا بثته يوم الثلاثاء قال فيه بن اليعيزر ما يلى:إن مصر معنية ببذل كل ما فى وسعها من جهد لدفع الرئيس الفلسطينى إلى طاولة المفاوضات كى تتقدم عملية السلام.إن اللقاء الذى استمر ساعة ونصف الساعة سادته أجواء رائعة للغاية. الأمر الذى يؤكد أن حسنى مبارك بمثابة كنز استراتيجى بالنسبة لإسرائيل.المباحثات تناولت العملية السلمية فى الشرق الأوسط وجهود مصر فى هذا المجال. إلى جانب الموضوع الإيرانى من عدة نواح و«العواقب الوخيمة» المترتبة على امتلاك إيران سلاحا نوويا، كذلك الجهود المصرية لإنهاء قضية احتجاز الجندى الإسرائيلى فى قطاع غزة جلعاد شاليط، ومساعى وقف التهريب إلى قطاع غزة.دعوة مصر إلى جعل الشرق الأوسط خاليا من الأسلحة النووية ليست جديدة.فقد تردد هذا المطلب من الرئيس مبارك أثناء أول زيارة قمت بها إلى مصر فى سنة 1992، برفقة رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين. وحكومة إسرائيل متفهمة له، خصوصا أن مصر ملتزمة مع حكومات إسرائيل بفتح قنوات حوارية من أجل الوصول إلى تفاهم فى هذا الشأن.للعلم فقط فإن السيد بن اليعيزر كان قائدا لوحدة «اشكيد» فى جيش إسرائيل التى ثبت أنها قتلت 250 جنديا مصريا من وحدة كوماندوز مصرية فى مدينة العريش فى شهر يونيه عام 1967. وقد كشف التليفزيون الإسرائيلى عن دوره فى فيلم وثائقى تم بثه فى شهر مارس عام 2007، تضمن اعترافات أدلى بها ضابط سابق فى الوحدة تحدث فيها عن دور بن أليعازر فى العملية. أحدث الفيلم ضجة فى حينها أصابت علاقات البلدين بالتوتر، وأدت إلى إلغاء زيارة للقاهرة كان مقررا أن يقوم بها الرجل وقتذاك. وبسببه بعث وزير الخارجية المصرى برسالة وصفت بأنها «شديدة اللهجة» إلى نظيرته الإسرائيلية طالب فيها بمحاكمة قتلة الأسرى المصريين. وقدمت وقتذاك 6 بلاغات اتهمت بن اليعيزر بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.وقضت محكمة مصرية باختصاصها بنظر دعوى ضده قدمتها إحدى أسر الأسرى المصريين، ولكن الموضوع تمت تسويته وأغلق ملفه لاحقا ــ هل لهذا السبب لم تظهر صوره فى صحف القاهرة حين جاء أخيرا مع نتنياهو؟!صحيح أن العبارة التى وردت على لسان الوزير تستدعى ما لا حصر له من الأسئلة التى تثيرها أحداث السنوات الأخيرة. خصوصا ما تعلق منها بالعدوان على غزة والاشتراك فى حصارها وإقامة السور الفولاذى لإحكام ذلك الحصار. وهى وقائع تتعدد الاجتهادات فى قراءتها وتفسيرها.لكن لا ينبغى بأى حال أن تصل الوقاحة بالسيد بن أليعازر إلى حد وصف الرئيس مبارك بأنه كنز استراتيجى لإسرائيل. وهى فضيحة أن يقال بحقه كلام من هذا القبيل، لكن الفضيحة الأكبر أن تسكت مصر عليه وألا تطلب من إسرائيل إيضاحا واعتذارا.

هناك تعليق واحد:

  1. مع الأسف أصبح الشعب يعيش في ظل حكومة إرهابية تعتقد أنها بذلك تكسب قوة ومودة.

    ردحذف

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري