الجمعة، 17 فبراير 2012

رجال غيروا مجرى التاريخ

إن التاريخ ذو عِبَر ولكن من الذي يفقه استنباط العبر؟
إن التاريخ تغيَّر والتغيير سنة جارية له سواءاً كان التغيير للأحسن أو للأسوأ
إن أفذاذاً رجالاً أو نساءاً بل قد يكونوا غلماناً كانت لهم بصمة على التاريخ وممن وضع " أثراً " في حياته يرى هذا الأثر كل من
يجيد النظر

فهذه سير الأنبياء بين يديك ألم يغيروا في تاريخ العالم ، ولسِّيدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم قصب السبق ، فهو الذي يتبعه الآن نحو مليار ونصف مسلم فضلاً عن المسلمين في القرون السابقة ، إنه رجل واحد ولكن بهمته وإرادته واستعانته بربه وصبره حصل له ما يريد ، فأين المتشبهين به من أحبابه؟

وانظر في وقفة أبي بكر يوم الردة ليثبت للتاريخ أن الإسلام دين عظيم ولا يرتبط بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته بل هو ثابت على مر الزمن، فيقاتل المرتدين ويدحرهم ويوقف مدهم

وانظر في وقفة ابن حنبل يوم الفتنة في خلق القرآن وما تعرض له من الفتن والجلد والسجن ولكنه واثق من منهجه وطريقته، فيثبت ويسجل التاريخ بكل شرف موقفه

وهذا أبو العباس ابن تيمية رجل بأمة ، يكتب التاريخ لقباً له " شيخ الإسلام " لمواقفه وأعماله التي يعجز المئات أن يقوموا بها، وتكون خاتمته أسيراً ويموت في سجنه ، ليعرف الناس أن للحق رجال يموتون لأجله ، وهكذا يموت لينتشر علمه في الآفاق وعلى مر القرون تكون كتاباته مناهج للتعليم والتربية. فأي روح كان يحمل ذلك الرجل؟


وانظر في حال فاقد البصر " ابن باز " العلامة البحر الذي جدد في العلم والتعليم وخدمة الإسلام ، فسار الاسم في الآفاق ، فكان اسمه كافياً في إقناع الناس بالحلال والحرام ، وكانت رؤيته طاردة لكل باطل ومنكر، فرحمك الله يا فقيد العصر

ولن أنسى المجدد في علم الحديث " محمد ناصر الدين الألباني " رحمه الله تعالى الذي جعل حياته مع الحديث تصحيحاً وتضعيفاً ونشراً وشرحاً وحواراً ورداً ، فكانت ساعاته في التخريج والتحقيق وبين الكتب والمخطوطات فأخرج العشرات من الكتب التي تميز الصحيح من الضعيف ، وجدد للناس مبدأ التحقيق للنصوص النبوية ، ويكفيك أن ترى اسمه عند تخريج غالب الأحاديث..فعجباً لذلك الألباني ماذا صنع في التاريخ ؟ ورحم الله رجلاً ارتبط اسمه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا يكون الشرف وإلا فلا وعلى مثله فلتبك البواكي

وانتقل معي إلى أعجوبة المحاورين في باب دعوة غير المسلمين " أحمد ديدات " الرجل الذي أقلق مجلس الكنائس العالمي، الذي سافر وحاور المئات من القساوسة ، وأسلم على يديه المئات ، وزعزع عقيدة الآلاف فماذا صنعت يا ديدات؟
رحمك الله رحمة واسعة ، وجعل تلك الحوارات والنقاشات في ديوان الحسنات

وتعال معي إلى أفريقا المنسية إذ رحل إليها رجل واحد ولكنه يحمل هم أمة بأسرها إنه د. عبد الرحمن السميط الذي اختار أفريقيا لتكون هناك بصمته فمكث فيها نحو ربع قرن ، داعية ومعلماً ففتح الله على يديه وأسلم على يديه نحو خمسة ملايين ممن عاصر، فكيف بالعدد بعد سنوات ممن سيخرج من نسلهم ، وبنى نحو أربع جامعات، وتخرج عليه آلاف الدعاة ، وبنى المراكز الصحية ، يا الله أحقاً ما صنع السميط
إنه رجل واحد اختاره الله ليكون مصححاً لعقائد الملايين ، وهكذا يكون الاختيار والاصطفاء ، هذا كله مع ضعف الإمكانات ، وقلة التقنيات وندرة المعين من البشر، مع صعوبة الطرق وتنوع الديانات والثقافات وقلة موارد الحياة إلا أن هذه العقبات لم تقف في وجه البطل الصادق السميط
لقد سار شرقاً وغرباً، لقد خاض الأنهار التي تمتلئ بالتماسيح ودخل الغابات التي فيها الحيوانات ولكن الله علم صدقه فحفظه ورعاه وأيده وسدده، وفي قصته عجائب وحياته عبرة لكل متخاذل كسلان، فعجباً لرجل يُغيِّر قارة بأكملها

إن الحديث يطول عن الأبطال الذين كانت لهم بصمة حسنة في تغيير التاريخ، والنماذج بحمد الله عديدة، وما ذكرت إلا نزراً يسيراً وتركت الكثير ولم أقصد إلا الإشارة ، لعلها تثير من تلحف بالكسل ورضي بالحال واحتج بالعوائق ووضع الصوارف
والله الذي لا إله غيره إن الكثيرين لهم مقدرة على تغيير التاريخ وإضافة الجديد في الواقع الإسلامي ، ولكن من يجرؤ على ركوب البحر، ومزاحمة الأقوياء ومسابقة الأبرار؟

إن الذي بقي من عمرك لا بأس به فليكن هو سلمك للفردوس ، فانهض فقلم التاريخ يكتب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري