لم يخطر على بال البطل الأولمبي السوري ناصر الشامي -وهو يرفع علم بلاده بعد حصوله على برونزية أولمبياد أثينا، ويتلقى التهاني من الرئيس بشار الأسد- أن له موعدا مع رصاص قوات الرئيس التي حولته إلى مُقعد ولاجئ خارج سوريا.
والشامي ملاكم دولي حاصل على برونزية أولمبياد أثينا، إضافة لكونه بطل آسيا وبطل العرب، فضلا عن كونه بطل سوريا في وزنه
الشامي بعمان الثلاثاء الماضي، وهو نفس اليوم الذي قال إن قوات الأمن اقتحمت خلاله منزله ومنزل عائلته في حماة، واعتقلت شقيقه، واعتبرت ثلاثة من أشقائه مطلوبين للظهور على الإعلام السوري لتكذيب حديث أدلى به مطلع الشهر الجاري.
وروى الشامي بمرارة مأساته التي بدأت بمجزرة حماة الأولى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وصولا للمجازر الحالية التي تتقاسمها أكثر من مدينة سورية.
ويتقاسم الشامي مع عدد من العائلات السورية شقة متواضعة بوسط عمان، والقاسم المشترك بينها أنها عائلات جرحى لم يجدوا سوى شقة في الطابق الرابع لا يتوفر فيها مصعد مما ضاعف من معاناتهم.
ناصر الشامي يتقاسم مع عدة عائلات سورية شقة متواضعة بوسط عمان |
رحلة عذاب
ويقول الشامي "كان عمري سنة واحدة عندما قتل والدي حسن الشامي على أيدي قوات النظام في حماة، كما أن أمي وضعت شقيقي الذي حمل اسم والدي قبل مقتل والدي بيوم واحد".
ويروي الشامي قصته مع الرصاص الذي حوله من ملاكم شرس إلى شبه مُقعد، ويقول "غادرت سوريا في 15/5/2011 إلى الصين لمدة شهر وعدت لسوريا بعد شهر، ومن ثم سافرت إلى كازخستان في معسكرين تدريبيين انتهيا في 15/7/2011".
ويضيف "بعد عودتي نقلت مع لاعبي المنتخب الوطني إلى فندق الفيحاء للانتظام في التدريبات، وفوجئت بعد ذلك بخمسة أيام -وكان يوم الخميس وبعد انتهاء التدريبات- بأحد اللاعبين المعروفين أصبح اليوم مدربا يطلب منا أن نجهز أنفسنا في اليوم التالي وهو الجمعة للتوجه لمنطقة القابون لنحمل العصي للدفاع عن سوريا والرئيس الأسد، بمعنى أن نتحول من لاعبين دوليين إلى شبيحة".
وقال أيضا "قبل أن أستوعب الصدمة حضر مدرب من فريق نادي الجيش وأبلغ لاعبي النادي أنهم سيتعرضون لعقوبات إن لم يوافقوا، حيث أعلن عدد من اللاعبين فورا موافقتهم، لكنني أعلنت رفضي للأمر، وعدت للفندق وحزمت أغراضي وعدت لبيتي بمدينة حماة".
ويروي الشامي قصته مع الرصاص الذي اخترق جسمه، فيقول "بعد أيام من وصولي لحماة خرجت لشارع العلمين بالقرب من كلية البيطرة بحثا عن سيارة تاكسي لنقل زوجة أخي للمستشفى حيث كانت في حالة ولادة".
وأضاف "عند وصولي لباب الكلية صرخ علي عدد من السكان أن هناك قناصا في المنطقة، وأمام محاولتي الخروج من المكان عاجلني
القناص بطلقة تحت ركبتي اليسرى، وقبل أن أحاول التحرك جاءت الطلقات الثانية والثالثة والرابعة في فخذي الأيسر، وظهر فيما بعد أنها من النوع المتفجر".
ويتحدث الشامي بألم عن حضور شقيقه الذي توجه إليه لا إراديا محاولا إنقاذه إلا أن رصاص القناص أصاب شقيقه في البطن.
وروى الشامي كيف جاء أحد أبناء المنطقة بسيارة وظل يرجع نحوه وشقيقه حتى وصلهما وجازف بوضعهما في السيارة، بينما كان الرصاص ينهمر على السيارة التي يقول إنها نقلته رغم عطب إحدى عجلاتها.
رحلة علاج
ولم تنته مأساة الشامي عند حد الإصابة، فكانت رحلته شاقة مع العلاج بالمستشفى الحوراني بحماة حيث أجريت له ثلاث عمليات على فترات، ورغم ذلك فقد خضع للاحتجاز داخل المستشفى مدة 10 أيام تم خلالها التحقيق معه من قبل الأمن الجنائي والأمن العسكري وأمن الدولة، "ووجهوا لي تهما مختلفة ثبت للأمن بأدلة غالبيتها طبية أنها تتعلق بأحداث جرت وهو مصاب".
وبمرارة يتحدث بطل الملاكمة السوري عن "تخلي" الاتحاد الرياضي العام عنه رغم اتصاله برئيسه اللواء موفق جمعة شخصيا، ومن ثم عبر اتحاد الملاكمة، "فقررت مغادرة سوريا بحثا عن علاج، حيث أبلغني الأطباء بحاجتي لعمليات زراعة لأسياخ حديد وتقويم وغيرها، نظرا لتفتت عظم الفخذ الأيسر تماما".
وقال "غادرت بشكل رسمي للبنان ومنها للأردن، حيث حضرت هنا لعمان وأجريت لي عملية على نفقة منظمة أطباء بلا حدود، وأبلغوني بحاجتي لعملية أخرى".
ولا يخفي ناصر الشامي غضبه على عدد من الرياضيين السوريين، بل ويدعو لإعداد "قائمة سوداء للرياضيين الواقفين ضد الشعب".
ويقول "أعرف كثيرا من الرياضيين الذين تركوا الرياضة وعادوا لمنازلهم دون أن يعلنوا الانحياز للثورة أو الوقوف مع النظام"، وتابع "المؤلم هم شبيحة الرياضيين الذين انحازوا للنظام وأيدوا القتل لأبناء شعبهم الذي طالما احتضنهم".
وختم الشامي حديثه برسالة وجهها عبر الجزيرة نت للرئيس الأسد الذي قال إنه قابله مرتين مع وفود رياضية، وقال "يا سيادة الرئيس، من يأتي لسوريا يشاهد تمثال صلاح الدين الأيوبي، وضريح الصحابي خالد بن الوليد، وأبي الفداء في حماة، وغيرهم من الأنبياء والعلماء الذين تحتضنهم أرض سوريا".
وأضاف "يا سيادة الرئيس بعد سنوات سيقول الناس عن الأماكن التي سميت بأسماء عائلة الأسد إنها لحافظ الأسد الذي أباد حماة، ولابنه بشار الذي أباد حمص ودرعا وحماة وإدلب، هذا هو التاريخ الذي سيحفظه لك السوريون ولعائلتك يا سيادة الرئيس"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري