الأحد، 19 فبراير 2012

ما وراء قرار الحجب في تويتر

يبدو أن الحكومات أدركت "متأخرا" قوة سلاح الإعلام الجديد إذا مااستخدمته الشعوب ضدها, فكما يقول الناس الآن: الفيسبوك أسقط حكومات تونس ومصر, وفي ظني أن تويتر أسقط الفيسبوك كذلك! فبات تويتر سلاح الشعوب الإعلامي الأقوى عالميا!

وحسب إحصائية حديثة نشرتها صحيفة سبق الإلكترونية,فإن السعودية تعد الأكثر استخداما لتويتر في العالم العربي!

ولا يشك متابع لعالم التغريد في تويتر قوة تأثيره الحالي في فضح الفساد الحاصل في السعودية وقوة أثره الإصلاحي فيها, وبروز عدد كبير من الأسماء السعودية اللامعة والمؤثرة في تويتر, بل إن سبعة من الأسماء السعودية المغردة تشغل حيزا من الـ15 الأشهر عربيا حسب موقع "متوترون".

لكن الذي لم يكن يتوقعه هؤلاء المغردون وغيرهم من كل أنحاء العالم أن ينقلب تويتر من سماء مفتوحة للتغريد إلى قفص حديدي سقفه حكوماتهم!

فقد أعلنت تويتر عن تطبيق سياسة جديدة في حجب اليوزرات والتغريدات بناءا على طلب الدول! ، ومثال ذلك، لو طالبت السعودية بحجب حساب الشيخ العريفي على سبيل المثال والذي يتابعه قرابة تسع مائة ألف مغرد،فعلى تويتر حجب معرفه عن كل المعرفات السعودية، أو بحجب تغريدة واحدة من تغريداته عنهم إذا طولب بذلك،

وهذا القرار من موقع تواصل اجتماعي عالمي كتويتر عُرف بحرية التعبير يعتبر قرارا مفاجئا وبعيدا عن مقصد هذه المواقع، وردة الفعل على هذا القرار جاءت عالمية، خاصة أن هذه الرقابة غير معتادة عند العالم الغربي بعكس عالمنا العربي! ولذا جاءت إحدى أشهر التغريدات في الهاشتاق المخصص للاعتراض على هذا القرار بتعليق يسخر من هذا القرار ويربطه بثقافتنا العربية حيث غردت مجموعة أنونمس وهي مجموعة هاكرز أمريكية ظهرت مؤخرا وكان لها ضربات على جهات حكومية أمريكية فقالت" ماذا كنتم تتوقعون بعد مساهمة السعودية ب ٣٠٠ مليون دولار! فعلاقة السعودية وحرية التعبير ليست جيدة!"

لكن ماهو الجديد في هذا النوع من الحجب؟

الجديد أن الذي يتبناه هو نفس الموقع أو مالك الخدمة فهو حجب من المصدر لايمكن تجاوزه، وليس حجبا عن طريق منافذ الإنترنت في كل دولة كما هو الحال عندنا في حجب المواقع عن طريق هيئة الاتصالات فيسهل تجاوزها بالبروكسيات ونحوها.

ولكن هل فعلا لن يتمكن الناس من تجاوز هذا الحجب؟

بالنظر إلى السياسة المعلنة وهو أن تويتر سيحجب اليوزر أو التغريدة عن البلد الذي يطلب ذلك فقط، وليس إلغاء الحساب كليا، فإن ذلك يعني ظهوره لباقي المستخدمين في الدول الأخرى وهذه ثغرة تُستغل ، فإذا عرفنا آلية تويتر في تطبيق هذه التفرقة سنعرف طريق تجاوزها، وآليته على أمرين اثنين:

١- الدولة التي اخترتها عند تسجيلك.
٢- الأيبي الذي تقوم بالدخول عن طريقه.

فكل ما على الشخص إذا حُجبت معرفات سعودية مثلا أن يغير دولته في إعدادات حسابه إلى دولة أخرى، ثم يستخدم أحد البرامج التي تتيح تغيير الأيبي من أيبي سعودي إلى أي هوية أخرى.

ولا أظن هذا الحجب سيكون ذا جدوى وأثر قوي إذا استمر تويتر في تقديم الخدمة، فستُنشأ الحسابات البديلة تلو الحسابات، وسيقتبس الناس تغريدات المحجوبين ويعيدون إرسالها بيوزرات غير محجوبة، ومن تجاربنا السابقة في سياسة حجب الحق، أن ذلك لا يزيده إلا انتشارا ولا يزيد أهله إلا إصرارا، فهي سياسة فاشلة تضر أصحابها أكثر من نفعهم إلا أن يتم إغلاق تويتر عن بكرة أبيه.

ومما يثير العجب أيضا ما نسمعه من أخبار متتالية بالتضييق على مواقع مشاركة الملفات العالمية والضجة الحاصلة لهم، والاتفاقيات الجديدة التي تقيد حرية المستخدم وتتيح للحكومات حق الاطلاع والتحكم، وما حصل مع موقع قودادي الذي يعتبر الأشهر عالميا لحجز النطاقات "الدومين" ، ومن ثم الموقع الشهير قوقل يعدل في اتفاقية المستخدم، وهاهو تويتر يشاركهم بقرارات جديدة تقيد حرية الاستخدام! وتسارع عجيب في تغيير خريطة استخدام الإنترنت، مما جعل المغرد الشهير عبدالله العلي "وهو محقق جنائي في جرائم الكمبيوتر" يقول :

يبدو ان الانترنت سيتغير كثيراً في 2012 ..كل يوم يظهر تهديد جديد لحرية الانترنت والمعلومات، ( قوانين - حجب- اغلاق مواقع - تحويل محاكم )”

وهذه التغيرات المتسارعة تستحق التأمل كثيرا والوقوف عندها لمعرفة ما وراءها؟!

ومن وجهة نظري بعد تأمل بسيط أن الداعي الأكبر لكل ذلك هو الربيع العربي!

الذي غير مجرى التاريخ في أشهر معدودة، وكان للإنترنت أثر كبير في ذلك، وليس سقوط الحكومات ما أقلقهم وإنما تولي الأحزاب الإسلامية زمام القيادات في دول الثورات باختيار الشعوب، حيث أن هذه القرارات المتتالية لم تظهر إلا بعد قيام الحكومات الجديدة في تونس ومصر على وجه الخصوص.

ربما تفوح رائحة "نظرية المؤامرة" من هذا التحليل، وليكن ذلك، فإن المؤامرة قائمة ولا ينكرها إلا متآمر أو جاهل، ولو قام أحدنا بمسح سريع على شبكة الإنترنت سيعلم تماما أن الصهيونية العالمية هي المتحكمة فيه وأركانه، وفي ظني أنها لم تتوقع يوما أن تنقلب هذه الشبكة لتكون سلاحا ضدها وصرخة توقظ ما يسمونه "بالمارد النائم"، فلما حصل ذلك! استنفروا قواتهم لقطع السبيل وتغيير معالم هذه الشبكة المفتوحة وجعلها مغلقة تتخللها نقاط التفتيش!


لكن هل سيتمكنون فعلا من ذلك؟ هل ستجدي سياسة الحجب والإغلاق العالمي لإيقاف طوفان الربيع العربي أو الإسلامي؟

لا أظن ذلك البتة! والله غالب على أمره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري