السبت، 20 فبراير 2010

عن الهبّة الأردنية

  • توجان فيصل
  • الشعوب تختار وتغير حكوماتها بينما في الاردن الحكومة تختار وتغير شعبها وهي تقرر من تريدهم أردنيين ثم فجأة تقرر أنهم لم يعودوا كذلك
  • لم يكن من قبيل الصدفة أن غالبية مقالاتنا, في العام المنصرم خاصة, كانت تتناول تداخلات التسويات المتداولة للقضية الفلسطينية وارتباطاتها مع ما جرى تاريخيا في الأردن وما يجري الآن, واستشراف انعكاسات تلك التسويات والمجريات على الأردن "مستقبلا " بما يمس مصيره كدولة ووطن لا أقل.. بل كان لأننا شعرنا بضرورة بحث الكثير مما كان يمور تحت السطح مما لا يسمح لأحد بالاقتراب منه, وهو بمجمله ما تفجر في الأيام الأخيرة وأصبح حديث الساعة الأول بامتياز.
    وهذا يؤكد أن المستقبل الذي كنا نحاول استشرافه لم يكن على عتبات أبوابنا فقط, بل إن الكثير منه كان قد تسلل إلينا مسكوتا عنه كما ألمحنا .
    ولكن, وبما يؤشر على أكثر من خلل مفصلي في سياسات حكوماتنا أورثها هشاشة مريعة, فإن ما فجر الموضوع تفجيرا يشبه السيل الذي جرف الكثير من التابوهات التي كانت الحكومات تنذر أو تشرع في معاقبة من يقترب منها, هو إشهار منظمة هيومن رايتس ووتش لتقريرها الذي يتناول "جزئية" واحدة من سياسات حكوماتنا المتعاقبة, تتمثل في قيامها بسحب جنسية بضعة آلاف من الأردنيين من أصول فلسطينية.
  • وبعد امتناع الحكومة, الممتد لأكثر من عام, عن الرد على أسئلة منظمة هيومن رايتس ووتش المتعلقة بشكاوى سحب جنسية تلقتها, كما تلقاها أيضا المركز الوطني لحقوق الإنسان (الرسمي) أو ردها بمجرد النفي الذي لا يصمد أمام الحقائق المثبتة, أو اختراع تسميات تجميلية بديلة لإجراءاتها لا علاقة لها بالتسميات القانونية الموحدة محليا ودوليا. فإن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف طالب الأردنيين "بهبّة" لحماية الأردن.
    ولأن ما يجري هو شأن حقوقي قانوني ودستوري يتعلق بحقوق فئة من المواطنين وليس مواجهة مع عدو خارجي, فإن الهروب من بحث الأمر في إطاره الأصل بالاستقواء بفئة من الأردنيين على أخرى أمر غير حصيف فيما يتعلق بالوحدة الوطنية التي يلوح بها في وجه كل من يجرؤ على بحث هذه الحقوق.
    ولكن غياب الحصافة هنا يطال مصالح الحكومة التي جيء بإعلامي مخضرم كالدكتور نبيل بهدف الدفاع عنها, وتحديدا عند استعماله لكلمة "الهبّة". فالكلمة هي الرديف الأردني لكلمة "انتفاضة". وقد دخلت "الهبّة" القاموس السياسي الأردني أول مرة في توصيف أحداث عام 1974 التي سميت "هبّة السكّر" وهي أحداث يراوح تصنيفها -وتحديدا لأن بحثها اعتبر تابو آخر- بين اعتبارها تمردا عسكريا أو اعتبارها احتجاجا على ظروف معيشية تفاقمت نتيجة الفساد.وأعيد استعمال الكلمة في توصيف الحراك الشعبي الذي بدأ في الجنوب وانتشر سريعا بحيث كاد يعم المملكة, في أبريل/نيسان عام 1989. إذ يشار إلى تلك الأحداث شعبيا "بهبّة نيسان" وإن غلبت تسمية "انتفاضة نيسان" لشيوع التسمية حينها بعيد الانتفاضة الأولى في الضفة. ولكن الجهات الرسمية بالمقابل ظلت تشير لما جرى بـ"أحداث الجنوب" أو "أحداث نيسان 89" بالذات لتحاشي تسميات "الهبّة" أو "الانتفاضة".
    وما يزيد غياب الحصافة عن أقوال الوزير, أن من يترأس الحكومة الحالية هو نجل السيد زيد الرفاعي الذي قامت انتفاضة نيسان ضد حكومته وطالبت بترحيلها وتم لها ذلك. وكما هو متوقع بداهة, فإن هنالك أكثر من حديث جارِ ليس فقط عن توريث لمنصب الرئاسة, بل أيضا عن توريث لنهج وسياسات داخلية وإقليمية ودولية صبغت سنوات حكم الرئيس الأب وكذلك الجد سمير الرفاعي, الذي أصبح يشار له, ربما لغرض سياسي حينا ولكن لأغراض التوضيح أحيانا, بـ"سمير الأول".
    وغني عن القول أنه حين تتصدى حكومة هذا إرثها الذي لا يمكن إنكاره (بل ومعروف أن الرئيس الأب لا يتنكر له بل يدافع عنه باعتباره يمثل قناعاته التي هي من حقه) وفي لحظة تعاملها مع جزء من ذلك الإرث المتصل بالقضية الفلسطينية وبالعلاقة مع الضفة الغربية وأهلها تحديدا. تكون الحكومة تمر في امتحان داخلي دقيق لا يحتمل أخطاء مهنية تكنوقراطية أو سياسية من أي من الفريق الحكومي. فكيف إن كانت تلك الحكومة تخوض أيضا معركة مع منظمات حقوق إنسان دولية.
    أما التناقضات التي حملتها تلك "الهبّة" فتظهرها مقالات وبيانات لمجموعات صغيرة, أو حتى أفراد في طيف يراوح -وهنا العجب- بين المعارضة وصولا للمطالبة بالملكية الدستورية التي يهتز كامل جسم الدولة لدى سماع ذكرها, والموالاة حد التبعية وقبض مخصصات سخية مقابل مقالاتهم المنشورة في صحيفة الدولة شبه الرسمية, وبعضهم قبض مناصب ذات امتيازات كبيرة بلا تأهيل تنافسي وأحيانا بتجاوز على القوانين وعلى الدستور ذاته.
    وفي هذه الهبة تتجلى حقيقة أن بعض الذين نشطوا مستقوين بحاجة الدولة لفزعتهم, حمّلوا معركتها أجنداتهم هم, المحقة وغير المحقة, والتي بعضها يكشف نقاط الضعف الحكومية بدل أن يغطيها.
    فهنالك من طالب بفك ارتباط الإخوان المسلمين مع حماس, مع أن الارتباط هو مع تنظيم الإخوان الرئيس الذي حماس وإخوان الأردن تنظيمان فرعيان منه انتشر مؤخرا خبر تنافسهما على تبعية مكاتب الإخوان في الخليج. ثم إن إخوان الأردن صرح لهم للعمل في الساحة الأردنية منذ عهد الإمارة مع العلم بتبعيتهم للتنظيم الأم. وإن أضفنا لهذا أقوال الحكومة بأن قرار فك الارتباط وما بني عليه من إجراءات سحب جنسية (لا تطال قياديي السلطة وبعض قياديي منظمة التحرير) تتم بالتفاهم مع منظمة التحرير الفلسطينية. فإننا نجد أنفسنا أمام أسئلة أهم من أسئلة هيومن رايتس ووتش: سؤال عن مآل تلك المنظمة على يد السلطة بحيث لم يعد معه بالإمكان الحديث عن المنظمة باعتبارها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني". وسؤال عن دعمنا لنهج السلطة التفاوضي الذي أورث الأردنيين والفلسطينيين هذا الحال الراهن. وسؤال عن موقف حكوماتنا من المقاومة الفلسطينية بالمقابل, التي لا يتاح لها أن تمثل في المنظمة ببساطة لأن ما تبقى من تلك المنظمة حلقة ضيقة طاردة وليست جامعة.
    ولماذا لا يقف الأردن الرسمي على مسافة مساوية على الأقل من فصائل المقاومة التي تشكل خط الدفاع الأول عن الأردن ضد المخطط الصهيوني ؟؟ ونستذكر هنا قول خالد مشعل في طمأنة الأردن: "لا تخشوا من يقاوم, من يقاوم لا يستبدل وطنا بوطن".
    وهنالك من هبّ ليطالب المعارضة الأردنية, وهو يحسب نفسه على شق منها (مع أنه منطقيا لا يجوز مطالبة المعارضة بمواقف تبنى على مواقف للحكم) بأمور من مثل اعتراف القوى القومية والإسلامية المعارضة بقرار فك الارتباط (الجدلي وغير الدستوري). وطالب النقابات المهنية بفك الارتباط مع نقابيي الضفة الغربية, مع أن إصرار النقابات على إبقاء ذلك الارتباط كان من أهم عوامل صمود أهل الضفة في مواجهة التفريغ أو التدجين منذ احتلالها عام 1967.
    غني عن القول أن المعارضة لن تستجيب لمثل هذه الطلبات, ولكن التقدم بها يصب في النهاية في خانة مؤازرة لضغوط الدولة على المعارضة، كما على النقابات وعدد من الأحزاب. وحين تطالب ذات المجموعة الحكومة -وفي ذات البيان- بدسترة قرار فك الارتباط وتحويله من تعليمات إلى قانون يلغي ما يتعارض معه في كافة القوانين الأخرى, إنما تطالب بتعديل الدستور لإتاحة هذا, مما يعني اعترافا بعدم دستورية كل ما قامت وتقوم به الحكومة حاليا بالاستناد لتعليمات شبه سرية.
    والكل يرحب بفتح باب النقاش الوطني حول "دستورية" قرار فك الارتباط, مما يعني ابتداء نشر تلك التعليمات التي تتذرع بها دولة لسحب جنسيات تعد بالألوف ممن كانوا مواطنيها, ولكن الدولة هي التي ترفض الحوار والنشر. ولو كانت التعليمات منشورة بصورة رسمية لما طالبت هيومن رايتس ووتش الحكومة بالكشف عنها.
    وغني عن القول إن الأنظمة والتعليمات تصدر بالاستناد إلى قوانين يشترط أن تكون مستندة للدستور. ولتطبيقها يتوجب نشرها في الجريدة الرسمية. والقانون الذي يحكم أمور الجنسية هو فقط قانون الجنسية الأردني للعام 1954 وتعديلاته التي تنص على شروط استثنائية مشددة لنزع الجنسية كانخراط الشخص في الخدمة العسكرية لدولة أجنبية ورفضه تركها بعد طلب الحكومة منه ذلك.
    ويشترط لسحب الجنسية قرار من مجلس الوزراء ومصادقة الملك عليه. ويبقى حق الاحتكام للقضاء لنقض القرار مصانا لكل أردني متضرر من أي قرار حكومي, مما لا مجال لتفصيله هنا. ولكننا نحيل المهتمين لمقالتين وافيتين للمحامي الدكتور أنيس فوزي قاسم أستاذ القانون الدولي, الأولى منشورة في يومية "العرب اليوم" بتاريخ 5/7/2009 بعنوان تصويب أوضاع أم سحب جنسية, والثانية في يومية "الغد" بتاريخ 7/2/2010 بعنوان مواطن انتهت صلاحيته.
    ولكن من الضروري التوقف هنا عند نقطتين قانونيتين. الأولى, أنه لا وجود لقرار فك ارتباط, بأي معنى قانوني لكلمة "قرار". فما صدر عن الملك الراحل عام 1988 هو خطاب يتحدث عن فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة. ولم تتخذ أي من الخطوات الدستورية لتحويل فك الارتباط هذا إلى "مرسوم" (قرار ملكي) بصيغة تنسّبها الحكومة (كونها ستكون مساءلة عما ينتج عن تطبيقه) وينشر في الجريدة الرسمية. كما لم ينشر أي "قرار" اتخذته الحكومة في هذا الشأن ولا أية تعليمات.
    هذا مع أن الحقوق الدستورية والقانونية لا يملك أحد أن يتخذ قرارا بمصادرتها, وحتى إن جرت المصادرة بالاستناد لقانون يكون قرار المصادرة خاضعا للطعن لدى محكمة العدل العليا. وبالمناسبة, جرى طعن في قضية سحب جواز سفر استنادا لما سمي بتعليمات فك الارتباط في أوائل تسعينيات القرن الماضي, وقضت محكمة العدل العليا ببطلان القرار الحكومي لعدم جواز سحب الجنسية بناء على تعليمات أو قرارات إدارية.
    ولا يعتد بزعم الحكومة أن الاحتكام للقضاء, ناهيك عن زعم أن طلب نشر التعليمات المطبقة, تطاول على السيادة!! فالسيادة أمر قانوني علمي متفق عالميا على تفسيره, وأهم ما في هذه التفاسير أن أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء الإداري النظر فيها هي تلك التي تقوم بين دول, وليس بين حكومة ومواطنيها فيما يخص حقوقهم.
    والنقطة الثانية توضح ما يسمى "بالتجنيس" من قبل الحكومة, والذي يطالب بعض من هبّوا لمؤازرتها بوقفه. فالمعنيين هنا هم إما ولدوا أردنيين لآباء أردنيين فاستحقوا الجنسية والجواز تلقائيا, أو هم من جرى تجنيسهم دون استشارتهم أو تقدمهم بطلبات تجنس أو حتى تقدم من يزعمون تمثيلهم بهذا الطلب.
    فقد قررت حكومة الأردن عام 1949, أي قبل وحدة الضفتين بعامين وحين كانت الضفة الغربية تدار من قبل الحاكم العسكري الأردني, بتعديل أجرته على قانون الجنسية الأردني, أن "جميع المقيمين عادة عند نفاذ هذا القانون في شرق الأردن أو في المنطقة الغربية التي تدار من قبل المملكة الأردنية الهاشمية ممن يحملون الجنسية الفلسطينية يعتبرون أنهم حازوا الجنسية الأردنية ويتمتعون بجميع ما للأردنيين من حقوق ويتحملون ما عليهم من واجبات".
    ما جرى لا يقتصر على التجنيس القسري, وإن لم يجر الاعتراض عليه لأكثر من سبب نابع من صعوبة حال الفلسطينيين حينها الذي لا يتيح هامشا لخيار, ناهيك عن اعتراض. ولكن الأهم هنا هو أن الجنسية الفلسطينية أسقطت عنهم جمعا بهذا القرار. بل إن ذات قانون الجنسية الفلسطينية الذي أصدرته سلطة الانتداب البريطاني عام 1925, أسقط بأن توقف العمل به دون أي إحراج لسلطة الانتداب التي كان من الصعب جدا -بل من المستحيل- أن تبادر لإسقاطه عن أهل فلسطين فيما تبقى من أرضها ولم تعطه للصهاينة القادمين توا من كل أصقاع وجنسيات العالم. وقولنا باستحالة أن تقوم بريطانيا بهذا ليس حسن نية بها, بل لأن الجسم الدولي كان يسعى جهده لجعل الفلسطينيين والعرب يقبلون بقرار التقسيم لعام 1947.
    هؤلاء المجنسون فجأة دون استشارتهم, يتقرر فجأة ودون استشارتهم أيضا سحب جنسياتهم, بكل ما يستتبعه كون الإنسان بلا جنسية ولا جواز في عالمنا المعاصر. ومن العجب الذي تثيره "الهبّات" العصبية, أن أحد من طالبوا بالإجراءات المذكورة أعلاه, سبق أن كتب في أوائل التسعينات واحدة من أبلغ ما قيل عن هذا الذي كان يجري حينها وتفاقم الآن, قائلا: القاعدة في العالم كله أن الشعوب تختار وتغير حكوماتها, بينما في الأردن الحكومات تختار وتغير شعبها, وهي تقرر على الدوام من تريدهم أردنيين, ثم فجأة تقرر أنهم لم يعودوا أردنيين.
    ولأن الحكومات هي من يقرر وليس الاستحقاق الدستوري والقانوني والإنساني الملزم في العالم كله, فإن عددا من الكتاب وأصحاب المناصب والامتيازات من أصول فلسطينية أيضا, يدعمون نهج الحكومة ولكن بتغطيته بغلاف رحمة تحيل القضية لمجرد معونة لحالات إنسانية.
    فهم يفتون بأهمية إعطاء ذوي الأصول الفلسطينية جوازا يكون وثيقة سفر ويؤهل حامله وأسرته لتلقي بعض الخدمات الحكومية. ولكن دون الحقوق السياسية, أي دون حق الترشح والانتخاب لأي منصب عام.
    وغني عن القول أن لا ضمانات لأية حقوق أخرى في غياب الحق السياسي, خاصة في بلد يكرس مفهوم المنح والأعطيات والإكراميات بديلا "للحقوق" والواسطة والتشفع بديلا للمنافسة والتأهل
    . وكله ضمن منظومة "المحاصة" التي يقر بها هؤلاء, والتي يحتكر أعضاء نادي الحكم الضيق لأسرهم وأنسبائهم وشركائهم الحصص الكبرى كلها، ويقومون بتوزيع فتاتها على أصحاب الواسطة .
    بقي أن الأصوات التي تؤيد سحب الجنسية, بمن فيها تلك التي كانت تطالب لوقت قصير مضى -ومع كل خرق لاتفاقية وادي عربة تقوم به إسرائيل وكل تهديد جديد تخرج به لاستقلال وسيادة وحتى بقاء الأردن- بوقف التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وإلغاء الاتفاقية. لم تطالب الحكومة هذه المرة بأي من هذا, بل طالبت فقط بقيام الحكومة بحملات دبلوماسية وسياسية تتمحور حول حق العودة.
    هذا مع أن أخطر ما لحق بحق العودة هو نصوص تلك الاتفاقية التي أحالت اللجوء, كما يفعل الكتاب الذين هبوا لنجدة حكومة مضطربة, إلى قضية إنسانية وليس قضية سياسية. ووادي عربة هي التي اعترفت بحدود شرق الأردن زمن الانتداب "حدودا دولية" مع إسرائيل, ولكنها سمحت في الوقت نفسه بوجود مستوطنتي الباقورة والغمر على أرضها إلى أجل غير مسمى وبامتيازات للمستوطنين تخرق فعلا السيادة الأردنية. ووادي عربة أقرت بوجود مستوطنات على طول الغور بما يتجاوز على حق الفلسطينيين في أرضهم وبما يحقق عزل أي كيان سيقوم باسم دولة عن محيطه العربي. وهي التي أقرت بحق إسرائيل في القدس الشرقية حين قبلت أن توكل إسرائيل دورا في المقدسات للأردن. والكثير غير هذا مما عرضنا له مفصلا في العديد من مقالاتنا السابقة.
    وبغض النظر عن لماذا وكيف تم هذا, فإن المخرج الوحيد للأردن مما وقع فيه وبدأت تجلياته تظهر بوضوح مقلق للجميع, هو الخروج من فخ المعاهدة. والبدء يكون بوقف التطبيع مع إسرائيل وحشد الشعب بكل قواه وأصوله ومنابته وراءها, وهو ما تلزمه ديمقراطية حقيقية تجمع ولا تفتت, وتقوي ولا تضعف الصوت الشعبي.
    فما تفعله الحكومة الآن, في نظر الغالبية الساحقة من الشعب, يلخصه عنوان مقالة يقول "يعادون نصف الأردنيين ويكرهون النصف الآخر". ولهذا يجري تداولها إلكترونيا بكثافة وكأنها ميثاق وطني جديد. والكاتب خالد محادين أردني تعود جذوره لقرون هي عمر مدينته الكرك. وهو ليس معارضا بل قبع في الديوان الملكي لسنوات مستشارا إعلاميا للملك الراحل. وفي هذا مؤشر للحكومة على كيفية تحقيق "هبّة" شاملة وداعمة للحكومة في مواجهة كل ما أضعفها رضوخها له, وليس "هبّة" ضيقة تزيد حمل حفنة "الأزلام" الذي يكاد يودي بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري