الأربعاء، 17 فبراير 2010

مصير تحقيقات الفساد الفلسطينية

  • لم تكن اللجنة التي شكلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتحقيق في اتهامات ضابط المخابرات السابق فهمي شبانة لمسؤولين في السلطة بالفساد، هي الأولى من نوعها، بل سبقها كثير من اللجان التي لم يلمس الشارع الفلسطيني لها أي نتائج.
    والمتابع لعناوين ملفات الفساد التي شكلت لها لجان تحقيق منذ عام 1996، ولم تجد نتائجها النور، يجد ملفات الطحين، والرقابة العامة، وهيئة البترول، والأنابيب، وبنك فلسطين الدولي، والإسمنت، وشركة كهرباء غزة، ووفيات السجون، ودار الأحداث، والحافلات الهولندية، وسلطة النقد، وحريق محطة النبالي، وضرب النواب.. وغيرها.
    إحباط
    وعبر مسؤول فلسطيني شارك في أغلب لجان التحقيق عن إحباطه لترقية شخصيات ثبت تورطها في الفساد، واتهم السلطة التنفيذية بتعطيل قرارات اللجان، فيما رأى محلل سياسي أن ممولي السلطة يغضون الطرف عن إساءاتها إذا كانوا راضين عن برنامجها السياسي.
    وبدأ تشكيل لجان التحقيق مع بداية عمل المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996، وفي أغلبها كان الدكتور حسن خريشة، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي السابق، والنائب الثاني لرئيس المجلس الحالي، رئيسا لها أو عضوا فيها.
    وقال خريشة "في الأغلب نعتمد على الفضيحة الإعلامية كطريقة للتغيير، وبينما كنا نلمس نتائج على مستوى الأشخاص، لم نفعل شيئا على المستوى الوطني، لأننا كنا نحيل هذه الملفات إلى الرئيس الراحل ياسر عرفات".
  • ترقية المتورطين
    وأكد خريشة ترقية أناس ثبت تورطهم في الفساد، مستشهدا بترقية المتهم بالتحرش الجنسي في دار الأحداث برام الله عام 1999، والاكتفاء بنقل السفير المتورط فيما عرف بفضيحة الحافلات الهولندية.
    وأوضح أن ملفات التحقيق ينبغي أن تحوّل إلى مجلس الوزراء الذي يحيلها إلى النائب العام تمهيدا لنقلها إلى المحاكم، لكن هذا لم يحدث، وفي ملف بيع الإسمنت لبناء الجدار الفاصل برر النائب العام ذلك بعدم وجود ما يمنع التجارة مع إسرائيل رغم أنها قضية مرفوضة وطنيا.
    وأضاف أن لجان التحقيق توصلت في الأغلب إلى نتائج واتخذت قرارات ونشرتها، وكان ينبغي أن تكون ملزمة للسلطة التنفيذية، لكنها بقيت حبرا على ورق، ومع ذلك قال إن موت كثير من القضايا بتشكيل لجان التحقيق لا يعني غيابها عن الوعي الفلسطيني.
    وحول دور المنظمات الأهلية والحقوقية في ملاحقة الفاسدين، قال خريشة إن المؤسسات الأهلية جزء من المنظومة العامة للفساد، وسبق التحقيق في اختفاء جزء من الأموال فيها وحبس المتهم ثم أفرج عنه.
    وخلص إلى أن محاسبة المتورطين تتوقف على مدى قربهم، وبعدهم عن السلطة التنفيذية، ومدى تنفيذهم لأهدافها والهيمنة عليها، مضيفا أن "السلطة التنفيذية تقرر في معظم الأحيان مصير لجان التحقيق".
  • الثقة المفقودة
  • ومن جهته، قال المحلل السياسي هاني المصري إن المواطن الفلسطيني لم يعد يثق في لجان التحقيق "لأنه لم يلمس أي نتائج لعملها"، مضيفا أن القناعة السائدة هي أن "لجان التحقيق تهدف إلى امتصاص الغضب وتحويل الأنظار".
    ويرى المصري أن تشكيل اللجان أفضل من عدم تشكليها، لأنه يعني اعترافا ضمنيا بوجود الفساد، مضيفا أن "أصحاب القرار، والمستفيدين من بقاء الفساد وبعض العادات والاحتلال، يساهمون في فشل لجان التحقيق".
    وأوضح أن أصحاب القرار لا يفتحون باب المحاسبة "لأنه سيفرط المسبحة ويطال الكثيرين"، موضحا أن الفساد المالي الذي يتعلق بمصالح البلد، أكثر خطرا من الفساد الأخلاقي الذي يتعلق بالشخص نفسه.
    وحول مبررات صمت الممولين العرب والأوروبيين والأميركيين على الفساد في السلطة، رأى المصري أن "ما يهم الغرب هو الأجندة السياسية، فإذا كان مرضيا عنها فإنهم يغضون الطرف عن المخالفات".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري