الثلاثاء، 9 فبراير 2010

الفساد بالعراق من المال إلى السياسة

  • انشغل الشارع العراقي لأكثر من شهرين بقضية وزير التجارة العراقي السابق عبد الفلاح السوداني في منتصف عام 2009، وترقب العراقيون سماع تفاصيل فضيحة كبيرة تتجاوز المال إلى السياسة، في وقت جرى فيه الحديث أيضا عن فضيحتين كبيرتين أبطالهما وزيران سابقان.
    غير أن استجواب السوداني في البرلمان واستقالته في ظروف غامضة، ثم اختفاءه عن المشهد الحكومي والسياسي، أنسى الشارع العراقي ما كان يتوقع أن يكون من أكبر الفضائح المالية والسياسية في ذلك البلد.
    وقد ترددت وقتها أنباء عن اختفاء مليارات الدولارات من ميزانية وزارة التجارة أثناء فترة وزارة السوداني التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات، كما تناقل الشارع اختفاء مليارات الدولارات في صفقات وهمية أو لأسلحة فاسدة في فترة وزير الكهرباء السابق أيهم السامرائي ووزير الدفاع السابق حازم الشعلان.
    ويقر كثيرون بأن الفساد المالي والإداري ينخر جميع الوزارات، ولكن المشكلة -حسب رأيهم- هي أن البرلمان الذي ينبغي أن يراقب الحكومة يتشكل من الأحزاب الكبيرة، كما أن وزراء الحكومة من تلك الأحزاب، وغالبا ما تحصل مساومات بين هذه الأحزاب للتغطية على الفاسدين.
  • الفساد السياسي
  • وتقول عضوة البرلمان وعضوة لجنة النزاهة أمل القاضي إن "الفساد بدأ في الجانب المالي وانتقل إلى الأمور الإدارية، ونقصد بها التعيينات في الوظائف والمراكز المهمة، وبما يضمن استمرار عمليات السرقات المالية والرشوة".
    ورغم رصد الجهات الرقابية لهذا الأمر منذ وقت مبكر، كما تقول القاضي، فإن مساحته ظلت تتسع، مؤكدة أن "المنظومة الإدارية والمالية تغوص في الفساد على أكثر من مستوى".
    والخطورة -كما تؤكد القاضي- هي تحول الفساد من فساد مالي إلى فساد سياسي، "لأن ذلك يجعل السياسي ينحدر إلى توظيف منصبه في الحكومة أو استغلاله للحصول على أصوات انتخابية".
    وقالت القاضي إن "حجم الفساد كبير وهو متفش جدا، لكننا بدأنا نضع أرجلنا على بداية الطريق الصحيح"، موضحة أن أعضاء ورئيس لجنة النزاهة في البرلمان يبذلون جهودا كبيرة للحد من انتشار كل أشكاله.
    من جانبه أبدى رئيس هيئة النزاهة في مجلس النواب العراقي صباح الساعدي تخوفه من تحول الفساد الإداري إلى فساد سياسي مع وجود حواضن لمنظومة المفسدين التي تهدد بانهيار القيم المجتمعية.
    وقال في تصريحات صحفية إنهم عملوا خلال الفترة الماضية على محاسبة المفسدين، "وسنرفع شعار محاكمتهم في الفترة المقبلة".
    وأكد الساعدي أن أي إستراتيجية رقابية يجب أن تتوفر لها إرادتان، أولاهما سياسية تقوم على المشاركة في إدارة الدولة، والثانية تقوم على الجدية في مكافحة الفساد وضمان استقلال القضاء.
    ويقول المحلل السياسي العراقي عبد الوهاب القصاب إن الفساد منتشر في العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، مؤكدا أن أكثر جهة فاسدة هي المتنفذة في السلطة حاليا.
    ويؤكد القصاب أن "الفساد يضرب أطنابه في كل مؤسسات الدولة، ويتهم هيئة النزاهة بالعجز عن عمل أي شيء على صعيد مكافحته، ما عدا الكلام علنا عن ذلك".
    وأشار إلى أن الناخب العراقي لو أتيحت له الفرصة وأدلى بصوته بحرية ولم تزور إرادته فلن ينتخب هؤلاء الفاسدين أبدا، على حد تعبير القصاب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري