- الجزائر شهدت إضرابات متوالية في الآونة الأخيرة يتخوف متابعون للشأن الجزائري من اندلاع انتفاضة شعبية بهذا البلد جراء موجة إضرابات في قطاعات مختلفة تشبه تلك التي شهدتها نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
ويحذر الكاتب والمحلل السياسي مراد أوعباس من تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن الجزائري، ويؤكد أن "هناك هواجس ومخاوف جدية من انفلات الأمور على الصعيد الشعبي".
بل يرى أوعباس أن "الاحتجاجات والإضرابات التي شهدها –ولا يزال يشهدها- عدد من القطاعات الحساسة بالبلد تبعث على التخوف من اندلاع انتفاضة شعبية شبيهة بالتي هزت الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول 1988"، الأمر الذي جعله يدعو الحكومة الجزائرية إلى فتح باب الحوار مع النقابات بدل "تطبيق سياسة الهروب إلى الأمام".
وكانت الجزائر قد شهدت انتفاضة شعبية في أكتوبر/تشرين الأول 1988 بعد السخط الشعبي الذي تنامى منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي بسبب الغلاء المعيشي وغلق المجال السياسي والإعلامي والنقابي، وتمخض عن تلك الانتفاضة فتح هذه الفضاءات قبل أن يدخل البلد فيما أصبحت تعرف فيما بعد بـ"العشرية السوداء". - إضرابات بالجملة
- وكانت عدة نقابات قد دخلت على مدار الأسابيع الماضية في إضرابات متتالية شملت قطاع الأطباء وقطاع التربية والتكوين المهني وعمال البلديات والسكك الحديدية وباقي عمال الوظيفة العمومية وعمال المجمعات الصناعية.
وحسب الخبراء الاقتصاديين فإن نسبة الإضرابات بالجزائر زادت لتصل 85% منذ التعديل الأول للدستور عام 1989، مقارنة بالفترة التي سبقت ذلك.
وخلال إضرابها طلبت نقابة عمال الصحة العمومية من الحكومة رفع أجور المنتمين للقطاع، في حين كشف وزير الصحة سعيد بركات عن استصدار قرار من العدالة يقضي بإيقاف الإضراب.
أما قطاع التربية فشن أضخم إضراب له منذ العام 2003، إذ توقف عن العمل حوالي نصف مليون أستاذ في مختلف المراحل التعليمية لعدة أسابيع، بعد "فشل" الإدارة في تطبيق اتفاق بين الوزارة والنقابات قبل تدخل العدالة وإصدار قرار ببطلان الإضراب.
وهددت وزارة التربية الوطنية بتغيير الأساتذة والمعلمين بآخرين إن لم يوقفوا الإضراب، مع الدعوة إلى فتح حوار لمناقشة مراجعة سلّم الرواتب وملف الخدمات الاجتماعية، قبل أن "تتنصل" من الملف الأخير.
وقال رئيس نقابة التعليم مزيان مريان إن "المطلب الأساسي للنقابات هو رفع القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وتحقيق العدالة الاجتماعية"، وأضاف هل من العدالة أن يتقاضى نائب برلماني في اليوم ما يتقاضاه عامل في شهر؟".
وعن تحليله الشخصي لاحتمال تكرار انتفاضة شبيهة بانتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 1988، قال مزيان إن "انتفاضة القرن الماضي جاءت بعد الغضب الشعبي من غلاء المعيشة وغلق الحريات السياسية والنقابية".
وأضاف "السلطات العمومية دعمت أسعار المواد الأولية بين عامي 2008 و2009 بما قيمته 10 مليارات دولار من أجل تفادي تكرار ما وقع عام 1988، لكن الخطر الحقيقي لعودة مثل تلك الانتفاضة هو في حالة تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية". - سكن ومعيشة
- غير أن الاضطرابات لم تقتصر على النقابات فقط، بل عرفت الجزائر عدة احتجاجات شعبية، الباعثُ الأساسي لها أزمة السكن وارتفاع أسعار المواد الأولية. واحتج سكان أحياء "ديار الشمس" و"الزعاطشة" و"السمار" بالعاصمة وغيرها من الولايات على "الأوضاع المزرية" التي باتوا يعيشونها.
وأكد الناطق الرسمي باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي ميلود شرفي أن الحكومة لم تدر ظهرها يوما لأي مطلب اجتماعي محق، وأكد أن "الحكومة فتحت حوارا مع الشريك النقابي (الاتحاد العام للعمال الجزائريين) والنقابات المعتمدة، وهي تطبق برنامج رئيس الجمهورية، خاصة شقه المتعلق ببرنامج المليون سكن".
واستبعد شرفي, الذي يشكل حزبه جزءا من التحالف الرئاسي، تكرار سيناريو الانتفاضة الشعبية، قائلا "تلك مرحلة مضت من تاريخ الجزائر ولن تعود، نحن نركز على التنمية وتوفير الاحتياجات للمواطنين".
إرادة السلطة - كما استبعد الكاتب والمحلل السياسي عابد شارف اندلاع أي انتفاضة بالجزائر، مبرزا أن "الاحتجاجات ليست جديدة بل هي موجودة منذ 20 عاما", وهو تصرف أضحى عند المواطنين وسيلةً للتعبير بعد موت المؤسسات المؤهلة لتنظيم الحوار مع المواطنين وفشل الإدارات في تطبيق ما يُتفق عليه, على حد تعبيره.
وقال "لن تكون بالجزائر أية انتفاضة إلا الانتفاضة التي تريدها السلطة"، مؤكدا أن "أية انتفاضة لا بد لها من وضع اجتماعي ملائم، وهو متوفر في حالة الجزائر، لكن قابلية المجتمع لمسايرة الانتفاضة غير متوفرة لأنه مُنهك، كما أن وجود الحد الأدنى من المؤسسات التي تنسق وتعبئ غير متوفر".
الثلاثاء، 18 مايو 2010
مخاوف من انتفاضة شعبية بالجزائر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري