بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع الاختلاط موضوع قديم حديث، قديم في حكمه حديث في الاحتياج إلى طرحه، فهو مما عمت به البلوى، وانتشر بين الناس، واختلف الناس فيه مابين مؤيد بتفريط، أو مانع بإفراط، والحقيقة إننا مجتمع له قيمه ومرجعيته التي لم يترك فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صغيرة ولا كبيرة إلا بيّنها، وكما انطلق الإسلام في نظرته إلى المساواة بين الجنسين في ((حقوق الإنسان)) الأساسية والطبيعية وذلك في (الكرامة الإنسانية والأهلية الحقوقية)...فهو انطلق أيضا بنفس النظرة إلى المساواة بين الجنسين في ((الواجبات)) فيما قد عهد به إليهما بالجملة على السواء من: الخلافة على الأرض وعمارتها وعبادة الله فيها.. وأن على كل منهما واجبه ودوره الذي لا بد منه لإقامة المجتمع الإنساني الكامل وأنهما في دوريهما متكاملان لا متنافسان وملزمان لا متطوعان.
ولكن النزاع اليوم لا يزال قائما حتى في الغرب نفسه حول الدور الأساسي للمرأة في المجتمع، فتارة على أساس علمي تشريحي عند بعض العلماء. وتارة بدافع الحاجة إلى الزيادة في الطاقة الإنتاجية عند بعض رجال الاقتصاد، وتارة تحت دوافع التفلت من القيود الشرعية الواجبة في الممارسة الجنسية مما قد أدى إلى حرية الجنس بصورة عامة والى الانحلال الأخلاقي والى تفكك روابط الأسرة، وهذا مما لا يمكن قبوله تحت ستار حرية المرأة في الإسلام. فالمجتمع يتكون من رجال ونساء، ولابد من اجتماعهم واختلاطهم في أماكن عامة أو خاصة، وفي كلا الحالتين جاء الشرع ليوضح الكيفية دون إفراط ولا تفريط والسؤال الذي يطرح نفسه:
ما حكم الاختلاط بين النساء والرجال؟
يظهر هذا التساؤل في مجتمعنا ولم يظهر في غيره في المجتمعات لأن المرأة في ديننا لها حكم خاص بها فهي محجبة مما وضع حاجزا بين الرجال والنساء وقيوداً للتعامل بينهما فوضعنا خاص لا يقاس على الآخرين ولذلك فمن الاختلاط ماهو جائز بشروط، ومنه ماهو محرم.
فالاختلاط الجائز له شروط:
الشرط الأول:
أن يخلو من تبرج المرأة وكشف مالا يجوز لها كشفه لقوله - تعالى -((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)) وهذه الآية تأمر بالحجاب عند الاختلاط.
الشرط الثاني:
أن يخلو من النظر إلى مالا يجوز النظر إليه والدليل على هذين الشرطين: قوله - تعالى -: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) وقوله - عز وجل -: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)).
الشرط الثالث:
أن لا تتكسر المرأة في الكلام وتخضع فيه والدليل: قوله - تعالى -((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا))
الشرط الرابع:
أن لا يكون مع خلوة فإن كان مع خلوة بأن كان رجل وامرأة في مكان لا يراهما فيه أحد حرم الاختلاط لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)) وقوله: ((لا يخلون أحدكم بامرأة فان الشيطان ثالثهما)).
الشرط الخامس:
أن لا تظهر المرأة على حالة تثير الرجال من تعطر واستعمال لأدوات الزينة لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((إذا استعطرت المرأة فمرت بالمجلس كذا وكذا يعني زانية)).
الشرط السادس:
أن يخلو من إزالة الحواجز بين الجنسين حتى يتجاوز الأمر حدود الأدب ويدخل في اللهو والعبث كالاختلاط الذي يحدث في الأعراس.
الشرط السابع:
أن يخلو من مس أحد الجنسين الآخر دون حائل فلا تجوز المصافحة لقوله - صلى الله عليه وسلم - (إني لاأصافح النساء).
الشرط الثامن:
أن يخلو من تلاصق الأجسام عند الاجتماع عن أبي أسيد الأنصاري - رضى الله عنه انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنساء ((استأ خرن فانه ليس لكن أن تحققن (تتوسطن)) الطريق عليكن بحافات الطريق)) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. هذه الشروط الثلاثة الأخيرة من الحواجز التي وضعها الدين بين الرجل والمرأة حذرا من الفتنة والتجاذب الغريزي الذي قد يغري أحدهما بالآخر، فإذا توفر في الاختلاط هذه الشروط كان حلالا وان فقد شرط من هذه الشروط كان الاختلاط حراماً.
حالات الاختلاط الجائز:
1. الاختلاط للضرورة:
من أمثلة الاختلاط للضرورة ما قاله الإمام النووي فقد قال - رحمه الله تعالى - وقال أصحابنا: ولا فرق في تحريم الخلوة حيث حرمناها بين الخلوة في الصلاة أو غيرها ويستثنى من هذا كله مواضع الضرورة بأن يجد امرأة أجنبية منقطعة في الطريق أو نحو ذلك فيباح له استصحابها بل ويلزمه ذلك إذا خاف عليها لو تركها وهذا لا خلاف فيه ومن صور الضرورة فرار الرجل الأجنبي بالمرأة تخليصا لها ممن يريد بها الفاحشة إذا كان الفرار بها هو السبيل لتخليصها ونحو ذلك من حالات الضرورة.
2. الاختلاط للحاجة:
* الاختلاط لإجراء المعاملات الشرعية:
وكما يجوز الاختلاط للضرورة يجوز للحاجة أيضا ومن حالات الحاجة ما يستلزمه إجراء المعاملات المالية الجائزة لها من بيع وشراء وغيرها لأن إجراء هذه المعاملات يستلزم عادة اجتماعها مع الرجل للمساومة ورؤية محل العقد ولكن يشترط أن تكون قد التزمت بشروط التي ذكرت سلفا.
* الاختلاط لغرض تحمل الشهادة:
يجوز للمرأة أن تكون شاهدة في قضايا الأموال وحقوقها، قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء) (البقرة: 282).
وتحمل المرأة الشهادة يستلزم حضورها ما تشهد عليه من معاملة، وقد تكون بين رجلين أو أكثر، فيجوز لها هذا الحضور وما يقتضيه من اجتماعها بأطراف المعاملة من الرجال.
* الاختلاط لغرض أعمال الحسبة:
الدليل أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ولى (الشفاء)- وهي امرأة من قومه- السوق أي: فعمر ولى الشفاء الحسبة، لتراقب السوق، فتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وفي هذا مخالطة لأهل السوق.
* الاختلاط لغرض خدمة الضيوف:
يجوز للمرأة أن تجتمع مع الضيوف الأجانب إذا كان معها زوجها، وكانت هناك حاجة مشروعة لوجودها وحضورها لأن وجود زوجها معها يمنع الخلوة بالأجنبي، وفي واجب الضيافة الذي يستلزم قضاؤه وجود الزوجة فيجوز وجودها ولو أدى إلى اجتماعها واختلاطها بالضيوف وأكلها معهم. وقد دل على هذا الجواز- جواز اختلاطها بالأجانب- لهذه الحاجة عن سهل بن سعد، قال: )) دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وكانت امرأته يومئذ خادمهم، وهي العروس، قال سهل: أتدرون ما سقت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -؟ أنقعت له تمرات من الليل، فلما أكل سقته)). وفي راوية: ((فما صنع لهم طعاماً، ولا قرّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد)). وقد جاء في شرح هذا الحديث وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه عند الأمن من الفتنة، ومراعاة ما يجب عليها من الستر، وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك. وفيه جواز إيثار كبير القوم في الوليمة بشيء دون من معه وكذلك ما جاء في سبب نزول قوله - تعالى -: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).
* الاختلاط للقيام بأعمال الجهاد:
ومن أمثلة هذا النوع من الاختلاط اشتراك النساء في الجهاد، بأن يقمن بنقل الماء إلى المقاتلين ومداواة الجرحى منهم، ونحو ذلك من الأعمال وكلها جائزة ومشروعة، وإن استلزمت أو اقتضت مخالطة النساء للرجال، لأن هذه الأعمال تحقق مصلحة شرعية أذن الشرع الإسلامي للنساء بالقيام بها، ويدل على ذلك ما روته الربيع بنت معوذ، قالت: ((كنا نغزو مع النبي- صلى الله عليه وسلم - فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد القتلى إلى المدينة)). وفي رواية: ((كنا مع الني- صلى الله عليه وسلم - نسقى، ونداوي الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة)).
* الاختلاط لغرض استماع الوعظ والإرشاد:
ومن اجتماع المرأة بالرجل للمصلحة الشرعية، اجتماع الرجل بالنساء لوعظهن وتعليمهن أمور الدين، سواء كان وحده أو كان معه شخص آخر، فقد روى الإمام البخاري عن ابن عباس قال: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبل ولابعد ثم مال على النساء ومعه بلال فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن فجعلت المرأة تلقي القلب والخرص.
وبعد الانتهاء من هذه الشروط يتبادر إلى ذهننا سؤال آخر:
كيف كان الاختلاط في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
وهنا نسوق بعض النماذج التي تبين واقعاً عاشه المسلمون:
* عائشة - رضي الله عنها - كانت معلمة الرجال وهي من وراء حجاب قال هشام بن عروة عن أبيه قال: لقد صحبت عائشة فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآية أنزلت ولا بفريضة ولا سنة ولا بشعر ولا أروى له ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا طب منها. وقد كانت منفذه لقول الله - تعالى -: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ).
* أم سلمة - رضي الله عنها - تهاجر وهي أول ظعينة دخلت المدينة وهذه حدود اختلاطها بعثمان، أرادت هجرة فمنعوها من زوجها وأخذوا ابنها فظلت تبكي سنة كاملة حتى سمحوا لها بالرحيل هي وابنها فركبت بعيرها وجاءها عثمان بن طلحه وهي بالتنعيم فأخذ بخطام ناقتها فانطلق يقودها تقول: " فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه كان أكرم منه ولا أشرف كان إذا بلغ منزلا من المنازل أناخ بي ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فأعده ورحله ثم أستا خر عني وقال اركبي فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه وقاده حتى أوصلني ثم انصرف راجعا إلى مكة".
* عائشة - رضي الله عنها - في سباق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويأمر جيشه بالتقدم لعدم المباسطة والمخالطة تقول - رضي الله عنها -: "كنت مع رسول الله في سفر وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال لأصحابه: (تقدموا) ثم قال: (تعالي أسابقك) فسابقته فسبقته على رجلي. فلما كان بعد حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في السفر فقال لأصحابه (تقدموا) فتقدموا ثم قال: (تعالي أسابقك) فقلت كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال فقال (لتفعلن) فسابقته فسبقني فجعل يضحك ويقول: (هذه بتلك السبقة).
* أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ذات النطاقين تسوس بعير زوجها وتستحي من مخالطة الرجال تقول رضى الله عنها: "تزوجني الزبير وماله شيء غير فرسه فكنت أسوسه وأعلفه وأدق لناضحه النوى واستقي وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راسي وهي على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على راسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه ومعه نضر فدعاني فقال (أخ أخ) ليحملني خلفه فاستحيت وذكرت الزبير وغيرته قالت فمنعني فلما أتيت أخبرت الزبير فقال والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلى أبو بكر بعد بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني.
* صفية بنت عبد المطلب - رضي الله عنها - عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تخدم المجاهدين وتحارب الكفار برمحها حماية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ويوم الخندق تقتل اليهودي وتقطع رأسه عندما رفض حسان ذلك وتداوى الجرحى يوم خيبر.
* أسماء بنت يزيد بن السكن خطيبة النساء - رضي الله عنها - تقول: "يا رسول الله إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين كلهن يقلن بقولي وهن على مثل رأيي إن الله بعثك إلى الرجال والنساء فأمنا بك واتبعناك ونحن معاشر النساء مقصورات مخدرات قواعد بيوت ومواضع شهوات الرجال وحاملات أولادهم وان الرجال فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز والجهاد وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا أولادهم أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ " (وكان هذا بحضور الصحابة) فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه فقال (هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه) فقالوا بلى يا رسول الله فقال (انصرفي يا أسماء وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته وإتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرجال) فانصرفت مهلله مكبره ورغم ذلك فإن أسماء عند داعي الجهاد وضرورة القتال نجدها شهدت اليرموك وقاتلت وقتلت تسعة من الروم رضى الله عنها وكذلك أم أيمن رضى الله عنها والربيع بنت معوذ رضى الله عنها وأم عماره يقول فيها رسول الله (ومن يطيق ما تطيقين يا أم عماره).
* هند بنت عتبة - رضي الله عنها - تبايع ولا يصافحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* خوله بنت ثعلبه - رضي الله عنها - تستفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتنصح عمرا بحجابها.
* أم محجن تنظف المسجد وهي بحجابها - رضي الله عنها -.
هل الإسلام يدعو إلى الاختلاط؟
انتهى البحث إلى أن الاختلاط بشروطه حلال لكن هل الإسلام يحبذ الاختلاط ويدعو إليه أم انه يحبذ عدم الاختلاط؟
الذي يبدو من الأحاديث الواردة في هذا الأمر أنه لا يحبذه فعن أم سلمه رضى الله عنها قالت: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم قام النساء يقضي تسليمه ويمكث هو يسيرا قبل أن يقوم قال نرى - والله اعلم - أن ذلك لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال)).
وثبت من حديثي ابن عباس وجابر بن عبد الله رضى الله عنهما - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم العيد (((فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن)) فهذا يدل على أن النساء كن في مكان منفصل عن الرجال ولم يكن جالسات بين الرجال. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((لو تركنا هذا الباب للنساء) قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. ورجح أبو داود أن الأصح أن نحو هذا من قول عمر موقوفا عليه. فالرسول - صلى الله عليه وسلم - تمنى على الصحابة أن يكون باب للنساء ولم يأمر به.
فمن حق المرأة عند اختلاطها بالرجال:
* أن لا تفرض عليها الخلوة.
* أن لا يتحرش بها أحد من الرجال احتراما لعرضها ودينها.
* أن لا تمارس عليها أي نوع من الضغوط -تجاه لباسها أو طريقة التعامل معها.
ومن واجباتها:
1. البعد عن الزينة وتعمد إظهارها.
2. الالتزام باللباس الساتر الذي لا يكون زينة في نفسه ولا يصف ولا يشف.
3. البعد عن الخضوع بالقول وقول المعروف وعدم التباسط.
4. البعد عن الخلوة.
5. البعد عن العطر.
6. البعد عن النظر أو التلامس مع الأجانب.
ومن العجيب رغم توافر الأدلة وظهور حدود الإسلام في التعامل بين الذكور والإناث أن تنهض دعاوى تطالب بالاختلاط مدعية أن فيه تنفيس وترويح وإطلاق للرغبات الحبيسة ووقاية من الكبت ومن العقد النفسية لكنها في الحقيقة فروض نظرية ليس لها آثار إيجابية ولو نظرنا إلى واقع المجتمعات المختلطة فعلاً لوجدنا أن في أمريكا مثلا الآن حملات قوية للدفاع عن الزواج وإقامة مدارس غير مختلطة وخصصت مبالغ طائلة لحملة تشجيع عدم إقامة علاقات جنسية تعطى منها المدارس التي توافق على قصر التربية الجنسية للطلاب على شرح فوائد عدم إقامة علاقات.
وانتقدت وزارة التربية القانون الذي يجعل الاختلاط بين الإناث والذكور في المدارس الرسمية إلزامياً والذي يعود إلى 30 عاماً مشيرة إلى أنها ترغب في تعديل القانون لإتاحة المجال أمام الفصل بين الجنسين في المدارس الرسمية وقامت عدة مدارس رسمية بفصل الذكور والإناث كاختبار تجريبي ووجدت أن نتائج الفصل ممتازة والبعض آثار ردود فعل متضاربة تجاه هذا القرار.
وأخيراً نحمد الله - تعالى -على أن هدانا لهذا الدين نظم به مجتمعنا وأرسى به علاقاتنا وهذّب به نفوسنا وأختم قولي بإقراري رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً.
* بحث قدم في المؤتمر الإسلامي لأخلاقيات الممارسة الطبية.
الأحد، 4 أكتوبر 2009
واقع الاختلاط وفن المواجهة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري