الاثنين، 28 ديسمبر 2009

لماذا لا يمكن ردع إيران?

  • خلال مناورات إيرانية لحماية المنشآت النووية رجح كل من البروفيسور في دائرة دراسات الشرق الأوسط ومدير مركز الدراسات العراقية في جامعة حيفا أماتزيا برعام، وكذلك مدير الشؤون الدولية في جامعة جورج تاون البروفيسور روبرت ليبر، أن تقع مواجهة نووية بين إسرائيل وإيران. جاء ذلك في مقال وقعاه بمجلة فورين بوليسي، وهذا أهم ما جاء فيه:
    يبدو أن هناك عددا من الشخصيات المهمة وصناع القرار -من أمثال القائد السابق للقيادة العسكرية الأميركية الوسطى جون أبي زيد وثوماس فينغر النائب السابق لمدير المخابرات القومية- الذين يقللون من احتمال وقوع مواجهة نووية بين كل من إيران وإسرائيل إسوة بما كان الحال عليه بين الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة بسبب ما يعرف بالردع المتبادل.
    لكن هذا التشخيص التاريخي مضلل لأن تفادي المواجهة النووية بين إسرائيل وإيران أصعب من معالجة أزمة الصواريخ الكوبية، وهناك عوامل تجعل المواجهة النووية الإسرائيلية الإيرانية أكثر تفجرا، وهي كالآتي:التواصل والثقة: كان هناك قدر من التواصل والثقة، وإن بشكل غير كاف، بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة خلال أزمة الصواريخ الكوبية، وهما ما لا يوجدان حاليا بين كل من إسرائيل وإيران.
    كما أن طهران وتل أبيب تسيئان الظن في بعضهما على ضوء ما تسمعه إسرائيل من تصريحات للقادة الإيرانيين -وليس الرئيس
    محمود أحمدي نجاد فحسب- عن ضرورة القضاء على إسرائيل، وعلى ضوء توجس إيران خيفة من المؤامرات الخارجية خاصة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.
    الأهداف: كان السوفيات يهدفون إلى تعزيز قوتهم ونشر الشيوعية ولكنهم لم يدعوا إطلاقا للقضاء على أميركا، في حين أن زعماء إيران طالبوا بمحو إسرائيل من خارطة الشرق الأوسط، ولعل الاضطرابات التي شهدتها إيران بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة ربما تدفع بالزعامة الإيرانية للقيام بعمل ما وليس مجرد الكلام سعيا للحصول على تأييد شعبي.
    الردع المتبادل: كان للاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة مساحات شاسعة من الأراضي وأساطيل جوية وبحرية هائلة, أما في حالة إسرائيل وإيران فهناك فرق شاسع بين عدد سكان إيران ومساحتها (636 ألف ميل مربع) من جهة, وبين مساحة إسرائيل (8500 ميل مربع) وسكانها من جهة أخرى.
    وهذا الفرق هو الذي دفع الرئيس الإيراني السابق
    هاشمي رافسنجاني للقول في العام 2001 إن صغر مساحة إسرائيل تجعلها ضعيفة أمام هجوم نووي يمكنه قصم ظهرها, وهذا على عكس ما كان عليه الحال بين السوفيات والأميركيين في العام 1962 في عهد الرئيس جون كنيدي الذي كان يعتقد أن احتمالات مواجهة نووية مع السوفيات هي بنسبة الثلث.
    وإذا أصبحت إيران نووية فإن مساحتها الشاسعة ستقف حائلا دون اعترافها بالردع المتبادل مع إسرائيل, وحتى في حال وعد الولايات المتحدة لإسرائيل بمظلة نووية, فإن إيران ستشكك في تصميم واشنطن من منطلق أنه في حالة القضاء على إسرائيل فلن تجد الولايات المتحدة مبررا لتدمير إيران، فضلا عن الانتقادات القوية التي كانت توجه للرئيس الأميركي هاري ترومان عندما أمر باستخدام القنابل النووية ضد المدنيين اليابانيين في الحرب العالمية الثانية.
    تقلب الأزمات: على ضوء المخاطر أعلاه فربما كان ذلك مغريا لإسرائيل لتوجيه الضربة الأولى عند اندلاع أزمة كبيرة للحيلولة دون تعرضها لهجوم نووي إيراني يمكنه تدمير غالبية تجمعاتها السكانية, لكن إيران على علم بذلك مما يدفعها للقيام بضربتها الاستباقية حال توفر ترسانة نووية لديها.إن تداعيات حصول إيران على السلاح النووي ستتعدى النزاع الإيراني الإسرائيلي وستدفع إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي أحجمت عنه معظم الدول العربية حتى حينه.
    كما أن حصول إيران على السلاح النووي يمكنه تعزيز قوتها ودفع
    حزب الله في لبنان ليكون أكثر عدوانية في لبنان, ويُمكنها من عرض عضلاتها في الخليج وتصعيد تحديها للقوات الأميركية في المنطقة.
    وإذا فشلت الدبلوماسية والعقوبات في منع إيران من الحصول على السلاح النووي, فإن إسرائيل ستكون أمام خطر يحدق بوجودها, وإن هي لم تقدم على القيام بعمل ما, فإنها ستعيش تحت خطر السيف النووي المسلط فوق رأسها من قبل دولة تنادي بالقضاء عليها.
    كما أن إسرائيل يمكن أن تواجه حربا تقليدية إيرانية بالوكالة يشنها كل من حركة المقاومة الإسلامية (
    حماس) وحزب الله وتصاعدا لما يسمى بالإرهاب الدولي ناهيك عن أن امتلاك إيران للترسانة النووية يمكنه التسبب في موجات من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط لا يمكن لأحد توقعها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري