الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

كفيف أردني يتفوق على المبصرين

  • قطيشات يتعامل مع الحاسوب للقيام بحجوزات السفر بكفاءة عالية
    لا يمكن لمن يجالس مازن قطيشات أن يتأكد من كونه كفيفا إلا بالتدقيق في عيني الرجل، كونه يقوم بكل الأعمال التي يستخدم فيها التكنولوجيا الحديثة دون أدنى حاجة للمساعدة، بل على العكس فهو معتاد على تدريب وتدقيق أعمال المبصرين من موظفيه في شركته التي أسسها في عمان.
    قطيشات الذي ولد مبصرا في مدينة السلط (25 كلم غرب عمان) عام 1964، فقد بصره بعد عامين من ولادته بطريقة يقول إن الأطباء لم يجدوا تفسيرا لها، لتبدأ رحلته مع "التحدي" ويفتتح قبل أيام شركة للسياحة والسفر يديرها بنفسه بطريقة دقيقة وعبر البرامج المتخصصة وباستخدام الحاسوب.
    وافتتح المدير التنفيذي للملكية الأردنية حسين الدباس الشركة التي يديرها قطيشات، وقدم له دعما معنويا وماديا لما تمثله حالته من قصة نجاح فريدة.
    رغم كونه كفيفا فإنه يتعامل مع الحاسوب للقيام بحجوزات السفر بكفاءة عالية مستخدما لوحة مفاتيح مصممة على لغة بريل وبرنامجا ناطقا، ويستعمل كافة وسائل الاتصال بكفاءة يعجب منها من يجالسه، ويقوم بإرسال واستقبال البريد الإلكتروني ويقرأ كافة الرسائل الواردة له من خلال برنامج قارئ قبل أن يرد عليها.

    لواء التحدي مهارات قطيشات تتعدى حفظه أجزاء من القرآن الكريم، كما يتقن العزف على 16 آلة موسيقية، وهو من رافعي لواء التحدي لمحترفي لعبة الدومينو وورق "الشدة" التي قام بتخزين لغة بريل على نسخة يحتفظ بها ليباري بها متحديه.
    ويشرح قطيشات كيف أرسله شقيقه الأكبر الذي تولى رعايته في صغره لمدرسة خاصة للمكفوفين في العاصمة عمان تخرج منها في الرابعة عشرة من عمره منهيا المرحلة الإعدادية بتفوق ومتمتعا بسلسة من المواهب.
    في العام 1978 حصل على منحة لدراسة المرحلة الثانوية في الولايات المتحدة بعد أن رشحه أساتذة مدرسته للأمير رعد بن زيد المعروف بالأردن برعايته لذوي الاحتياجات الخاصة. ويحب قطيشات أن يطلق على الأمير صفة "الأب الروحي"، الذي يقول إنه أقام له حفل وداع في منزله الخاص قبل سفره لأميركا.
    يقول قطيشات إن قصة نجاحه بدأت في أميركا وتحديدا في بنسلفانيا في ولاية فيلادلفيا، حيث درس المرحلة الثانوية، رغم صعوبات اللغة التي واجهها بداية الأمر، لكنه يقول "كنت دائما الأول على زملائي الأميركيين وكنت أمثل المدرسة أمام حاكم الولاية بشكل دائم".
    ويقول "تعلمت في المدرسة مهارات كثيرة منها التعامل مع التكنولوجيا وكثير من الرياضات خاصة المصارعة والسباحة، وتعلمت كيف أطبخ وأعيش في شقة مستقلة لوحدي ودون مساعدة أحد".
    أنهى قطيشات دراسته الثانوية بتفوق لينتقل لجامعة "سانت جوزيف" في الولاية نفسها ويدرس تخصص الاقتصاد والحاسوب.

    نافس المبصرين يقول "في الجامعة نافست المبصرين في كل شيء لدرجة أن الكثير من الطلاب كانوا يتهمونني بالادعاء الكاذب بأنني كفيف".
    ويشرح كيف دخل سوق العمل في الولايات المتحدة بداية في إدارة 150 حارسا أمنيا في شركة يملكها صديق له، لينتقل بعدها لعالم وكالات السفر.
    ويتابع قطيشات "بدأت رحلتي موظفا مسؤولا عن حجوزات السفر للشرق الأوسط بعد أن دربني مدير شركة على ذلك خلال شهرين فقط".
    وأضاف "تدربت بسرعة وتدرجت في الشركة لمناصب متعددة، وانتقلت لعدة شركات وصلت في إحداها لمنصب المدير العام قبل أن أؤسس شركتي الخاصة".
    بعد 30 عاما من الغربة قرر قطيشات العودة لوطنه الأردن، وبعد اتصالات وصلت حد زيارته من قبل المدير التنفيذي السابق للملكية الأردنية أثناء زيارته للأردن مطلع العام الجاري قرر العودة لوطنه وتأسيس شركته التي لا تزال تخطو خطواتها الأولى.
    قدم قطيشات أمامنا نموذجا لتدقيق حجز سفر لعائلة متوجهة إلى أستراليا، كما قام بالعزف على آلة "الشبابة" بلحن منفرد من تأليفه الشخصي.
    قطيشات متزوج وله أربعة أولاد وثلاث بنات، وهو جد لحفيدين، ويكتب قصة نجاح بأصابعه التي تنطق أمام من يزوره ويدهش لبراعته ويشاهد إبداع "البصيرة" مقارنة بضعف حواس كثير من المبصرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري