- لم يعد هناك مجال للحديث حول وحدة اللغة والمصير المشترك والطموحات، فالجسد العربي مثخن بالجراح، وكراهية مصر والمصريين بلغت حدًا لا يمكن السكوت عليه أو مداراته بكلمات من قبيل: "هذا قدر الشقيقة الكبرى" و"المسئولية التاريخية والأخلاقية التي ألقيت على كاهل مصر وتحملتها راضية بتبعاتها والتي لا زلنا نعاني من آثارها إلى الآن".
ضع إصبعك على أي مكان في خريطة العالم العربي وأتحداك أن تجد دولة عربية لم يهن فيها مصري! تحدث مع أي مصري يقيم في دولة عربية ليقص عليك روايات بشعة لتجازوات لا ترضاها جيبوتي لمواطنها، سواءً من مواطني هذه الدول العاديين أو من رجال شرطتها أو من أصحاب العمل الذين يعاملون المصريين كأنهم عبيد اشتراهم أباؤهم الحفاة بأموال النفط الذي تستخرجه أمريكا، التي تحتل بلادهم وتستبيح أرضهم!
أعلم منذ فترة ليست بالقصيرة بأن هناك نارًا تحت الرماد ، وأن هناك حقدًا وكرهًا دفينين في قلوب أغلب العرب تجاه مصر.. الدولة والمواطن.. حاولت كثيرًا تفسير سبب ذلك الحقد مع أني شخصيًا لا أذكر أننا كمصريين تسببنا لهم في أي ضرر اقتصادي أو اجتماعي أو غيره.
الموضوع لا يتعلق بالجزائر فقط، رغم أن كراهيتهم تزيد وتطغى على كراهية بعض مواطني دول الخليج، لكن أحداث المباراتين الأخيرتين قد فضحتا الأمر.
نعم هم يكرهوننا.. هكذا دون مواربة.. بل ويتآزرون سويًا ضدنا.. تابعوا ما حدث من سودانيين سلّموا المصريين إلى قطعان الجزائريين بالخرطوم.. نعم هي عقدة نقص.. نعم هي كراهية وأحقاد دفينة.. ربما لشعور متجذر بالضآلة والدونية والوضاعة أمام مصر.. مصر الفن والثقافة.. مصر أكتوبر وحطين.. مصر زويل ومحفوظ والبرادعي.. مصر التي كانت في يوم تكسو الكعبة وتساعد بالمال والسلاح على التحرر من الاستعمار وتعلم القرآن واللغة العربية.. لكن الجيل الذي عاصر التفوق المصري انتهى وذهب وجاء بدلاً منه جيل لا يعرف كيف يتكلم أو يكتب العربية من الأساس، فضلاً عن أن يعلم تاريخ بلاده هو شخصيًا.( وهذا الجيال في نظرى ونظر العالم كلة بقايا الفرنسيين ) أنظر جيدا الي بشرتهم البيضاء - وعيونهم الملونة لا تحي بالعروبة باى صالة !!
ودعوني أضيف بأننا ساهمنا في التقليل من قدرنا، وسأقولها مجددًا بصراحة ودون مواربة: نحن من تسببنا في ذلك بسكوتنا المستمر على الفساد وانتهاك حقوقنا.. نعذب مواطنينا ونذلهم في أقسام الشرطة والسجون فلا يجد الآخر حرجًا في تعذيبنا بسجون بلاده وانتهاك كرامتنا.. فأنت من الأصل ليس لك سعر ولا كرامة في بلادك.. نفضح أنفسنا بسبب فساد البعض ممن يستوردون أقماحًا ملوثة فينخفض مخزوننا من القمح فيقف المصريون في طوابير للحصول على كسرة خبز في مشهد فاضح تنقله فضائيات موتورة موجهة ، مما يدفع بأحد أمراء بترول الخليج أن يهدي مصر شحنة من القمح ويملأ الدنيا بنشرة صحفية تنقلها كافة وكالات الأنباء ليظهر المصريون على شاشات الفضائيات وكأنهم يعانون من مجاعة تستحق الشفقة والتبرع بما تجود الأيدي.
نحن من تسببنا بخنوعنا واستسلامنا للقهر والقمع في وجود مجموعة من الموظفين لا يستحقون أن يعملوا كتبة في مصلحة حكومية بإحدى القرى النائية ليتربعوا على مقاعد سفاراتنا في العالم (ألا لعنة الله على الواسطة) والذين لا يراعون - ليس الكل بالقطع - إلا مصالحهم الشخصية .
تحدث إلى أي مواطن مصري في أية دولة في العالم وستعرف كيف تمت معاملته حين ألجأته الظروف السيئة إلى سفارة بلاده، وقارن ذلك بما حدث لمواطنة بنغالية أُسيئت معاملتها في إحدى دول الخليج لتصدر الدولة قرارها بمنع تصدير العاملات البنغاليات نهائيًا إلى هذه الدولة، وقارن ذلك أيضًا بموقف السيدة وزيرة القوي العاملة التي تفخر بأنها وفرت عقود عمل لمصريات في مدارس وغيرها، التوصيف المحترم لها أعمال دنيئة تحط من كرامتنا حتى بات المصريون يعرفون أنهم البديل الجديد لعمال وعاملات شرق وجنوب آسيا والأقل تكلفة، والذين لا تمانع دولتهم في تسفيرهم لأداء هذه الأعمال.
أين كان سفير مصر في السودان ومواطنيه يهربون في شوارع الخرطوم من قطعان الجزارين بأسلحتهم البيضاء - ؟؟؟؟؟؟؟
- أين كان سفير مصر في الجزائر وقطعان الجزائريين تسرق وتنهب شركتيْ أوراسكوم والمقاولون العرب اللتان تستثمران الأموال هناك بما يعود علي تلك البلاد بالنفع؟ ؟؟؟؟
- هل لا بد أن يحدث التحرك بناءً على اتصالات رئيس الجمهورية فقط وليس بدافع من الشعور بالمسئولية؟!
هل تعلم أن هناك تيارًا قويًا في عدد من الدول العربية - ومنها الجزائر - بتقليل التواجد المصري لديها بكافة الأشكال للتخلص من عقدة التفوق المصري القديمة، وحتى تكون النهضة الحادثة في تلك البلاد من أيدي أبنائها، إن هي حدثت بأيدي أبنائها لا بأيدي المصريين الحاصلين علي جنسيات أجنبية ويعاملون كأجانب هناك؟
هل تعلم أن المصريين تعرضوا للضرب والإهانة في إسبانيا وفرنسا وعدد من الدول الأوربية؟ (حدثني عن رد فعل السفارات المصرية هناك!).
هل تعلم أن قطعان الجزائريين احتلوا كافة المقاعد المخصصة لهم في ملعب المريخ السوداني، فيما اشتروا عشرات التذاكر وأهدوها للسوادنيين ليجلسوا في مقاعد المصريين مما قلل من الحضور المصري في الملعب؟
هل تعلم ان العشرات من سائقي التاكسيات ووسائل النقل السوادنيين تقاضوا أموالاً من قطعان الجزائريين ليوضع أعلام بلادهم على وسائل النقل وضرب أو تهديد اي شخص يضع علم مصر على سيارته؟
هل تعلم أن عشرات من سائقي الأوتوبيسات السوادنيين التي تقل مصريين غيّروا من خطوط سيرهم بعد المباراة ليدخلوا في طرق غير مؤمنة ليفاجأ المصريين بقطعان الجزارين تهجم عليهم بوحشية؟
هل تعلم أن القوات الجوية الجزائرية نقلت قطعان الجزارين إلى السودان علي متنها مجانًا؟ - وهل تعلم أن أمر مثل هذا يستحيل أن يحدث دون موافقة القيادة السياسية والعسكرية الجزائرية؟
هل تعلم أن عشرات السيدات المصريات تعرضن لتحرش جنسي فاضح بعد المباراة، كما تلقى عدد غير قليل منهن إشارات مشابهة لإشارات المشجعة الجزائرية فاقدة الأدب والتي شاهدناها جميعًا؟
هل تعلم أن قناتيْ الجزيرة والعربية لم تنقل أية قصة عما تعرض له المصريون في السودان، فيما يتم عمل رسالة شبه يومية من الجزائر يصف المتحدثون فيها بشاعة ما تعرضوا له في مصر من وحشية وهمجية.. ألا بُعدًا للإعلام الرخيص!
لا شك أن ما تعرضت له مكانة وكرامة مصر شيء ليس بالقليل، لكن الميزة الوحيدة فيما حدث هي ذلك الشعور الهائل بالانتماء وحب هذا البلد من كافة الطوائف والتيارات الفكرية والسياسية، ويعلم الله كم أرجو أن تستمر حالة التوحد هذه ما قدر الله لها أن تستمر.
الأربعاء، 25 نوفمبر 2009
أحقاد يا عرب.. أحقاد!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري