الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

سيناريوهات المشهد الباكستاني


  • آصف علي زرداري
  • يستعرض عارف رفيق رئيس مؤسسة "فايزر" للاستشارات التي تقدم التوجيه الإستراتيجي والقضايا الأمنية الخاصة بالشرق الأوسط وجنوب آسيا, السيناريوهات القادمة المحتملة في المشهد السياسي الباكستاني على ضوء تدهور مكانة الرئيس الباكستاني الحالي آصف علي زرداري.
    وقال رفيق في مقاله بمجلة فورين بوليسي إن أزمة الانتخابات الأفغانية هدأت مؤقتا, لكن باكستان قد تشهد أزمة سياسية، حيث يتعرض زرداري الذي أفل نجمه لضغوط متزايدة من أجل تقديم استقالته، وربما يتم ذلك في فصل الربيع القادم.
    ويبدو أن الجيش في سبيله لخوض مواجهة حاسمة مع زرداري, حيث ابتدأت المواجهة حينما حاول الأخير أن يعين شخصا مدنيا لترؤس جهاز المخابرات الباكستانية, وبينما وصف زرداري معارضيه بالمخادعين, وبالافتقار إلى المسوغات الدستورية للإطاحة به, فإن الشرخ في ائتلافه السياسي بدا في البروز وأصبح الائتلاف حاليا هشا أكثر من أي وقت مضى.
    ويذكر عارف أن السياسات الباكستانية تتسم تاريخيا بالائتلاف من أجل الحصول على نصيبها من السلطة، ولكن سرعان ما ينفرط عقد التحالفات بمجرد الوصول إلى كراسي الحكم، مستندا إلى مطالبة ألطاف حسين رئيس الحركة القومية المتحدة وهو حزب مشارك في الائتلاف الحكومي باستقالة زرداري.

    العلاقة بين الجيش وزرداري
    "معظم الأطراف السياسية بمن فيهم رئيس وزراء زرداري ونائب رئيس الحزب يوسف رضا جيلاني يرغبون في تقليم أظافر الرئيس"وتدل المؤشرات -حسب الكاتب- على أن الجيش الباكستاني يفضل رحيل زرداري، وحاول إقصاءه في شهري مارس/آذار وأغسطس/آب من هذا العام ويرى فيه شخصا مسالما أو حمائميا أكثر من اللازم إن لم يكن خائنا بخصوص القضايا الأمنية مثل الهند ومحاولته إخضاع وكالة المخابرات للمدنيين بدل العسكريين.
    ومن المقرر أن يتقاعد رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال أشفق كياني في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2010 مما سيزيد من الضغوط على العلاقة بين زرداري والجيش.
    ورغم أن للرئيس زرداري سلطة تعيين قائد الجيش وغيره من المؤسسات العسكرية، فإن العلاقة غير الحميمة مع الجيش يمكنها أن تخلق شعورا بعدم اليقين وتعرض احتكار رسم سياسة الأمن القومي للخطر.
    ويمضي رفيق قائلا إن العلاقات السليمة بين المدنيين والعسكريين في باكستان باتت أمرا جوهريا، لا سيما أن الجيش الباكستاني يخوض معركته مع المتمردين في الحزام البشتوني, وأن الولايات المتحدة تبحث في الوقت ذاته عن نهاية لحرب أفغانستان.
    وأشار إلى أن معظم الأطراف السياسية -بمن فيهم رئيس وزراء زرداري ونائب رئيس الحزب يوسف رضا جيلاني- يرغبون في تقليم أظافر الرئيس والحد من سلطاته وحرمانه من سلطة تعيين قادة المؤسسات العسكرية وحل البرلمان، وربما يتعاون جيلاني مع الجيش وعناصر من المعارضة في إضعاف زرداري.
    كما أن جيلاني قد يتعاون مع رئيس المعارضة نواز شريف الذي يتطلع إلى رئاسة ثالثة للحكومة في باكستان, ولكن كي يتبوأ شريف منصب رئيس الوزراء لفترة ثالثة, يجب القيام بتعديل دستوري يحظى بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، وهو ما يمكن لشريف تحقيقه عن طريق التعاون مع الأحزاب السياسية الأخرى, لكن الجيش يمكن أن يدخل في اللعبة ويبعد شريف.

    "سيكون مستقبل حزب زرداري على كف عفريت خلال السنوات القليلة القادمة إذا لم يتم إجراء إصلاحات سياسية"وعلى ضوء عدم وجود أغلبية برلمانية لأي حزب في البرلمان الباكستاني, فقد أصبحت الأحزاب الصغيرة "بيضة القبان" وباتت تتمتع بحق النقض (الفيتو) مستفيدة من ضعف زرداري والضغط عليه للعمل من أجل مصلحتها.
    وإذا ما استمرت تلك المناورات السياسية فقد يصبح زرداري رئيس شرف بدون سلطات تنفيذية ويحرم من حق الترشح للبرلمان وكذلك رئاسة الوزارة قبل مرور سنتين من انتهاء ولايته، ناهيك عن الانقسامات داخل حزب الشعب الباكستاني التي من شأنها تقويض سلطاته ووضع مراكز قوى بديلة مكانه، وهو ما ستكون له تداعيات خطيرة على سياسة أميركا تجاه أفغانستان على ضوء تحبيذ حزب الشعب الباكستاني لتطبيع العلاقات مع جيران باكستان.
    وفي ظل تزايد التحديات أمام أميركا في أفغانستان وضعف زرداري -يتابع الكاتب- فقد باتت أميركا تعتمد بشكل متزايد على الجيش الباكستاني, وفي الواقع فإن نجاح أو فشل أميركا في أفغانستان يعتمد في جزء منه على الجيش الباكستاني الذي يحمي خطوط الإمداد للقوات الدولية في أفغانستان القادمة من بحر العرب ويمنع تسلل مجموعات المتمردين إلى الأراضي الأفغانية.
    ويرجح رفيق أن يؤثر ضعف زرداري السياسي على مستقبل توازن القوى السياسي في أفغانستان ويُضعف حزبه، وهو حزب الشعب أكبر أحزاب يسار الوسط في باكستان، وسيكون مستقبل الحزب على "كف عفريت" خلال السنوات القليلة القادمة إذا لم يتم إجراء إصلاحات سياسية.
    ويستطرد قائلا إن الانتخابات الداخلية في حزب الشعب الباكستاني تؤدي إلى استعادته لنفوذه, ولكن إذا لم يحصل هذا التغيير فإن الحزب سيتراجع ليكون حزبا هامشيا في البنجاب والريف في إقليم السند، ويصبح قليل الأهمية في باكستان التي تسير بخطى متسارعة لحياة الحضر.
    وحذر الكاتب من أن يكون همّ زرداري حماية رئاسته على حساب حماية حزبه، علما بأن حزب الشعب الباكستاني يعتبر مؤسسة تهيمن عليها عائلة بوتو وزرداري والمؤسسات القومية المؤيدة للعلمانيين واليساريين, وفي حالة غياب حزب الشعب ومعه زرداري فستصبح باكستان بدون حزب قومي لا سيما أن الأحزاب الأخرى إما عرقية أو إقليمية.
    كما أن وجود يسار بدون زعامة من شأنه تقوية وتعزيز القوميين واليمين الإسلامي، في الوقت الذي تحارب فيه باكستان الجهاديين في أراضيها ويحتدم الجدل حول استمرار دعمهم في المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري