السبت، 23 يوليو 2011

الرقية شافية وتدبّر تقي الدين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لآيات السكينة‎

اللهم صلِّ على محمد ماتعاقب الليل والنهار وصلِّ على محمد ماذكره الذاكرون الأبرار وصلِّ على محمد عدد مكاييل البحار

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين

الرقية أمرها عجيب...ونفعها قريب والمحسن فيها مصيب ووليّ لله السميع العليم الرقيب الحسيب المجيب.
وأعظم ما يقال فيها وأزكاه.... ما كان بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم...
قال تعالى : (... واتقوا الله ويعلمكم الله) البقرة.
وعاد صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ومسح على وجهه وصدره ,,, وقال: (اللهم اشف سعداً) ثلاث مرار. كما في صحيح مسلم 5 /72 برقم 4302.
وعن عائشة زوج النبى - صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقَاه جبريل قال: ( باسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذى عين).( مسلم7 /13 برقم 5828.
وعنها رضي الله عنها قالت كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى المريض يدعو له قال « أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ». وفى رواية أبى بكر فدعا له وقال « وأنت الشافى ». (المرجع السابق 7 /16 برقم 5839.
بل من السنّة ان يضع الانسان يضع يده على الألم ويقول: بسم الله...
فعن عثمان بن أبى العاص الثقفى أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وجعاً يجده فى جسده منذ أسلم. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ((ضع يدك على الذى تألم من جسدك وقل: باسم الله, ثلاثا. وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجدوأحاذر)) (مسلم 7 /20 برقم 5867)
ثم " إن تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة وغير هذه السور من القرآن, على المريض من الرقية الجائزة التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله وبإقراره لأصحابه".(فتاوىاللجنة الدائمة - المجموعة الأولى (1 /242)
وكل القرآن شفاء قال تعالى:((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا))الإسراء82.
وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْجَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58) )) يونس. والموفَّق من وفَّقه الله.

والرقية من الدعاء..... ولها منافع - ولا شك - ولو كانت بغير القرآن والأحاديث النبوية ...
فقد [ أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية ما لم تكن شركاً أوكلاما لا يفهم معناه؛ لما روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: « كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: ((اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك )) (مسلم بشرح النووي (14 / 187)، وأبوداود 4/ 13 برقم 3888.
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى إذا كانت على الوجه المذكور آنفا مع اعتقاد أنها سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله تعالى]. ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى 1 /244.

ومن عجائب ما جاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية وارتباطه وتدبّره للقرآن فيما يخصّ موضوعنا – أنه كان يقرأ آيات السكينة ويعرفها في القرآن, وفي حال وهنه ومرضه رحمه الله كانت تقرأ عليه تلك الآيات !.
قال ابن القيم رحمه الله:
"وقد ذكر الله سبحانه «السكينة» في كتابه في ستة مواضع:

الأول: قوله: { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } البقرة [248/2]
الثاني: قوله: { ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } التوبة[26/9]
الثالث: قوله تعالى: { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَاتَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا } التوبة [40/9]

الرابع: قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } الفتح [4/48]
الخامس: قوله تعالى: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } الفتح [18/48]
السادس:قوله تعالى: { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } الآية. الفتح[26/48].

قال: وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة. وسمعته يقول في وقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها- من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة - قال: فلما اشتدّ عليَّ الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرءوا آيات السكينة قال: ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قلبة.

ثم قال: وقد جَّربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرِد عليه فرأيت لها تأثيراً عظيماً في سكونه وطمأنينته.
وأصل السكينة: هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف فلا ينزعج بعد ذلك لما يرِد عليه, ويوجب له زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات؛ ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب, كيوم الهجرة إذ هو وصاحبه في الغار والعدو فوق رءوسهم لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما, وكيوم حنين حين ولّوا مدبرين [قلت: أي مسلمة الفتح وركبوا الصحابة] من شدة بأس الكفار لايلوي أحد منهم على أحد, وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكّم الكفار عليهم ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس, وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها - وهو عمر - حتى ثبَّته الله بالصديق رضي الله عنه." اهـ رحمه الله.

ينظر: مدارج السالكين 2 /503, والمستدرك على مجموع الفتاوى 1/183.

والآيات المذكورة: في موضع من سورة البقرة - التي لا تستطيعها البَطَلة, أي السحرة - وسورة التوبة في موضعين, والفتح في ثلاثة مواضع.

فلله درّها من أفهام, ولله درّهم من أقوام .. فهم أهل التقى وأهل الجهاد وأهل الطاعة وأهل القرآن.
وما أحوجنا يا أهل الفقه والعقيدة الصحيحة إلى السكينة مع هذه الفتن المتلاطمة, ومع هذه الحاجة الملحّة إلى الثبات, وباختصار إنه التوفيق لليقين !

فنسأل الله الإخلاص بيقين والاتّباع بصدق عزيمة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

(( أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ))
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

اللهم أغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والاموات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري