الأربعاء، 27 يوليو 2011

ظاهرة

ظاهرة إهمال تربية الأولاد في الصغر التي يعاني منها المجتمع نتيجة فقدان دور الأسرة التربوي ،

نحزن ونتألم عندما نجد شبابنا وطلاب المدارس يتسكعون في الشوارع بدون هدف خلال الإجازات المدرسية ، أو يقودون سياراتهم بسرعة جنونية وتهور ، مما قد يودي بحياتهم وحياة غيرهم ؛ بسبب الطيش واللا مبالاة ، وغياب التوجيه السليم والتربية الحكيمة من الأسرة ، وغياب الرقابة من الآباء الذين أصبح دورهم في الغالب توفير الطعام ، الملبس ، مصروف “الجيب” والسيارة ، ويظن بهذا أنه قام بكل ما هو مطلوب منه كأب ، ناسياً دوره التربوي في توجيه أبنائه ، وتهذيب أخلاقهم ، ومراقبتهم للتدخل في الوقت المناسب ، لإصلاح اعوجاجهم ، وتدارك هفواتهم ، وتقويم سلوكهم ، ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع ، ويكونون في المستقبل أبناء صالحين بارين بوالديهم ، ومن المحزن عندما نجد أن بعض شباب هذه الأيام ليس له هدف في هذه الحياة غير متابعة الأفلام ، وأخبار الفنانات والممارسات الخاطئة عبر شبكة الانترنت ، فالشباب هم عماد المجتمع والوطن ومستقبله ، فإذا كانت أهدافهم لا تسمو إلى العلى ، فإنهم لن يبنوا مجتمعا ، ولن يرتقوا بمجتمعاتهم.
إن وراء أي خلل يحدث لسلوك الأبناء أسرة غير مدركة لدورها التربوي الذي يحمي الأبناء من المخاطر التي تحيط بهم من كل جانب ، فالأبناء قي الوقت الحاضر تحيط بهم مؤثرات كثيرة ، قد تؤدي إلى الانحراف ، إذا لم يحسن الآباء مراقبة أبنائهم ، وتحصينهم ضد هذه المؤثرات ، وخاصة أصدقاء السوء ، وأن الأبناء في مرحلة المراهقة يحتاجون إلى التوجيه والمساعدة والرقابة ، وأن نغرس فيهم الخلق الحميد ، والسلوك السليم ، والخوف من الله ، وألا تكون مشاغل الآباء وتجارتهم أهم من أبنائهم الذين هم رجال المستقبل ، وألا يعطي الآباء أبناءهم الثقة المفرطة ، خاصة في مراحل المراهقة ؛ لأن الأبناء في هذه المرحلة يفتقرون للتجربة والمعرفة الحياتية ، ونحن في المجال التربوي نعرف مستوى تربية الآباء لأبنائهم من خلال سلوكهم في المدرسة ، إذ تجد بعض الأبناء نموذجا في سلوكهم ودراستهم ، فتعرف من خلال ذلك أن هؤلاء الأبناء وراءهم أسر حريصة على التربية ، أما الأبناء الذين يفتقدون لمتابعة الآباء فتجدهم كثيري الغياب ، والهروب من المدرسة ، والتأخر عن المدرسة ، والسلوك السئ ، فالأبناء في المدارس هم سفراء لأسرهم ، وغالباً ما ينتج عن هذا الإهمال أبناء فاسدون أخلاقياً وسلوكياً ، وسبب لمعاناة الآباء والأمهات ، وكان يمكن تجنب هذا الفساد لو أحسن الآباء تربية أبنائهم في الصغر.
• عدم رعاية الأبناء في الصغر يجعلهم عرضة للانحراف والفساد الأخلاقي والفكري ، وسيدفع المجتمع ضريبة هذا الإهمال من الآباء ، عندما يتحول هؤلاء إلى عنصر هدم في المجتمع ، وصيد سهل لعصابات الإجرام ، ويجدون في هؤلاء الأبناء الذين يفتقدون النصح والتحصين صيداً سهلاً ، لتحقيق ما يخطط له أولئك المفسدون في الأرض سواء كانوا من تجار المخدرات ومروجيها ، أو غيرهم ، والأمثلة التي تؤكد ذلك كثيرة فمعظم الذين سقطوا في غياهب الفساد ، وأدمنوا على المخدرات ، والرذيلة من الشباب ، وصغار السن لم ينحرفوا إلا لأنهم لم يجدوا المتابعة السليمة ، والتربية الواعية من الآباء ، ووجود الرفقة السيئة ؛ وذلك بسبب إهمال آبائهم ، كما أن الكثير من الذين تبناهم دعاة الفكر المنحرف من صغار السن والمراهقين ، هم في الواقع أبناء افتقدوا للتربية السليمة والتحصين الواعي من الآباء الذين يدلونهم على الخطأ والصواب ، ويوضحون لهم الغث من السمين ، ويحصونهم من الانجراف الى مزالق الخطر.

“التربية السليمة والصحيحة تتطلب أن يمسك الأب العصى من المنتصف فلا إفراط ولا تفريط”

إن الكثير من الآباء يتعامل مع أبنائه بأسلوب تربوي خاطئ ، فتجده إما مفرطاً في تدليلهم ، أو مبالغاً في القسوة عليهم والتقتير عليهم ، وكلا الأسلوبين في التعامل مع الأبناء غير سليم ، لأن التربية السليمة والصحيحة تتطلب أن يمسك الأب العصى من المنتصف فلا إفراط ولا تفريط ، وأن يكون حكيماً في توجيهه وتوعيته لأبنائه ، وأن يكون صديقاً لهم في بعض المواقف حتى يفتحون له قلوبهم ، ويعرف مشاكلهم واحتياجاتهم ، وألا يكون بعيداً عنهم حتى لا يتركهم صيداً سهلاً لأصدقاء وصديقات السوء وما أكثرهم في هذا الزمن ، وعلى الآباء أن يهتموا ببناء الثقة فيما بينهم وبين أبنائهم ، وأن يربوهم على الأخلاق الحميدة منذ الصغر ، وأن يقوموا أي سلوك غير مقبول مباشرة بالتوجيه الواعي والنصح المتعقل المقنع.

ومن أبرز سلبيات العصر الحالي ، وأن هناك عوامل اجتماعية أثرت على التربية ، ومنها إن آباء وأمهات اليوم في الغالب لا يحسنون تربية أبنائهم ، بعد أن شغلتهم هموم الحياة ومشاغلها الدنيوية ، وأهملوا العناية بالأبناء وتربيتهم ولهذا نجد الكثير من أبناء اليوم بلا عاطفة تجاه والديه ، وهذه التربية هي السبب في انحراف الأبناء وفسادهم ، وظهور الكثير من حالات العقوق التي نسمع عنها اليوم ، التي تقشعر لها الأبدان ، وهي أمور لم يكن لها وجود في مجتمعنا ، ولكنها الطفرة التي أفسدت حياتنا وأخلاقنا وعلاقاتنا الإنسانية حتى علاقة الآباء بالأبناء وعلاقة الأبناء بالآباء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري