الخميس، 28 يوليو 2011

مذبحة أوسلو والتعايش مع المسلمين

جانب من مظاهرة ضد الاسلام نظمها متطرفون يمينيون في برلين

تباينت قراءات رئيس أكبر منظمة إسلامية أوروبية وخبيرة إعلامية ألمانية ومدير مؤسسة أبحاث نرويجية لمذبحة أوسلو، وتداعياتها علي التعايش السلمي مع المسلمين داخل المجتمع النرويجي وباقي المجتمعات الأوروبية.

واعتبر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا شكيب بن مخلوف أن مجزرة أوسلو تفتح الباب أمام احتمالين هما عودة موجات الإسلاموفوبيا والعداء للإسلام إلي أوروبا مجددا، أو التأسيس لاتفاق مجتمعي لنبذ اليمين المتطرف والتأكيد علي أهمية التعايش الحضاري ولا سيما مع الأقليات المسلمة بالدول الأوروبية.

وقال بن مخلوف إن جريمة الجمعة الماضية أظهرت تحول الجماعات اليمينية المتطرفة إلى خطر داهم، يهدد كافة الدول الأوروبية وصيغ التعايش السلمي بين مكوناتها الإثنية والثقافية المختلفة.

وأضاف "مثل قتل أندريس بريفيك 76 شخصا في أوسلو أول عمل إرهابي للقتل الجماعي في أوروبا بدافع من العداء للإسلام، ودق أجراس التحذير من انتقال اليمين الأوروبي من مرحلة الهوس بأفكار متطرفة وخطرة إلى الإقدام علي قتل الأبرياء"، ورأى أن جريمة النرويج تعكس تطورا خطرا في أساليب التيارات اليمينية المتطرفة الساعية لعزل مسلمي أوروبا وإقصائهم بعد تنامي تأثيرهم وتحولهم لفاعلين بمجتمعاتهم.

الصدمة وتداعياتها

ولفت رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية الأوروبية إلى أن مواجهة الإسلام وإقصاء أي ثقافة مخالفة يعد القاسم المشترك الوحيد بين جماعات اليمين الأوروبي المتطرف، الرافضة للوحدة الأوروبية القائمة علي مبادئ التعددية الثقافية والتسامح والعيش المشترك.

ورأت مديرة المعهد الألماني للمسؤولية الإعلامية د. زابينا شيفر أن اكتشاف النرويجيين أن القاتل "واحد منا أشقر الشعر أزرق العينيين" يمثل خطوة مهمة للابتعاد عن خطة تهويل خطر المسلمين الراسخة في عقول كثيرة، والتي ظهرت في تسرع الإعلام الأوروبي باتهام الإسلاميين بارتكاب المجزرة".

ولفتت شيفر إلى "أن القاتل واحد منا" تعني في المقابل أن "المسلمين ليسوا جزءا منا"، وهو ما يعني أن أمام الأقلية المسلمة طريق طويل باتجاه المواطنة الكاملة.

وفي نفس السياق أشار مدير المعهد النرويجي لأبحاث السلام كريستين بيرغ هاربفيكين إلى أن صدمة النرويجيين من اكتشاف هوية مرتكب المجزرة كانت ستتحول إلى مشكلة أكبر لو كان القانل مسلما، ولفت إلى أن سوء الظن الموجود في النرويج وأوروبا تجاه المسلمين عبر عن نفسه بتعدي نرويجيين علي مسلمين في الشوارع بعد وقوع المذبحة لاعتقادهم أن مرتكبها مسلم.

وتخوف هاربفيكين من حدوث تحول شعبي في النرويج بعد المجزرة باتجاه اليمين المتطرف، ولفت إلى أن 12% من سكان هذا البلد هم من أصول أجنبية منهم 17% مسلمون أكثرهم من باكستان والعراق والصومال، وأشار إلى أن حزب التقدم المعادي للإسلام الذي انشق عنه القاتل أندريس بريفيك يحصل في الانتخابات العامة علي نسبة تتراوح بين 20% و30% من أصوات الناخبين، وتوقع أن تسهم مذبحة أوتويا في زيادة صعوبة تحول النرويج من مجتمع أحادي الثقافة إلى متعدد الثقافات.

تصورات للمستقبل

وبخصوص تصورات المستقبل اعتبر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا أن الاتحاد الأوروبي بات مطالبا بعد مذبحة النرويج بتشكيل خلية أزمة لمواجهة تنامي التيارات اليمينية المتطرفة، وتعزيز انفتاحه على مكوناته الثقافية المختلفة بما فيها المسلمون.

ونبه شكيب بن مخلوف إلى أن "تضامن الأقليات المسلمة في النرويج وأوروبا مع الشعب النرويجي -بعد المذبحة- عكس أحساس مسلمي أوروبا بالانتماء لمجتمعاتهم وإدراكهم أن ما يضرها يضرهم"، ودعا الإعلام الأوروبي لإعادة النظر جذريا بأسلوب تعامله مع الإسلام، وتغطية القضايا المتعلقة بالمسلمين بنفس معايير تغطيته لقضايا فئات أخرى.

واعتبر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية الأوروبية أن تعمد ربط وسائل إعلامية أوروبية بين الإسلام وما يسمى الإرهاب وتعجلها في نسبة مجزرة أوسلو إلى إسلاميين مفترضين يعبر عن رغبة في تعزيز الصور الجزافية المسبقة تجاه المسلمين، ونبه إلى أن دراسة سويدية كشفت أن من بين 1700 حادث إرهابي وقع في أوروبا بين عامي 2006 و2009 أرتبط 0.43% منها فقط بمسلمين.

ومن جانبها دعت الباحثة زابينا شيفر لفتح نقاش مجتمعي جاد في أوروبا بشأن معنى حرية الرأي والتحريض ضد الآخر، ونبهت إلى أن الكثير من مدونات الشبيبة الأوروبيين المنتمين لليمين المتطرف تستند في موادها ومضامينها بشأن الإسلام والمسلمين إلى ما يروجه الإعلام والأوساط المسيحية المتطرفة منذ التسعينيات .

وأشار مدير معهد بحوث السلام في أوسلو إلى أن تنامي التعاطف الشعبي مع أطروحات اليمين المتطرف أصبحت مشكلة موجودة في كثير من الدول الأوروبية وليست قاصرة على النرويج أو الدول الأسكندنافية، ونبه كريستين بيرغ هاربفيكين إلى أن السعي لمنع جماعات اليمين المتطرف من التعبير عن آرائها سيؤدي للجوئها للعمل السري تحت الأرض.

تعليق

بريفيك قدم خدمة لمسلمي أوروبا من حيث لا يدري، إذ بينت فعلته للرأي العام الأوروبي أن الإرهاب لا دين له. وهذا الدرس ليس الأول من نوعه. المشكلة هي أن الإعلام المعادي للمسلمين يطوي مثل هذه الحادثة بسرعة ويهمشها، ويركز على التهديدات الفارغة التي يتشدق بها أمثال الضواهري والقذافي. لذا ندائي إلى شباب الإنترنت: افتحوا مواقع حوار مع شباب أوروبا في مسألة الإرهاب والعنصرية.انتقدوا إرهاب بوش والصهاينة والنازية الجديدة. لكن انتقدوا أيضا إرهاب القاعدة وغيرها، وكونوا مع المظلومين، بغض النظر عن دينهم وعرقهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري