الجمعة، 13 نوفمبر 2009

حراك هستيري بمصر قبل مباراة الجزائر

  • الشارع المصري يعج بالشعارات المؤيدة للمنتخب
    من يتجول في شوارع القاهرة لا يسعه إلا أن يرصد حالة من الحراك الهستيري بين الشباب المصري الذين يتحركون في مسيرات جماعية تحمل أعلام بلدهم، وتجهر بالهتافات للمنتخب المصري لكرة القدم الذي يخوض مباراة فاصلة مع نظيره الجزائري مساء السبت يتأهل الفائز فيها للمونديال.
    ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل إن الفضائيات المصرية الرياضية وغير الرياضية، وكذلك الإذاعات والصحف باتت تعج بالشعارات وحملات الدعاية التي تشبه حالة الحشد التي تسبق خوض المعارك والحروب.
    وتحظى المباراة باهتمام لم يسبق له مثيل بين الجماهير المصرية زاد من أهميتها أجواء الشحن الإعلامي الذي مارسته وسائل إعلام مصرية وجزائرية، وكادت أن تلوث الأجواء الودية بين الشعبين.

    المسؤولية جزائرية
    الساحة الرياضية المصرية تلقي بالمسؤولية في هذه الأجواء على الجانب الجزائري باعتبار أن من بدأ بحرق العلم المصري وحرق قميص المنتخب المصري هم المشجعون الجزائريون، وأن الصحف الجزائرية هي التي بدأت في الهجوم على مصر.
    نجم المنتخب المصري السابق إبراهيم حسن اعتبر أن ما تقوم به الفضائيات المصرية والبرامج الرياضية هو مجرد رد فعل على ما قامت به بعض الصحف الجزائرية من إساءة لمصر وللاعبي المنتخب المصري.
    الشعب المصري شعر بإهانة عندما شاهد الجمهور الجزائري يحرق العلم المصري رمز الدولة ويحرق قميص المنتخب المصري، معتبرا أن مثل هذه السلوكيات لا تصح ولا تليق بشعبين تربطهما علاقات أخوة ودم ودين ولغة وتاريخ.
    وأضاف أن مباراة السبت هي مجرد مباراة وليست حربا بين بلدين، ومن يتأهل للمونديال لابد أن يتلقى التهنئة من الجانب الآخر لأن من سيمثل أفريقيا سيكون فريقا عربيا في النهاية، مشيرا إلى أن الشعوب العربية تحتاج إلى أن تتعلم ثقافة "الروح الرياضية" وتتعامل بتحضر مع نتائج المباراة لأنه لابد من وجود فريق فائز وهذه هي قواعد وقوانين اللعبة.
    واعتبر حسن أن وضع صور لاعبي المنتخب المصري على صور الفنانات المصريات وإطلاق التسميات النسائية عليهم في الصحف الجزائرية وفي منتديات الإنترنت هي إساءة للمصريين، مذكرا بأن مصر هي الشقيق الأكبر الذي يجب أن يلقى احتراما من الشعوب العربية.
    واعتبر النجم الدولي السابق أن العقلاء في الإعلام المصري قد تحركوا بسرعة لاحتواء أزمة كان يمكن أن تخرج عن حدود الخلاف الكروي لتتسع إلى ما هو أبعد من ذلك، مشيرا إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت شدا وجذبا داخل الإعلام المصري إزاء طريقة معالجة الأزمة حيث ظهرت مبادرات عاقلة أدت إلى تخفيف حدة التوتر بين جماهير البلدين.
    وتتعالى أصوات أبواق السيارات على مدار الساعة في شوارع القاهرة التي تكتظ بالمشاة وخاصة من الشباب بينما تشهد منافذ بيع تذاكر المباراة تكدسا غير مسبوق، وقد وصل سعر تذكرة الدرجة الثالثة إلى 200 جنيه مصري (50 دولارا) كما نشطت شركات الاتصالات والدعاية في توزيع ملصقات تدعو بالنصر للمنتخب المصري وتحشد الجماهير للزحف إلى ملعب القاهرة.
    فراغ سياسي واعتبر المفكر والباحث المصري عمار علي حسن أن التعصب الذي يسيطر على الشارع المصري قبيل هذه المباريات يعود إلى سيطرة مجموعة من الجهلاء وضيقي الأفق من نجوم الرياضة السابقين على المنابر الرياضية مستغلين نجوميتهم في شحن الشارع. أن من العوامل التي تزيد من حدة هذا التعصب حالة الفراغ السياسي التي يعاني منها الشباب في البلدين حيث يفتقد هؤلاء الشباب إلى المؤسسات والجبهات السياسية الفاعلة والقادرة على جذب الشباب إلى حياة سياسية حقيقية، ومن ثم توجه ذهن هؤلاء الشباب إلى الرياضة التي باتت في السنوات الأخيرة تغذي أحلام الصغار بالثراء السريع والنجومية والنفوذ السياسي والاجتماعي أيضا.وانحى باللائمة على الإعلام في مصر الذي يسيطر عليه " شلة" من أصحاب رأس المال أصبحت تمتلك القدرة على توجيه دفة الإعلام المقروء والمسموع والمرئي بما يزكي هذا التعصب، مضيفا أن الشباب في البلدين -خاصة محدودي الثقافة- وجدوا كذلك في منتديات الإنترنت ساحة للتواصل تم استغلالها في التنابز بالألقاب من قبل المتعصبين من الجماهير الذين لا يعرفون شيئا عن التاريخ والنضال المشترك الذي يجمع بين مصر والجزائر.وقال المفكر المصري أيضا إن جمهور البلدين في حالة تعطش لإنجاز من هذا النوع في الرياضة بعد إخفاق كل من الدولتين في الوصول إلى المونديال خلال العقدين الأخيرين، ومن ثم جاء النفخ الإعلامي ليؤدي إلى حالة من الاحتقان حتى صوّر الإعلام المصري أن قيام مشجع واحد أو مجموعة مشجعين بحرق العلم المصري على أن الشعب الجزائري كله هو الذي حرق العلم المصري وهو أمر عار عن الصحة.
    كما انتقد التحرك السياسي الخافت والباهت لسياسيي ومثقفي البلدين، واصفا إياه بأنه تحرك بطيء وبعيد عن الأضواء وهو ما فسح المجال أمام طغيان التعصب على العقلانية والرشد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ضع تعليقك وأترك بصمتك علي الموضوع مع خالص أحترامي وتقديري